قد يجد المتتبع للشأن الفلسطيني ما يحوم من تعقيدات حول استحقاقات وطنية وضرورية للشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال والحصار ، ولاول مرة في التاريخ تقوم عملية انتخابات تشريعية ورئاسية لتداول السلطات في ظل الاحتلال ، وببرنامج فريد من نوعه وبابتكار سياسي وامني اجيزت الانتخابات بموجب اتفاق اوسلو وبضغط امريكي ، ولسلطة اصبحت لا تمتلك شيئا من قدرها او تمتلك اي وسائل حماية وصيانة للحقوق في ظل احتلال اكتسح مستوطنيه ومستوطناته غالبية الارض في الضفة الغربية ولاتمتلك السلطة الا من 9% من اراضي فلسطين التاريخية بسيطرة ادارية وتفويض امني وبموجب التزام السلطة به وهو البند الذي يمثل البند الثاني في خارطة الطريق وبنود اخرى في اتفاقية اوسلو ، بل وبمنطق البرنامج السياسي التفاوضي الذي يرفع حل الدولتين وبمطالبة اسرائيل بتسكين المستوطنات والتبادلية في الاراضي تصبح سيطرة السلطة في ظل اللمفاهيم الامنية والمبادرة الفرنسية والمؤتمر الدولي التي تطالب به السلطة والمرحلة الثانية في المبادرة الفرنسية وبحيث لا تتجاوز 18% من اراضي فلسطين التاريخية ، اما ما تسيطر عليه اسرائيل من اراضي الدولة المختزلة على حدود 67م فهي تمثل حوالي 65% من اراضي الضفة .
امام هذه الخرائط السياسية والامنية والديموغرافية اصبح هناك استحقاقات للشعب الفلسطيني لتجديد شرعياته وقيادته ومؤسساته المنهارة على مدى اكثر من عقدين وربما كانت الاستحقاقات ايضا ومن اهم دوافعها حالة الانقسام السياسي والامني بين منظمة التحرير وفتح والقوى الوطنية وبين الاسلام السياسي الذي اقتسم ما تبقى من ارض الوطن في الضفة وغزة وفي مناخات وجود الاحتلال .
وان اخذنا بنظرة الجد والتفاؤل حوارات الدوحة الاخيرة في ابرام مصالحة تعالج كل المشاكل والعقد التي نتجت عن الانقسام بتشكيل حكومة وحدة وطنية تعد لانتخابات رئاسية وتشريعية سواء على نطاق السلطة او منظمة التحرير وفي مدى ستة شهور من تشكيلها ، وربما ان الطرفين الان يحتاجان للعبث بالوقت لمناخات ذاتية واقليمية ، وربما يتذكر الشارع الفلسطيني ما حدث لحكومة التوافق بعد تشكيلها وفشلها وفشل الاعداد او تنفيذ ماتم الاتفاق عليه سواء من هذا الطرف او ذاك ، فاننا سننظر لمقدار نسبي وليس مطلق لامكانية حدوث انتخابات بعد 6 شهور من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لاساب متعلقة ليست فقط بالارادة الفلسطينية بل بشركاء اوسلو اقليميا ودوليا وموقفهما من انجاز تلك المصالحة وتجديد الشرعيات . وهل ستسير العملية الانتخابية بالقدس او بدونها وهل ستسهل اسرائيل اجراء الانتخابات وهل يعتبر المجتمع الدولي وعلى رأسه امريكا بان تجديد الشرعيات اصبح استحقاق سياسي دولي ايضا .
وهل ستتفق دول الاقليم المتناقضة على خيارات الحل الديموقراطي لحسم كثير من القضايا السياسية والتشريعية عند الفلسطينيين ...اسئلة كثيرة تكاد تكون اوراقها او اغالبيتها خارج الارادة الفلسطينية .
اجمالا نما الى علمنا ان هناك قوى فلسطينية بدأت عملية حصر لقوتها الانتخابية في الشارع الفلسطيني وفي المربعات التنظيمية لها ، وان تجاوزنا كل التعقيدات ، تمثل فتح الان حزب السلطة برئاسة السيد عباس ، فتح المهلهلة المنفسمة داخليا والتي فقدت معظم حاضنتها الشعبية نتيجة مسلكيات سلوكية وسياسية ماضية وفشل سياسي مثله نهج عباس ومركزيتها ، فتح التي تركت مربعات من الفراغ تم ملئها من الاسلام السياسي في السابق ةخسرت في البلديات والتشريعي .
ماذا امام فتح من خيارات في الانتخابات القادمة :-
الى الان فشلت كل محاولات راب الصدع لتوحيد فتح امام عند واصرار من السيد عباس وحفنة من حوله.... ونتذكر علم السيد عباس بخسارة فتح في الانتخابات الماضية وبرغم ذلك اصدر مرسوم اجراء الانتخابات التشريعية وعلى حد قوله بضغط امريكي ..!! ولم تعمل قيادة الحركة في حينها على ترميم ما تم افساده في السلوكيات والاطار الفتحاوي وبالتالي فتح لم تدخل موحدة ، والان تكاد تكون الظاهرة اخطر من عامي 2005م وعام 2006م ، فهل سيتجه السيد عباس بالخول في قائمة واحدة موحدة مع فصائل منظمة التحرير ليتلافى حالة الضعف الذي يمثلها اطاره ونهجه الفتحاوي ، وهل من اقصاهم السيد عباس سيكون امامهم خيار وحيد وممر وحيد للدخول بقائمة مستقلة ، ام سيتجهون ايضا للائتلاف مع بعض القوى الفلسطينية ضمن معادلة محسوبة ودقيقة .
اعتقد ان لاحت افق الانتخابات فاعتقد ان فتح بانقسامها الداخلي وضعفها مالم تتخذ خطوات ذات مسؤلية وطنية عالية من السيد عباس لالتئام الجرح الفتحاوي والوطني فان فتح وكما كانت في السابق طليعة المشروع الوطني فانها في خطر بل البرنامج الوطني ومؤسساته في خطر ، وكما قالت مصر بدون وحدة فتح فان موقفكم ماساوي ولن تكونوا القوة الاولى في الساحة الفلسطينية .
بقلم/ سميح خلف