لا تغضبوا.. لا تحزنوا... لا تدمعوا...اياكم وان تيأسوا ...واياكم أن تبكوا ...وان تذرفوا الدموع فهذا حالكم ... وما كتب عليكم ...وما صنعت اياديكم.
لا اسف ...ولا اعتذار لمن يموتون حرقا... او انتحارا او جوعا .. لا اسف ..ولا اعتذار لمن قصروا بحقكم ...فلا تغضبوا ....ولا تحزنوا...واستسلموا لما انتم عليه من بؤس ويأس ...ولا يتحدث احد منكم...حول مشاعر ان هناك من حزن ..او ألم ..او حتي غضب ..مما جري لكم او حتي من حاول ان يشعركم ..او من يدخل بقاموس حياتكم ...ما يمكن ان يخفف الامكم ...او حتي يشعركم بأدمتيكم وبأنكم ما زلتم بشرا .....لكم كل الحقوق الانسانية والحياتية والادمية .
ما يحدث لدينا ...يمكن ان يكون خارج الملة والدين ...وخارج العقل والمنطق ...وبالتأكيد خارج كافة الحقوق الانسانية والادمية ..في ظل استهتار غير مسبوق.... وفي واقع عدم مبالاة ...او محاسبة ... وحتي علي الاقل فلا اعتذار ..ولا اسف بما حدث ... ولما يمكن ان يحدث ...ولا حلول لمعضلات قائمة ...ولا استعداد لازمات قادمة.
غابت النخوة ..والشهامة ...كما غابت انسانيتنا ...وتقديرنا لقيمة الانسان ...حتي اصبحنا ممن لا يقدرون قيمة حياة الانسان ...ولا حتي من يمتلكون ثقافة انسانية ...تمتلك قدرا من الشجاعة ...للاعتراف بالمسؤولية ...وحتي علي الاقل الاعتذار لمن اصيبوا ....ولمن اصابهم الالم حول ما جري .....ويجري من اهمال غير مسبوق .....ومن تراخي غير معلوم ... غياب للمحاسبة .. يثير الشكوك ...ويجعل من كل واحد منا ...ان يفعل ما يشاء ...ووقتما يشاء ... واين شاء ...وان يستهتر بعمله ... وان لا يتحمل مسؤوليته ...وان لا يري بالإنسان قيمة يمكن ان يحاسب عليها ....وان لا يمتلك قدرا اخلاقيا بالاعتذار ...وحتي للأسف عما حدث من الم ...وجريمة انسانية ...بحق اطفال ..كما جري سابقا.... وبحق العديد من الاطفال الذين حرقوا ...وماتوا ...دون ان يتخذ ما يلزم من اجراءات ..او حتي ما يمكن عمله من توفير الامكانيات ...وتحمل المسؤوليات .
المسؤولية .....كلمة نعشقها .....ونسعي اليها ....ويمكن ان نقتل بعضنا.... من اجل الحصول عليها ...لأنها المسؤولية بمميزاتها العالية ....ومدخولاتها المرتفعة ..ورغادة عيشها ...المسؤولية التي تنسي الانسان محيطه الذي يعيش فيه ..كما تنسي هذا المسؤول من يعيشون ظروف القهر والحرمان
ممن حوله ...عليه ان يراجع نفسه ..وان يحاسب ضميره ..وان يتساءل ..وان يعمل ما بوسعه من اجل التخفيف لألام من حوله.... ليرفع من شانهم...ويوفر لهم الحد المطلوب من مستوي المعيشة اللائق والانساني .
المسؤولية تكليف عظيم ....نحاسب عليه في الدنيا والاخرة ...كل بقدره ...وبما يمتلك ...من مسؤول الاسرة حتي مسؤول الحي والمدينة والمخيم وحتي الفصيل .... والفصائل والحكومة والرئيس .
المسؤولية جماعية كل بقدره ..وبحكم سيطرته علي ارض الواقع
واقعنا المعاش ....لا يتحدث عن عناوين مسؤولة ...ولكنه يتحدث عن مسؤولين وقادة.... يتحدث عن شخصيات هامة وبارزة.... يتحدث عن فصائل وحركات سياسية ....لكنه لا يتحدث بالمطلق عن مسؤولية حقيقية ازاء أي حدث يجري ....فمن يحرقون ...او ينتحرون ... من يهاجرون عبر البحر ويغرقون ... ومن لا زالوا عاطلين عن العمل .....من لا زالوا مرضي ويحتاجون العلاج ...من لا زالوا بحصارهم وظلمة ليلهم وحلكة الظلام ...والخوف من ان يحرقوا بنار شمعة كما اقرانهم وجيرانهم واصحابهم .
الجائعين الذين يحتاجون لقمة العيش.... والمحتاجين الذين يتمنون ثوبا لائقا ....والعاطلين عن العمل الذين يحتاجون الي فرصة اثبات ذاتهم وتحقيق مدخولات لهم ....المهملين غير المسجلين بحسابات احد .....ولا يجاملهم احد ....ولا يساعدهم احد ..ولا يشاركهم معاناتهم احد .
هؤلاء ....لا نجدهم الا عبر المناسبات وعبر الشاشات والفضائيات ....وعبر اثير الاذاعات ....لا نجدهم الا بجنازة من احترقوا ....وغادروا الحياة الدنيا ...بكل الامهم ...وحرمانهم ..وعذاباتهم التي لم يشعر بها احد ...الا عندما احترقوا وهبت النار بأجسادهم .
ولا زال البحث جاريا ...ولا زالت الآراء تتباين .....ولا زال الجدل يحتدم ...في ظل استمرار حرق الاطفال ..وانتحار الشباب ... وضياع مستقبل اجيال بأكملها....لا زال البحث جاريا حول المسوؤل او المسؤولين ... او من يتوهمون بانهم المسؤولين ...ولا نعرف الي متي سيجري البحث عن المسؤول؟؟!!.
الكاتب : وفيق زنداح