الصحفي الفلسطيني نصر أبو الفول الذي يعاني من ورم في الرأس (شافه وعافه الله) وبعد أن تمت ترتيبات ذهابه إلى مصر لاستكمال علاجه فيها فوجىء اليوم الجمعة بمنعه من مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح، وهذه حالة من عديد الحالات التي تحدث باستمرار على معبر رفح.
فعندما غادر الغزاة الصهاينة قطاع غزة في صيف 2005 لم يغادروه من أجل منحه الاستقلال والحرية ولكن من أجل أن يطبقوا عليه حصارا بريا وبحريا بهدف خنقه والضغط على سكانه حتى يعانوا من البؤس والحرمان إلا بقدر ما يسمح به العدو الصهيوني لادخال بعض ما يحتاجه القطاع من مواد حياتية عبر المعابر السبعة للقطاع .
وقد ازداد الوضع سوءا بعد أن سيطرت حماس على قطاع غزة عام صيف 2007 ،حيث أصبح يعاني من حصار داخلي لا شبيه له في أي منطقة من مناطق العالم، ورغم اتفاقات المصالحة العديدة التي لم ينفذ منها بند واحد ، حيث بقي القطاع يعاني نتائج الانقسام وبقيت معاناة سكانه هي الضريبة التي يدفعها بؤسا وحرمانا وحياة يومية قاسية وخاصة الطلاب والمرضى كحالة الصحفي نصر أبو الفول.
فما بين الإسلام والمسلمين فجوة كبيرة، فالإسلام ليس مجرد عبادات فقط، وإنما هو عبادات ومعاملات، والعبادات هي التي تحكم العلاقة بين الإنسان وربه، بينما المعاملات هي التي تحكم علاقة الناس بعضهم ببعض ، وما بعث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلا ليتمم مكارم الأخلاق، وقد خاطبه الله تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم) ، فالمعاملة التي يمارسها الإنسان المسلم يجب أن تكون في إطار الأخلاق الحسنة الحميدة والتي يكون توجيهها الأساسي (وعامل الناس بخلق حسن ) ، وإذا انتفت الأخلاق الحميدة داخل المجتمع بكل مكوناته العقائدية فإن هذا المجتمع يتجه نحو الانهيار الخلقي ويؤدي به إلى زرع الحقد والكراهية والبغضاء حيث تولد الشحناء والفتن التي تعمل على تدمير المجتمع الذي يصبح فريسة لأعدائه الذين يغذون هذا الانهيار الخلقي ليضرب الناس أعناق بعضهم.
وفي قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس التي تلبس عباءة الدين وتخاطب الناس بلغة الدين بينما تعاملهم بغير ما أراده الله ورسوله أن يتعامل الناس فيما بينهم، فما قيمة العبادة التي تصاحبها معاملة سيئة، ألم تقرأ حماس قول الله تعالى ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن) ، فلماذا تصر حماس على الدفع بالتي هي أسوأ، هل هذا هو نهج رسول الله الذي ما دفع يوما بالسيئة في وجه من عادوه، فرسول الله بأخلاقه الحميدة الحسنة تفقد جاره اليهودي الذي كان يؤذيه كل يوم فإذا به يعوده في مرضه، ولكن حماس اليوم تحاصر المرضى وتمنعهم من استكمال علاجهم خارج القطاع، فأين حماس من صلاح الدين الأيوبي يبعث بطبيبه ليعالج قائد جيش الصليبيين وهو يشهر سيفه في وجهه.
من يريد أن يحكم الناس باسم الإسلام فليكن مخلصا لدين الإسلام، ولا يكن كالمرأة التي أخبرنا عنها رسول الله بأنها دخلت النار بهرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تخرج لتأكل من خشاش الأرض ، وهذه حماس اليوم تمنع الصحفي الفلسطيني نصر أبو الفول من الخروج إلى مصر لاستكمال علاجه فيها دون أن تؤمن له العلاج داخل غزة، فأين هي من سيرة رسول الله الذي جعلته قدوة لها.
لا يسعنا أخي نصر أبو الفول المحاصر اليوم من حماس إلا أن ندعو لك الله أن يشفيك ويعافيك فإنه على كل شيء قدير.
2016/5/14. صلاح صبحية