في بعض الأحيان نحاول أن نسابق الزمن فلا نسبقه، فالزمن في أغلب الأحيان إن لم يكن كلها يسبقنا ويتركنا نسأل أنفسنا ما العمل؟ تشخص عيوننا وتحمر من غضبها فالقطار قد فات، هل نجلس نندب حالنا، أم نعود إلى ذاتنا نقف معها، نحاورها بلغة صريحة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وخاصة ونحن نواجه عدوا يحسن تحديد الهدف والتخطيط للوصول إليه.
فاليوم يسأل البعض الصهيوني في الكنيست عن جدوى زيارة نتن ياهو إلى ثلاث أو أربع دول أفريقية بعد شهرين ، ما الفائدة من هذه الزيارة وهي دول لا تغني ولا تسمن من جوع بالنسبة للعدو الصهيوني، ومع هذا فالصهاينة يجدون أن من حقهم الاستفسار عن جدوى زيارة قادمة لرئيس حكومتهم، فإذا لم تكن هذه الزيارة رابحة فيجب ألا تتم على حساب العمل الدبلوماسي والسياسي، فهم لا يريدون جهدا ضائعا لا نتائج ايجابية مرجوة منه، وهذا الأسلوب في العمل يجب أن نستفيد منه كفلسطينيين، حيث نجول في أنحاء العالم وخاصة في أوربا دون أن نحقق نتائج ايجابية ، ولقد أفرحنا موقف السويد من دولة فلسطين قولا وفعلا ولكننا اليوم نحصد خيبة أمل كبيرة حيث استنكرت اليوم وزارة الثقافة الفلسطينية قرار القائمين على نهائيات المسابقة الأوروبية للغناء "يوروفيجن"، بحظر رفع العلم الفلسطيني في الحفل الذي تستضيفه العاصمة السويدية منتصف شهر أيار الجاري ، فلا غرابة في ذلك فمصلحة السويد هي مع أوروبا وليست مع الفلسطينيين ، لذلك علينا أن نعرف ماذا نريد وكيف نريد ومتى نريد، وهل ما نريده هو فعل آني أم فعل نراه بشكل دائم ومستمر؟
ولأن عدونا يعرف ماذا يريد ومستغلا جهلنا بما يريد، فهو اليوم يقفز قفزة نوعية فيما يريد، قبل أيام كان نتن ياهو يعلن بأن القدس لن تكون على طاولة المفاوضات، وقبلها كان يرفض قبوله لوجود دولة فلسطينية تحقق للفلسطينيين أهدافهم، إلى جانب تمسكه بالجولان كجزء لا يتجزأ من كيانه ، إلى الوصول اليوم لجعل كل اتفاق أوسلو خلف ظهره، حيث راحت بعض القوى الصهيونية تهيء لمشروع قانون بضم الضفة إلى كيانهم انطلاقا من إيمانهم المطلق بأن أرض الضفة هي أرض الميعاد ، ومنهم من رأى أن يكون الضم هو لكامل الضفة الغربية المحتلة عام1967، أو أن يكون الضم تدريجيا بدءا بالمنطقة المصنفة بمنطقة /ج/ حيث تحتوي على العديد من المستوطنات الصهيونية، مع وجود مئات الألوف من المستوطنين الصهاينة إلى جانب وجود أقلية فلسطينية غير ذات أهمية، بحيث يهيء الضم التدريجي الفلسطينيين نفسيا لقبولهم بخطة الضم، ولا سيما أن ما سيعرض على فلسطيني المنطقة /ج/ هو جنسية الكيان الصهيوني أو الإقامة الدائمة في الكيان، وهذا ما يمهد لضم بقية مناطق الضفة إلى الكيان الصهيوني تدريجيا.
فهل يستطيع الفلسطينيون قراءة ما يجري قراءة استراتيجية خاصة بعد أن وضع الصهاينة مشروع حل الدولتين وراء ظهرهم بعد أن أفرغوه من مضمونه وشدوا الرحيل لضم الضفة الغربية كلها وترك قطاع غزة يتقاتل عليه الفلسطينيون بعد أن ساهموا في شقه وفك ارتباطه عن الضفة الغربية، وركوب حماس موجة الانقسام دون إدراك منها للهدف الصهيوني بتفكيك الفلسطينيين أرضا وشعبا.
فالكل الفلسطيني مطالب اليوم بإعادة صياغة ذاته بشكل جمعي بعيدا عن الشوفينية الذاتية لأي فصيل كان، فالصهاينة وفي ظل الوضع المتردي فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا ماضون لتحقيق أهدافهم التاريخية في المنطقة العربية وبتشجيع مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية ، فهل يدرك الجميع حقيقة ذلك والعمل على الخروج من دائرة الاستخدام الصهيوني لهم كأدوات لتحقيق ما يريده الصهاينة.
2016/5/2. صلاح صبحية