مصر... بذكرى تحرير سيناء

بقلم: وفيق زنداح

الخامس والعشرون من شهر ابريل بكل عام ... تحتفل مصر وشعبها وقواتها المسلحة بذكرى تحرير سيناء ... التي احتلت من قبل اسرائيل ابان حرب الخامس من حزيران 67 .
مصر وشعبها وقواتها المسلحة وكافة اجهزتها ومؤسساتها... لم تستسلم لهذا الاحتلال الغاشم ... بل عملت منذ اللحظات الأولى على شن حرب الاستنزاف والتي دفعت العدو الاسرائيلي الكثير من الأثمان والخسائر البشرية والمادية بقواته المحتلة على الأرض وداخل البحر ... كما عملت القيادة المصرية ومن خلال القوات المسلحة والأجهزة ذات العلاقة بها على استكمال الاعداد والتجهيز ... حتى جاءت لحظة السادس من اكتوبر 73 ... حيث شنت القوات المصرية حربا بلا هوادة.. برا وبحرا وجوا ... وفرضت ارادة مصر على المحتل الاسرائيلي ... الذي لم يرى مناصا من الانسحاب والقبول بقرارات الشرعية الدولية والتي تنص على الانسحاب ... وعودة السيادة المصرية لشبه جزيرة سيناء .
انتصار عسكري وسياسي وتفاوضي حققته مصر بإرادتها وبالتفاف شعبها من حولها ... ونحن بهذه الايام ... وبالذكرى ال 34 لتحرير سيناء ... والتي تحمل بطياتها معاني ودلالات ومؤشرات حقيقية تؤكد ان مصر وقيادتها وقواتها المسلحة قد أكدت بالأفعال وليس بالأقوال حرصها على كل ذرة تراب ... وعلى كل شبر أرض ... وأن السيادة الكاملة غير المنقوصة ... مبدا ثابت بالسياسة المصرية ... ولا يسمح بالمجادلة حوله... موقف ثابت وراسخ داخل العقلية السياسية والمنهجية الوطنية ... والعقيدة الأمنية المصرية .
متابعة لمراحل تاريخ الصراع ... وحتى ما بعد حرب أكتوبر 73 والانسحاب الاسرائيلي ... وما تبقى من أرض مصرية محتلة ... وما جرى من مفاوضات طابا الاخيرة بين اسرائيل ومصر ... والتي اكدت على الاصرار المصري ... والتمسك بالحدود الدولية ... وعدم الانصياع لرسائل التهديد والوعيد ... من خلال عدم التنازل عن متر واحد ... او شبر واحد من الاراضي المصرية ... وهذا ما تأكد تاريخيا بالعقيدة المصرية ... بأن السيادة على كافة الحدود ... والأرض من فوقها ومن تحتها بجبالها وسهولها ... سيادة لا نقاش حولها ... ولا جدال بمضمونها ... على اعتبار أن الحق الكامل ... تعبير عن السيادة الكاملة .
ذكرى تحرير سيناء ... أرض الفيروز ... هذه الأرض المجبولة بدماء الالاف من أبناء مصر الشرفاء من القوات المسلحة ومن اهالي سيناء المصريين الشرفاء ... الذين ضحوا بدمائهم وارواحهم فداء أرضهم وحريتهم وسيادتهم .
كل عام تحتفل مصر بذكرى تحرير سيناء ... وفي كل عام هناك الجديد من التأكيد ... كما أن هناك الجديد من التحديات التي تزداد بمواجهة حركة التغيير والبناء صوب مصر المستقبل ... والمساعي المبذولة ... والخطط المدروسة ... والاستثمارات التي تزداد على مدار اللحظة لمواجهة مجمل التحديات الاقتصادية ... والمخططات الارهابية التي تجري خيوطها داخليا وخارجيا ... من قبل قوى معادية تريد الشر والخراب ... ولا تريد الاعمار والتنمية .
سياسة مصر المتوازنة ... القائمة على العدل والحق ... انما تؤكد على سلامة النموذج القيادي العروبي القومي ... الذي يؤكد مجمل السياسات التي لا تقبل التأويل والتلاعب كما وترفض الخروج عن النص الوطني القومي ... سياسة واضحة وثابتة ... تحترم كلمتها ... كما تلتزم بمواقفها ... وتعهداتها وقراراتها ... كما تحترم كافة القوانين المنظمة للعلاقات الدولية مع الدول الصديقة والشقيقة والذي يحترم سيادة كل دولة في سياق ومضمون المواثيق والاعراف الدولية .
مصر العروبة ستبقى تمثل النموذج ... والمثال التاريخي والقيمي الذي يجب أن يكون قائما ... وملزما ... لكافة الدول ... ثقافة سياسية قانونية اخلاقية تلتزم بها مصر ... كما تطالب بالزام الاخرين بها ... هذه ركائز السياسة المصرية التي تحظى بالاحترام والتقدير كما وتلزم الاخرين بالتعامل بمثلها ... ووفق مبادئها .
