يحيي شعبنا الفلسطيني اليوم الأحد 15 مايو 2016, الذكرى الثامنة والستين للنكبة , في ظل ظروف غاية في التعقيد على المستويين الداخلي والخارجي , حيث يتواصل الانقسام الفلسطيني داخليا , بمرور عشر سنوات على استيلاء حركة حماس على قطاع غزة , ووقوع الانفصال عن باقي أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية , فيما شهدت تلك الأعوام شن اسرائيل أربعة حروب على القطاع , بينما يواصل الاسرائيليون تهويد القدس , ومحاولات التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى المبارك , وعمليات الاستيطان الموسعة في الضفة الغربية , والتي باتت تهدد بإنهاء حل الدولتين , وسط تراجع القضية الفلسطينية على المستوى الدولي بسبب أوضاع المنطقة العربية , في أعقاب ما يسمى " الربيع العربي " , واندلاع الحروب الداخلية , والتي أدت إلى تهميش القضية الفلسطينية , وتراجعها سواء على مستوى الاهتمام العربي أو الاقليمي أو الدولي.
غير أن ما يميز إحياء هذه الذكرى على المستوى الداخلي , هو تواصل هبة القدس , أو ما نطلق عليه " انتفاضة السكاكين " , من قبل شباب وفتية فلسطينيين من جيل ما بعد اتفاق أوسلو للسلام , بعدما فقدوا الأمل بالسلام المنشود والموعود منذ أكثر من 22 عاما من الانتظار , في ظل ظروف سياسية وأمنية واقتصادية في غاية السوء , ما دفعهم إل هذه الهبة الشعبية , التي قابلتها قوات الاحتلال بمزيد من القمع والتنكيل والحصار , وخاصة عمليات الاعدام الميداني للشباب والفتيات من حملة السكاكين .
وعلى المستوى الخارجي هناك المحاولة الخجولة التي طرحتها فرنسا تحت اسم " المبادرة الفرنسية " لإحياء عملية السلام , عبر العودة للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على أساس الانسحاب الاسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 , وحل الدولتين , وبقاء القدس عاصمة موحدة للدولتين , وهي المبادرة التي تواجه الرفض والتعنت الاسرائيلي , غير أن فرنسا تأمل أن تنجح مساعيها , حيث يقوم رئيس وزرائها في ذكرى النكبة بزيارة إلى تل أبيب ورام الله , في محاولة لإقناع الطرفين للقبول بالمبادرة والعودة للمفاوضات , قبل أن تبادر للدعوة إلى عقد مؤتمر دولي خاص بالقضية الفلسطينية على الأراضي الفرنسية , فيما تسابق الديبلوماسية الخطى في الأمم المتحدة في محاولة لاستصدار قرارات تدين الاستيطان الاسرائيلي , وتدعو لتجميده ووقفه , أو الذهاب لمحكمة الجنايات الدولية لمعاقبة اسرائيل على جرائمها , فيما ترتفع الأصوات في اسرائيل بضرورة ضم المناطق (ج) من اراضي الضفة الغربية , والتي تمثل 60% من أراضي الضفة , لإنهاء أي امكانية لقيام دولة فلسطينية , فيما تتم التسريبات عن حلول بديلة بفصل قطاع غزة ككيان مستقل بذاته , وإلحاق ما يتبقى من أراضي الضفة العربية بالأردن والاعلان عن كونفدرالية فلسطينية - أردنية , لتحل بذلك نكبة جديدة بالشعب الفلسطيني , وإنهاء القضية الفلسطينية , والصراع العربي الاسرائيلي ... فهل تكون الذكرى 68 لنكبة فلسطين , النكبة الحقيقية للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ؟!
بقلم/ د. عبد القادر فارس