عندما نتحدث عن أهمية ودور الشباب فاننا نتحدث عن مصير مجتمع باكلمه ولا يمكن عزله باي حال من الاحوال في بناه وعلاقاته وديناميات تطوره، خصوصاً ان الشباب هم العماد البشري للبناء المستقبلي لأي مجتمع.
مع ذلك فإن مساهمتهم الفعلية في بناء هذا المستقبل موضع تساؤل وصراع، بما في ذلك ما يتعلق بصورة هذا المستقبل نفسه.
ان مقاربة موضوع الشباب من منظور الديناميات والمستقبل، يعني الالتفات خصوصا الى واقع التناقض او التوافق بين حجم هذه الفئة الكبيرة – لاسيما في المجتمعات الفتية مثل المجتمعات العربية – وبين القيود التي تحد من دورهم القيادي الراهن والمستقبلي بمقدار ما يكون المجتمع محافظا وتقليديا بالمعني الاجتماعي. وفي هذا السياق، فان اختلاف الخصائص والديناميات الاجتماعية بين مجتمع وآخر تؤدي الى وضعيات علائقية مختلفة للشباب لجهة موقعهم وعلاقتهم الداخلية وبالمجتمع ومكوناته. وبمقدار ما يكون التناقض كبيرا، بمقدار ما تزداد عناصر التأزم.
حملت ثورات الشعوب آمالاً عريضة للشباب، وكانت لهم بمثابة بشرى بواقع جديد ينهي حالة التهميش الأزلي التي كانوا يعيشونها، ويفتح أمامهم آفاق المشاركة في صناعة واقعهم وتقرير مصير مجتمعاتهم.
وبعد النتائج التي جاءت بها ، اختلفت التفسيرات في الأساليب التي قادت إلى عدم تحقيق آمال الشباب، لكن المؤكد أن هذا قاد في الكثير من بلدان الوطن العربي إلى خروج الشباب من معادلة الفعل وعودتهم إلى مواقعهم القديمة، إلى صف التهميش، مبعدين قصرا أو عازفين بإرادتهم عن المشاركة في الفعل السياسي.
وهناك نماذج كثيرة منها الشأن الفلسطيني ،عزف الشباب عن المشاركة السياسية ،وهذا راجع الى عدم الثقة في السياسة وعدم الحضور في مواقع القرار ،خاصة أن الاحزاب والتيارات السياسية باتت غير قادرة على إنتاج خطاب يغري الشباب أو يعمل على إدماجهم في هياكلها. وأن السياقات التي جاءت بشكل مفاجئ، لم تعطِ الشباب فرصة ليتحضر بشكل جيد للمشاركة في الشأن العام.
والمتتبع... فان الشباب أمامه تحديات كبيرة، والأحزاب والقيادات لا تستطيع تلبية مطالبهم، والشباب يحتاج إلى تحويل الشعارات والأمنيات والوعود إلى واقع عملي، لأنه بدأ يفقد الثقة في الأحزاب السياسية.
وأؤكد مراراً وتكراراُ أن الشباب أصيب بصدمة وخيبة أمل من حيث هيكل الحكومة الذي يرفض الشباب الواعد .
ولا شك أن الوضع السياسي والأمني في الوطن العربي عامة وفلسطين المحتلة خاصة يتجه إلى الأسوأ، ولا مناص من تحمل التبعات التي ظهرت والتي لا تزال، والأهم تلك التي تسيّس على حساب المصالح؛ ليبقى المشهد مشوشاً، وحاضراً للتدخل في أي وقت ما دام الإرهاب ذريعته الكبرى، وفاتورته تدفع، وأجنداته تنفذ، والخافي أعظم!.
الا أن الواقع مخجل، ومخيف، ومثير في تطوراته وتداعياته فترك لنا إرثاً ثقيلاً من التخلف، والإرهاب، والتعصب، ووصلنا معه إلى حالة يأس وإحباط وما آلت اليه من فساد وظلم وقتل روح وطموح الشباب وأصبح يعيش في ضجيج مزعج ودائرة مغلقة خانقة .
لذا واجبنا البحث عن حلول لوضع حد لكل هذه الاشكاليات والضغوضات التي تقع على عاتق الشباب من خلال تعزيزه واحتوائه باعتباره صاحب قرار لبناء مجتمع سليم وصحي.
بقلم :غادة طقاطقة