مفاوضات طابا والتي كانت أكثر تعقيدا من مفاوضات كامب ديفيد ... انتهت الى حيث اراد المفاوض المصري ... وتم الانسحاب الكامل ... وعادت السيادة الكاملة ... ورفرف علم مصر العربية على كافة المناطق الحدودية البرية والبحرية ... في لحظات نصر عظيم ووفاء لا يوصف ... لكل من استشهد ... وقدم التضحيات ... لهذه الأرض المباركة التي لا بعرف قيمتها الا من ضحى لأجلها ... ولا يقدر ثمنها الا من دفع بروحه ودمائه لأجلها ... هذه الأرض التي تحررت بفعل خير اجناد الأرض من القوات المسلحة المصرية الذين استبسلوا لأجل حريتها ... ودفعوا الثمن غاليا لأجل عودة السيادة عليها ... هم الأقدر والأحرص على الحفاظ عليها ... وهم من يعرفون حدودها وتضاريسها وجبالها وسواحلها .
هؤلاء هم انفسهم الذي لا زالوا على عهدهم وتضحياتهم ... ومواجهتهم المفتوحة لعناصر الارهاب الأسود ... الذين يحاولون تعكير اجواء الانتصار ... وادخال هذه المنطقة في اتون هذا الارهاب المدمر ... الذي لا يوفر الأمن والسلام للشعب المصري في شبه جزيرة سيناء ... هؤلاء الارهابيين الذين يحاولون بكل همجيتهم وارهابهم وقتلهم ... محاولة ارجاع الساعة الى الوراء ... والعودة بناء الى تاريخ مظلم ... لقتل الآمال ... وتهجير الناس ... وانهاء كافة الجهود التنموية التي تعمل من اجل النهوض بهذا الجزء العزيز من الارض المصرية التي تحمل في باطنها اشرف وأنبل الشهداء ... كما تحمل على ارضها قبائل عزيزة ومواطنين صالحين ... عملوا مع دولتهم لأجل عودة سيادتها ... وتعزيز حريتها ... ورفع علمها .
الالاف من القادة والضباط والجنود ... كما الالاف من ابناء سيناء ... ومن ابناء مصر العربية سقطوا شهداء لأجل حرية ارضهم ... شهداء اصرارهم على السيادة الكاملة ... والحرية التامة ... والذين يؤكدون بكل عام ... وبكل ذكرى لتحرير سيناء ... أن الاجيال تجدد عهدها ... ووفائها واصرارها على حرية أرضهم وسيادتهم عليها ... لأن من ضحى بالدم والشهداء لا يتنازل عن شبر واحد ... ولا يتهاون بحق ... ولا يتنازل عن ذرة تراب ... وأن محاولة البعض القليل من المعروفين والمعهودين بضلالهم وعدم مصداقيتهم ... وارتباطاتهم ... والذين يحاولون ممارسة مزايداتهم على شعب مصر العظيم وجيل نصر أكتوبر وكافة ابناء القوات المسلحة ... والاجهزة الحكومية ... بمحاولتهم من خلال مسرحيتهم ... وخداعهم ... وكأنهم احرص على الأرض ... من الذين ضحوا من اجلها ... محاولة مكشوفة ... وفاشلة ... وعارية تماما عن الصحة والمصداقية .
ان التحديات المتزايدة بمواجهة مصر شعبا وحكومة وحتى بمواجهة مصر بكافة مناسباتها الوطنية التي أكدت انتصارها كما وأكدت على حرية ارادتها يكشف للجميع ان هذه القلة القليلة لا زالت تعمل كخفافيش الظلام ... ولا زالت تلعب على اوتار الازمات استغلالا لأحداث طارئة ولقرارات صعبة تخدم اقتصاديات البلاد وتعزز مفاهيم التنمية وتوفر مناخ الاستثمار حتى يأتي على مصر سنوات الرخاء الاقتصادي مع العام 2020 م لتصبح مصر قوة اقتصادية لا يستهان بها في ظل خروج الغاز المصري وبكميات هائلة ستحدث انقلابا اقتصاديا تنمويا استثماريا سيزيد من معدل دخل المصريين على المستوى الفردي والقومي وحتى تتخلص مصر نهائيا من أزماتها الاقتصادية التي يلعب عليها ومن حولها كل اعداء مصر واستقرارها وامنها ونموها المستمر.
كل التحية لمصر بذكرى تحرير سيناء ... ذكرى تجديد الآمال بعهد الاوفياء والمخلصين ... والقادرين على حماية ارضها وسيادتها ... وعام جديد من الفشل المتراكم لكافة القوى الشريرة والظلامية التي لا تريد خيرا وامنا لهذا البلد العربي .

الكاتب/ وفيق زنداح