وماذا بعد الفشل أيها الفلسطينيون؟

بقلم: فايز أبو شمالة

حتى الآن؛ لم تبد القيادة الفلسطينية نفياً أو اعتراضاً على تصريحات أحد قادتها، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأزعم أن هذا يؤكد أن تصريحات القائد غسان الشكعة تمثل الواقع، وتحاكي الحقائق التي لا تجرؤ القيادة الفلسطينية على نفيها.
فما هو ملخص تصريحات القائد غسان الشكعة عضو اللجنة التنفيذية، والتي تميزت بالصدق والوضوح والشفافية والبراءة السياسية، كما قلت ذلك على الهواء مباشرة في لقائي مع فضائية الأقصى قبل أيام، وكما جاء في مقال الدكتورة حنان عواد بعد ذلك، وهي تختم مقالها بجملة "شكراً، إننا مخدوعون"، وكان الدكتور يوسف رزقة قد رد على تصريحات الشكعة، واختتم مقاله بجملة " إن حجر المركزي ليس كبيراً، بل هو الحد الأدنى لاستخدام العقل الوطني"، وكان الدكتور عصام شاور أيضاً قد التفت إلى تصريحات الشكعة، وطالب في مقاله " بالتوقف عن بيع الاوهام للشعب الفلسطيني، طالما كان وقف التنسيق الامني غير ممكن".
فماذا قال القائد غسان الشكعة عضو اللجنة التنفيذية، واستوجب كل هذا الاهتمام؟
1- كبرنا حجرنا في المجلس المركزي وفي اللجنة التنفيذية، والصحيح أننا في السلطة وفي الحكومة وفي اللجنة التنفيذية لا نستطيع قطع علاقتنا الأمنية مع إسرائيل.
2- نضحك على أنفسنا لو قلنا إننا سنقطع علاقتنا الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل.
3- لا سيادة لنا على الأرض، وإسرائيل تقتحم منطقة "أ" ومنطقة "ب" ومنطقة "ج" بالتنسيق الأمني ودون التنسيق الأمني
4- هنالك 1000 معتقل في سجون السلطة، ستعتقلهم إسرائيل إذا أوقفنا التنسيق الأمني.
5- أنا ضد المفاوضات الثنائية، وضد اللقاءات الرسمية مع الإسرائيليين، لأنها فاشلة.
6- المفاوضات مع الإسرائيليين يجب أن تكون على مستوى الشعوب وليس القادة.
لقد شخص القائد غسان الشكعة الحالة الفلسطينية بكل صدق ونزاهة وموضوعية، فلم يتحدث الرجل عن الحلم بتحرير فلسطين، ولم يقل بأن القيادة تسير على طريق تحقيق الدولة، ولم يصفق كذباً لعقد مؤتمر دولي وهمي، ولم يلوح بيده ويتحدث عن وقف الاستيطان، وعن رفضه لتهويد القدس، ولم يذم الانقسام الفلسطيني، وإنما قدم الرجل وصفاً دقيقاً وأميناً للحالة السياسية والأمنية والاقتصادية الفلسطينية، والتي تحاكي الفشل، نعم، إنه يفضح الفشل الرسمي لمشروع المفاوضات؛ المشروع الذي عجز عن الفطام والانفصام عن جسد دولة إسرائيل، بل ازداد ولهاً بها، حتى صار معلقاً من خاصرته بالحبل السري الاقتصادي والأمني الإسرائيلي.
وهنا يقفز السؤال السياسي والشرعي والقانوني والأخلاقي والإنساني:
من الذي أوصل القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني إلى هذه الحالة من الإعاقة؟
ومن الذي انحدر بطموح الشعب الفلسطيني من خانة المقاومة للغاصبين والحلم بتحرير كل فلسطين، إلى خانة الأمل بطرد المحتلين وقيام الدولة فقط، لينحدر بهم اليوم إلى خانة عدم القدرة على الحياة دون الاقتصاد الإسرائيلي والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية؟
وهل ينتظر الشعب الفلسطيني اعترافاً بالفشل أبعد مدى من هذا الاعتراف الرسمي بالعجز وقلة الحيلة وارتجاج الرؤية، والتيه في صحراء السياسة؟
فأين حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح من هذه الحقائق؟ أين أنتم من حالة الضياع؟
وأين التنظيمات الفلسطينية بمختلف أنسابها وأسمائها؟ أين أنتم من التبعية الأمنية والاقتصادية التي تعيشها القضية الفلسطينية بحضوركم وشهادتكم؟
وأين المثقفون الفلسطينيون؟ إلى متى ستصفقون نفاقاً، وتعلقون صور القيادة على الجدران؟
وأين الشعب الفلسطيني من مشهد القيادة الفلسطينية الممددة على السرير في غرفة الإنعاش، وهي تشمر عن ذراعها متوسلة التغذية الصناعية من المخابرات الإسرائيلية؟
سئلت فتاة في مقتبل العمر عن حال زوجها الذي أرهقها بمرضه، وأنينه، وقلة حيلته، فقالت:
لا هو حيٌّ فيرجى، ولا هو ميتٌ فينعى.

د.فايز أبو شمالة