قربنا على العشرة سنوات من هذا الانقسام الاسود .....ومن حالة التشرذم ....والتي أصابتنا بحالة اختلال .....وعدم توازن.... ونحن لا زلنا نبيع الوهم لأنفسنا ....دون ادراك ومعرفة أن ما نحن عليه من انقسام ....وما يجري من مناكفات.... وتجاذبات ....وما أقحمنا به من منزلقات وتراجعات ....يولد بداخلنا ....المزيد من الاحباطات والكوارث والنكبات ...كما ويجذر بداخلنا سلوكيات غير لائقة ....وغير سوية .
ما يقارب العشرة سنوات قضيناهم بحوارات ومناقشات ولقاءات .....قضيناهم بتصريحات ومناكفات أضعنا فيها الكثير من الجهد والطاقات.... بغير موقعها ...وعلى عكس أهدافنا ...حتي شكلت العشرة سنوات الاعوام الأقسى.... والأصعب ...والأخطر .
الأقسى لأننا ارتكبنا بحق بعضنا ما لا يمكن استيعابه ...وأخطأنا بما لا يمكن تحمله ....وتجاوزنا بما لا يمكن أن نصدقه ....تحدث فينا الصغير والكبير ....ولا زلنا على حديثنا ومغالطاتنا واخطائنا ....لا زلنا على تحميل مسئوليات ضعفنا وقصورنا وتهاوننا بحق شعبنا ....كما نريد ونهوي.... الاعوام الاصعب لأننا زدنا أوضاعنا مرارة وصعوبة ....ليضاف لنا المزيد من سنوات المآسي .....السنوات الاخطر لأننا قسمنا الارض والشعب والنظام ..كل شيء مقسم ....وتمت تجزئته وكأننا قد نفذنا الفوضي الخلاقة ...وتجزئة المجزأ... وتقسيم المقسم...لنزيد على حالنا ما هو قائم وواقع علينا.... من احتلال جاثم على صدرنا ....ومتوغل بأرضنا ...وناهب لخيراتنا ....والمستوطن ما بين مدننا وقرانا وحول قدسنا .
الاحتلال يتوسع ...ويتمادى بغطرسته وعنجهيته.... وممارساته التعسفية والاجرامية ...دون رادع ودون أدني اجراءات سياسية ....أو ضغوط اقتصادية ....احتلال يمارس اجراءاته التعسفية الاحتلالية ....براحة تامة دون عقاب ....ونحن المحتلين نمارس حياتنا بظروفنا القاسية ...ونكباتنا المتلاحقة ...وكوارثنا التي تزداد بحدتها ...بفعل حصار جائر ....وعدوان مستمر ومتصاعد .
أمام هذا المشهد الفلسطيني بكل مآسيه وكوارثه ....يبقي الانقسام سيد الموقف... بكل تجلياته ومصاعبه ....وسلبياته ....انقسام قسم البلاد والعباد ...بل قسم الاخوة عن بعضهم ....والأقارب عن أقاربهم ...انقسام سياسي ...اجتماعي ..ونفسي ...اوقع بداخلنا الكثير من السلوكيات الشاذة عن ثقافتنا وتربيتنا .
انقسام قائم ....لا زال يتفاقم بمصاعبه وتحدياته ....لا زال يشكل تحديا حول مدي قدرتنا على تجاوزه ....ومعالجه اثاره... وانهاء فصوله السوداوية ....والتي شكلت السنوات الاصعب ...والاسوأ بتاريخ نضالنا الوطني .
لم يكن هناك من مبرر أو سبب مقنع ....لوقوع مثل هذا الانقسام الذي زاد ضعفنا... ضعفا .....وفتت من جهودنا ...وشتت طاقاتنا ...ووضعنا بموقف الضعفاء ....الذين يستجدون حقوقهم ....كما يستجدون مواقف الاخرين في دعم قضيتهم ....مما صعب علينا خطواتنا..... وتحركاتنا ....وجهودنا المبذولة لإنهاء هذا الاحتلال الغاصب .
المشهد الانقسامي يولد مشهدا ضعيفا ....ومتهاويا ....مشهدا خارج عن اطار المطلوب والواجب ....لتعزيز مقومات صمودنا ....وقدرتنا على مواجهة عدونا المحتل .
لا يمكن للمشهد الحالي ان يستقيم ...وأن يقوي ...وأن يستطيع التحرك بقوة فعل أقوي ....وبوسائل نضالية قادرة على التأثير في ظل الانقسام ..وفي واقع شعارات لا تنسجم والحالة الانقسامية ....ولا توفر الارضية والمناخ لمواجهة الاحتلال والاستيطان وفرض ارادة شعبنا ...لأجل نيل حقوقنا ...وهذا ما يمكن استخلاصه من تجربة الانتفاضة الثالثة ....أو الهبة الثالثة ....وما تعيشه من ازمة حقيقية ....نتيجة أزمة عامة .....نعيشها جميعا بفعل هذا الانقسام وما ترتب عليه .
انهاء الانقسام وطئ صفحته السوداء ....بداية حقيقية ...لمرحلة تاريخية ستكون بداياتها الاولي ..وحدة الموقف ....كما وحدة الشراكة عبر مؤسسات وحدوية شرعية ....يجتمع الجميع بداخلها في اطار برنامج وطني ..واليات فعل نضالي ....مستمدة جميعا من الاطار المؤسساتي والشرعي والمتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .....باعتبارها الاطار الجامع ....والتعبير الحقيقي عن الهوية الوطنية ....والاهداف الثابتة .
عالم اليوم ....يتعامل مع الاقوياء والمتحدين والملتزمين ببرنامجهم ...والموحدين بإرادتهم ....وعنوان شرعيتهم ....الموحدين بخطابهم ...ومواقفهم ....ولم يعد هناك مجال للمنقسمين ....ولأصحاب الرؤي الضيقة ...والخطابات المتعددة.... والمواقف المتباعدة .....والشعارات المتنافرة ....لم يعد لهم من مكان في معادلة السياسية العالمية ....التي تحترم الاقوياء ....وتلتزم بمعاملة من اتحدوا على اهدافهم ....وبرنامجهم ...واستراتيجيتهم .
استمرار المصالحة ككلمة تردد ....ومقولة يحلو للبعض ان يتحدث عنها ....في اطار الاحلام والتمنيات بعيدة المنال .....ليضيع علينا المزيد من الفرص ...ويزيد علينا المزيد من المتاعب والاعباء ....ويوفر لعدونا المحتل ....المزيد من الفرص لنهب الارض ...وشطب القضية ....وانهاك ما تبقي من مقومات صمودنا ...وهذا بعكس ما نتمنى ...ونطمح ...وما فيه مصلحتنا .
بقلم/ وفيق زنداح