في هذا اليوم يوم الخامس عشر من أيار ، لا بد لنا من كلمة منذ أن تفتح وعينا ونحن في السنوات الأولى من الدراسة ونحن نشهد إحياء ذكرى هذا اليوم ، مسيرات ، خطابات ، مهرجانات ، وشعارات ، تباكي ، وعود بإصرار على العودة ، يوم ويمضي لننتقل فيه إلى إحياء ذكرى جديدة لمناسبة جديدة وفي كل الأحوال كلاهما نكبة وما أكثر نكباتنا التي نحييها طوال العام ، نعم ما أكثر نكباتنا طول العام إذا بقينا على هذا الحال سنجد أنفسنا نحيي أكثر من ذكرى لنكبة في يوم واحد ، أما آن الأوان التوقف عن التباكي والتغني في نفس الوقت عما كان لنا في الماضي ، أما آن الأوان لنضع العمل ترتيب اولويات حياتنا ، العمل من اجل العودة الحقيقية لفلسطين .
لا أريد هنا التطرق إلى أوضاع الشعب الفلسطينية ديموغرافيا واجتماعيا وسياسيا وجغرافيا ، فقد كتب عن ذلك الكثير الكثير ومن يريد ذلك فسوف لن يجد عناء ، ولكن هنا أريد أن اذكر ما قاله قادة عدونا التاريخيين قالوها بصراحة ، مصورين حالنا في المستقبل ، قالوا: عبارة مشهورة وهي : الكبار سيموتون والصغار سينسون ، هنا لا بد من توقف لأنني أرى أن هذه المقولة تتحقق ، ربما لا يرضي مثل هذا الاعتقاد الكثير ولكن دائما الاصطدام بالحقيقة يكون مؤلما ، نعم الكبار ماتوا ولم يبق إلا الصغار وهم في طريقهم إلى النسيان ، 68 عاما تمر هذا يعني أن الغالبية العظمى من الذين شهدوا هذا اليوم بأم أعينهم من الفلسطينيين قد ماتوا ، ولم يتبق إلا القليل القليل ، وبحسبة بسيطة حسب نتائج إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن عدد السكان الفلسطينيين من هم فوق 65 عاما لا يشكلون أكثر من 3.5 % من السكان فما رأيكم إذا كانوا فوق 68 عاما هذا يعني النسبة ستقل عن 3 % .
في السنوات الأولى للنكبة كان الاهتمام والأمل والحديث ليل نهار وفي كل مكان عن العودة والإصرار عليها ، والاستعداد دائما للتضحية والفداء ، وبالفعل تحمل شعبنا الكثير ، قدم الكثير من أبنائه وقوته . تعرض لكثير من الهزات والضربات والمضايقات في كل أنحاء العالم من الأخ ومن الصديق ورغم ذلك ظل متمسكا بهويته وحقوقه الثابتة ، لكن هذا الإصرار والتمسك بالحقوق أصبح الآن مهددا أمام مانشهده من تيارات سياسية وصراعات طائفية ودينية وضرورات معيشية ، لدرجة سيتراجع معها درجات الاهتمام ودرجات الانتماء الوطني والتمسك ، والسبب هو استمرار حالات الإخفاق التي نشهدها حالات إخفاق متعددة جاءت نتيجة عوامل منها الذاتي ومنها الدولي والإقليمي والعربي ،
لهذا هناك خشية أو ربما هي بدأت مقولة الصغار ينسون في التحقق حيث باتت اهتمامات الشباب اليوم بعوامل حياتهم المعيشية اليومية ومتطلباتها أمام ما يشهدوه من تفشي ظاهرة البطالة والفقر ، وتزايد حدة الصراعات في المنطقة وانعدام الأمن والأمان بعد سلسلة الحروب المتكررة ، واعتقد لو ان احد مراكز استطلاعات الرأي قامت بإجراء مسح على عينة من الشباب الفلسطيني لتسألهم عن الاستيطان والتوسع الاستيطاني فاعتقد أن النتائج ستكون صادمة حيث يجهل الكثير أعداد المستوطنات ، وأسماء الكبيرة منها ، وتوزيع الكتل الاستيطانية ، وأعداد المستوطنين ، وحجم اعتداءات المستوطنين على المواطنين والطرق الالتفافية وغير ذلك ، لان مثل هذه المواضيع لا تثار إلا في الخطابات وورش العمل والمناسبات ذات العلاقة اسألوهم عن كثير من جوانب الصراع مع عدونا جغرافيا وتاريخيا وسياسيا ، ستجدون هناك تراجعا كبيرا في هذا الناحية ، واسألوا بعد ذلك أنفسكم لماذا .
لا يكفي أن يقول الإنسان الفلسطيني انأ من القرية الفلانية ، أو المدينة الفلانية ، لأنه أصبح يحتفظ باسم تاريخي أصبح في الواقع وهميا ، لان هذه القرى والمدن أصبحت لها أسماء عبرية ، وتغيرت مواضعها عمرانيا ووظيفيا ناهيك على أنهم لم يشهدوها ولم يشاهدوها . إذن ما العمل هل سوف نبقى على حالنا نردد الشعارات شعارات التصميم والتحرير والعودة ، شيء جميل لكن هذا هو دورنا فقط . لا لا اعتقد ذلك .
في هذا اليوم كنت آمل أن يقف الجميع ويقول كلمة الفصل لا لبس فيها ولا شسيهات ، كلمات قوية تعلن لشعبنا أن كفي ضياعا وتيها .
نتمنى أن نرى في يوم النكبة وقوف حركة حماس وتعلن بكل شجاعة وجرأة إعلانا فيه روح المسئولية الوطنية أن تجربتها في الحكم طوال سبع سنوات لم تأت بثمارها ، ولذلك نعلن انتهاء الانقسام، ونحن نترك الحكم للشعب الفلسطيني ليقرر .
نتمنى في هذا اليوم أن يعلن الرئيس أن هذا اليوم هو يوم الدولة معتمدا على قرار الأمم المتحدة 67/19 لعام 2012 ، وعليه الدعوة لانتخابات عامة تشريعية ورئاسية لدولة فلسطين .
نعم هذا ما نحتاجه في هذا اليوم وبه نعيد لقضيتنا وشعبنا بعضا من كرامته ، وهنا يظهر التحدي والإصرار على مواصلة الطريق ، طريق الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم ثرى ترابنا المقدس .
بقلم/ أكرم أبو عمرو