معبر رفح وكهرباء غزه ومناورات الرزمة الواحدة

بقلم: سهيله عمر

تعود الشعب الفلسطيني من القادة سواء من فتح وحماس ان يحسبوها اخماس واسداس للموافقة على أي عرض او مبادرة تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني.

عندما نأتي لمشكلة معبر رفح، اعلنت حماس مرارا انها ستتجاوب مع أي مبادرة لفتح المعبر قائمة على المشاركة، مما حفز الفصائل لا عداد مبادرة مقبولة لكافة الاطراف قائمة على المشاركة. وما ان اتتها مبادرة الفصائل وقد قامت على المشاركة ووافق عليها رئيس الوزراء بشكل فوري وتعهد بأعداد كافة التفاصيل الفنية ومحاولة اقناع مصر لفتح المعبر فور تنفيذ المبادرة، اخذت حماس تناور انها تشترط ان تحل كافة مشاكل الانقسام رزمة واحده للقبول بعودة حرس الرئيس للمعبر وهذا يعني ضمنا اشتراط اعتماد كافة موظفيها بالقطاع ودخول منظمة التجرير الفلسطينيه للسماح بعودة حرس الرئيس للعمل به وقد سيطرت على المعبر بالسلاح عام 2007. ومن ثم هي ترهن حق الناس بالتنقل بمصالحها الحزبية الضيقة. وعادت الامور لنقطة الصفر فاصبح فتح المعبر مرهونا بتحقق المصالحة المستبعد تحققها في ظل مناورات حماس وشروطها التعجيزية.

اما في موضوع الكهرباء، فتتلخص الحلول بما طالبت به الفصائل بتنفيذ كافة الاتفاقيات بالإعفاء التام من ضريبة البلو من قبل وزارة المالية وتنفيذ مشروع خط الربط مع اسرائيل الى حين اتمام مشروع توسعه المحطة وتحويلها لتعمل بالغاز كما طالبوا بالجباية من كافة المؤسسات بدون تمييز والاعتماد على العدادات المسبقة الدفع وتشكيل هيئه وطنيه فنيه لادارة كهرباء غزه. صرحت حماس مؤخرا انها لا تمانع بتشكيل لجنه وطنيه لا دارة الكهرباء وانهم عرضوا على رئيس سلطة الطاقة في الضفة استلام ملف الطاقة على ان يوفر الكهرباء للشعب (هذا كانت صدقت في نواياها). المثير في تصريح الناطق باسم حماس انه عرف شركة الكهرباء للتوزيع على انها شركة خاصه ولا علاقة لحماس بها، بينما جميعنا نعرف انها شركه حكوميه يديرها شخصيات من حركة حماس بدليل ان رئيس مجلس ادارتها هو رئيس سلطة الطاقة في غزه واعضاءها رؤساء بلديات ومندوبون من وزارة الحكم المحلي ووزارة المالية وسلطة الطاقة في غزه.

صراحه رأيت مواقفة حماس للحكومة باستلام شركة الكهرباء بادره ايجابيه يجب ان تأخذ بها الحكومة في رام الله وتبني عليها لحل المشكلة بشكل جذري. فمادام الحكومة هي الممول الفعلي لكهرباء غزه وتغطي تكاليفها، فمن المنطقي ان يتم تغيير مجلس الإدارة لشركه الكهرباء للتوزيع ليضم اطراف مهنيه تابعه للحكومة تتابع كافة تفاصيل شركة الكهرباء للتوزيع بما في ذلك الجباية وتوزيع الاحمال ويتولى مجلس الإدارة تنفيذ المشاريع الجديدة فلا نقع في متاهات الخلافات بسبب اموال الجباية. لكن رد المتحدث الرسمي باسم حكومة الوفاق الوطني بالرفض على هذا العرض لعلم الحكومة المسبق بعدم جديه حماس بتمكينها في القطاع. وهذا ما ورد على لسان الناطق باسم الحكومة: "إن الحكومة على استعداد لتسلم كامل مهامها في قطاع غزة إلا أن حركة حماس تقاوم حتى اللحظة، وترفض تمكينها من القيام بأي من مهامها في المحافظات الجنوبية، وأن حماس تستند بهذا الرفض إلى التستر خلف اطلاق الشعارات، وتوزيع الاتهامات، والأباطيل، التي بات يعرف حقيقتها الجميع، وأن آخر شعاراتها كانت تصريحاتها حول عرض قديم لتسليم شركة كهرباء غزة، فهل هي مستعدة لتسليمها ؟؟ فلماذا لا تمكن الحكومة من استلام كامل مسؤولياتها في القطاع حسب التوافق الوطني، وحسبما تمليه علينا جميعا المصلحة الوطنية ؟؟".

