كانت فلسطين قضية العرب الاولى في مؤتمراتهم ولقاءاتهم واجتماعاتهم وتصريحاتهم وفي مناسباتهم القومية .... كان يما كان ....ولكن السؤال هنا .... ؟ ماذ تغير وتبدل ..؟؟ قد يكون المؤثر سيل من التاريخ والتوازنات الدولية والاقليمية ، وقد يكون المعادلات الدولية فرضت نفسها اقليميا على واقع القضية الفلسطينية ، وقد يكون هذا المؤثر اخترق ايقونة الشعب الفلسطيني السياسية .
ولكي لا نلقي اللوم والاتهام على الواقع الاقليمي ومؤثراته على البرنامج الفلسطيني ، بالتاكيد ان العامل الذاتي والمناخات الداخلية الفلسطينية كان لديها الاستعداد لاستقبال هذه المؤثرات ، بل ربما كان البرنامج السياسي الفلسطيني هو المحفز لدول الاقليم لان يكون لها تراجعات جوهرية حول مباديء الصراع مع المشروع الصهيوني ، وبالتحديد برنامج المرحلية والنقاط العشر ومن ثم اللحاق بركب الاعتراف العربي بقراري مجلس الامن 242 و338 بل دخول قيادة منظمة التحرير انفرادي في مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي انجبت اتفاق اوسلو ، وبالتالي كان اتفاق اوسلو هو تحييد الخيار العربي والقوة العربية ومنشطاتها عن دائرة الفعل المتمسك بثوابت الصراع ، لم تستغل القيادة الفلسطينية الزمان والمكان بالشكل المناسب لادارة الصراع عندما كانت الانظمة والشعوب توفر حاضنة كبرى لنظرية الكفاح المسلح ، فكان الفساد السياسي الذي انجب فساد مالي وسلوكي وفساد برمجي ظواهر عزلت القيادة بعيدة عن حاضنتها لتقع فريسة عبر ما يسمى المفاوضات وحل الدولتين لمشاريع اسرائيلية تقوم بالتهويد المتسارع لما تبقى من الارض الفلسطينية في الضفة وعزل قطاع غزة وبغية فرض الامر الواقع الذي يمكن تلخيصة بان مستقبل فلسطين في غزة .
رؤساء وملوك وامراء الدول العربية ومع تطور الاثار السلبية لما يسمى الربيع العربي وبروز التناقضات المذهبية والعرقية والقبلية اصبحو مشغولين بما يهدد كيانياتهم الوطنية ن فلم تعد فلسطين ولو في برنامجها الوطني المختزل بدولة في الضفة وغزة ذات اهتمام يفوق المؤثر من الرمال المتحركة التي تهدد حدودها او تخترق مكيانياتها بل الجيوش الوطنية اصبح من مهامها الوحيدة والرئيسية حماية الدولة والتراب من تلك الرمال والمتغيرات والتي اصبحت تتمثل على هيئة احلاف واقطاب ، ولذلك لاتناقش قضية فلسطين في زيارات الملوك والرؤساء في زياراتهم لرؤساء الدول الغربية ، بل كل الهم هو الهم محاربة الارهاب وهنا اصبح الارهاب كما تدعي دول الغرب الارهاب السني في مربع والارهاب الشيعي في مربع ، هذه المصطلحات والتعاريف السياسية لم تكن يوما موجودة في القواميس السياسية والاجتماعية والثقافية للدولة الوطنية .
قمة الخليج العسكرية وبحضور الطرف الامريكي وتلاها قمة قادة الخليج وبحضور الرئيس الامريكي اوباما ، لم تكن فلسطين والقدس والاحتلال والتهويد والاستيطان على قائمة جدول اعمالها ، فالقضية الفلسطينية مغيبة عن واقع الحدث والمتغير امام صراع الاعتدال السني بقيادة السعودية ومع القطب الاخر الذي تمثله ايران ومحاولة كلا الجانبين فرض ما يمكن الحصول عليه من خرائط سياسية ، واهمها محاصرة قوة داعش واللقاعدة من ناحية ومحاصرة النفوذ الايراني من ناحية اخرى .
قد تكون المعادلة ما لها من التعقيد والخطورة لكل الاطراف ما يفرض تغيب القضية الفلسطينية عن تلك الاجتماعات واللقاءات ، ولسبب اخر ان القيادة الفلسطينية قد استسلمت لنهج عملت به منذ اكثر من عقدين ولم تتغير مع التغير الحادث في المنطقة سواء على الصعيد الاقليمي او الدولي او حتى الذاتي ، ولذلك رسمت التحالفات في المنطقة بدون فلسطين واصبحت اسرائيل عضوا مهما في معادلة الحرب على الارهاب ، هذا المصطلح الذي زحفت تعريفاته على مقاومة الشعب الفلسطيني وهو حق مشروع في القوانين الدولية . القيادة الفلسطينية لم تلتفت للواقع الاقليمي بل ذهبت شطحاتها لمبادرات دولية كمثل المبادرة الفرنسية التي ستضاف لمجمل المبادرات والتراكمات المخزنة في الامم المتحدة ، وكما هو الحال للواقع الذاتي الفلسطيني التي عجزت فيه قيادة الشعب الفلسطيني من وضع معالجات للواقع الفلسطيني كالانقسام والتفتت الداخلي والتسطيح الثقافي وعوامل الفقر والبطالة التي اصيب بها المجتمع الفلسطيني نتيجة غزوات وبرامج غير مدروسة اثرت بل ستؤثر على واقع القضية واصولها التاريخية والحضارية على الارض الفلسطينية .
سميح خلف