ثمة معادلات اقليمية ودولية لها علاقة بواقع الانقسام السياسي والامني والذي قد يؤدي الى انقسام جغرافي تتفتت فيه معالم بل جوهر القضية الفلسطينية بعمقها التاريخي ، ولكي لا نكون من المروجين لسلوكيات الاحباط واليأس ولأي محاولات تتم للخروج من هذه الازمة ، فأن اي محاولة هي عمل ايجابي ولو كانت عاطفية وتأخذ اطار تنظيمي او شعبي او جماعي ، فمؤثرات الانقسام لم تطال الحالة السياسية والامنية فقط بل طالت كل شيء في الواقع الوطني بدء من الاسرة الفلسطينية الى المؤسسة الى البرنامج الوطني والنظام السياسي الذي يجب ان يكون معبرا عن كل الشعب الفلسطيني في معالجاته لقضايا الصراع .
ولكن اين كل تلك المحاولات ومؤثراتها على تعديل بل تراجعات ادوات الانقسام في الساحة الفلسطينية عن برامجها ومنهجياتها التي كل منها تسير في منهجية مغايرة للاخرى وبالتاكيد ان تلك المنهجيات تسير بشكل او بأخر في وضع معالجات للوضع القائم بشراكة مع الاحتلال مما سبب تراجعات للموقف العام الوطني من الاحتلال وسلوكه ورغباته، ومع فقدان الشعب الفلسطيني خصائص تاريخية في الصراع تخص الحقوق والمقدسات والتاريخ والثقافة والجغرافيا.
ظاهرة وطنيون لانهاء الانقسام اتت اكثر نضوجا من محاولات سابقة قام بهاء الشباب الفلسطيني ونخب بل وفصائل فلسطينية ، ولكنني ارى فيها محاولة عاطفية مرتبة تأخذ الشكل الاداري والتنظيمي من رأس الهرم كاللجنة او الهيئة التاسيسية المشكلة من نخب فلسطينية محدودة بمكونها الاساسي من كوادر من التنظيمات والقليل القليل من المستقلين ، تلك اللجنة التاسيسية التي سينبثق عنها لجنة تحضيرية تتفرع كلجان في كل محافظات الوطن ، وبالتالي المكون الفصائلي في تلك اللجنة هم يعتبرون كمناديب لفصائلهم وان حاول البعض ان ينفي تلك العلاقة ، المهم هي محاولة عاطفية سيكولوجية ذات اهداف وافق محدود لا يأخذ في الاعتبار عمق المشكل التكويني والازمة وارتباط ذلك كله بالمشروع الاقليمي والدولي الذي هو اقوى واكثر تأثيرا وصياغة لمستقبل فلسطين بل المنطقة كلها .
من السهل ان يرفع الطفل في مدارس الابتدائي لوحة تعبر عن انهاء الانقسام وكذلك العامل والمراءة وكل المكونات الطبقية والمهنية والعمرية، ولكن مدى تأثير هذا على عمق الازمة واتجاهاتها وعناصرها .
المتحدثون الرسميين لمبادرة وطنيون لانهاء الانقسام قالوا انهم ليسوا تنظيم موازي او جديد في الساحة بل هم مكون ضاغط على اطراف الانقسام لكي تنتهي هذه الحالة وليس لهم برنامج سياسي محدد، ولنفترض انهم تمكنوا من عقد مؤتمرهم وانتخاب امانة عامة ، ومكاتب فرعية وتنفيذية لتصعيد انشطة مختلفة لتقول ان الشعب رافض لواقع الانقسام وهو كذلك ولكن هل لهم مؤثر على حسابات سياسية وامنية قائمة لكلا الطرفين او المنهجيات والمواقف والتجاذبات الاقليمية والدولية التي صنعت كل منها مطبخا للحالة الفلسطينية ...؟؟!!
كان الطرح منذ اكثر من ثلاث سنوات لحاجة الساحة الفلسطينية لتيار ثالث شعبي يعبر عن الحالة الشعبية الرافض لعجز الفصائل وله برنامج سياسي يعالج المشكلة ويجد له مكانا مستقلا امام التجاذبات الاقليمية ليفرض رؤيته الوطنية ليس فقط على طرفي الانقسام بل ليجد له مكانا في الصراع مع الاحتلال ومكانا في مواجهة المشاريع والرؤية الاقليمية والدولية للشعب الفلسطيني وقضيته وشعبه من ضمن الرؤية للمنطقة باسرها ....... هذا ما تفتقده الساحة الفلسطينية وليس معالجات عاطفية مستهلكة ايضا للوقت وللمجهود والطاقات ، وطنيون لانهاء الانقسام، نسوا ان غزة لها مؤسسات سيادية ذات توجه مغاير لمؤسسات سيادية في الضفة ، نسوا ان البرنامج السياسي والطموحات لحكام غزة تختلف تماما للطموحات والبرنامج السياسي والامني القائم في الضفة ........ بالتأكيد ان غلاف وطنيون لانهاء الانقسام لا يعدو محاولة عاطفية لا اكثر ذات سقف مطلبي محدود لاوراق لعبة يكاد فيها المؤثر الاقليمي اكثر من الداخلي وخاصة في صنع القرار ومدى تنفيذه على الارض ، وكل ذلك ان القضية الفلسطينية زمنيا مرتبط بمقدار تقسيم وتخطيط جغرافي للمنطقة باسرها والتصورات الدولية والاقليمية لماهية السلطة المستقبلية للشعب الفلسطيني واين ..؟ جغرافيا وسياسيا وامنيا .
بقلم/ سميح خلف