ونفهم من تصريح الحكومة انها لا تثق في جديه حماس بتسليم سلطة الطاقة وشركة الكهرباء للتوزيع وغير ذلك من الوزارات، وتشترط الحكومة تمكينها بالمطلق في القطاع لاستلام كامل مسئولياتها رزمه واحده.

طبعا السؤال لماذا توافق حماس على تسليم سلطه الطاقة وشركة الكهرباء للتوزيع (هذا كانت صدقت في نواياها) في الوقت الذي ترفض تسليم معبر رفح ولو على سبيل المشاركة. الإجابة تكمن ان السماح باستلام الكهرباء سيلقي على الحكومة العبأ الكامل لتغطيه تكاليف توفير الكهرباء للشعب الفلسطيني وتكاليف انشاء وتشغيل المشاريع الجديدة للكهرباء المالية وان كانت حماس ستناور لتبقى مسيطره على الجباية من خلال موظفيها –حسب توقعي-. اما تمسك حماس بمعبر رفح فقد يفسره تصريح احد قياديها ان المعبر سيعزز التبادل التجاري بين القطاع ومصر بمبالغ تصل 7 مليار دولار بالسنة خلال السنوات القادمة في محاوله منه لاستقطاب مصر لفتح المعبر. اذن الموضوع فيه مليارات الدولارات حال فتح المعبر، لكن نسى هذا القيادي ان يتساءل، هل ممكن ان يفتح بدون حرس الرئيس وقد اعلنت مصر مرارا وتكرارا ان المعبر لن يفتح الا بحرس الرئيس وان حماس من يتسبب بأغلاق المعبر ؟؟؟ هل نسى هذا القيادي كم فرصه عمل ودراسة وزواج وعلاج ضاعت على اهل القطاع ؟؟ فبكم يقدر هذه الخسائر، حتما سيجد انها تصل بمليارات الدولارات سنويا لكنها خسائر يتكبدها شعب فلسطين وليس حركه حماس

طبعا ما على الشعب الفلسطيني الا الصبر مع صعوبة الحشد لثوره في ظل القمع الامني وتعارض انتماءات الشعب الحزبية. وعندما ينفذ صبر المواطن، يعبر عن تمرده بأحراق نفسه والانتحار حتى يفهم القادة السياسيون والعسكريون الرسالة ويرحمونا من مناوراتهم ومخططاتهم برهن مصالح الشعب للاستحواذ على السلطة وتحقيق مكاسب مادية بأساليب يعجز عن تصورها الخيال، تارة برفض المشاركة في حكومة حماس لحصارها كما حدث عام 2006، وتاره بالانقلاب العسكري لحماس كما حدث عام 2007 للاستحواذ على السلطة في غزه بالمطلق، وتاره بمحاولة حماس الاستقلال بغزه كأماره مستقله كما نرى اليوم، وتاره بالدخول في حروب اباده في قطاع غزه طمعا بتحقيق مكاسب ولا تثمر عن رفع للحصار، وتاره بمناورات الرزمة الواحدة. لماذا لا يفكر القادة للحظه في ايثار مصلحة الشعب على مصالحهم الفئوية. الكهرباء والمعبر حق لكافة اهل غزه ومرتبط بمصالحهم ولا ترهن حقوق العامة برواتب او مناصب او مصالح خاصه للفصائل.

سهيله عمر
[email protected]