يبدو أن نتنياهو تستهويه ملاعبة الكبار، فيلاعبهم على أرضهم، فملاعبة نتنياهو لفرنسا تجعله يضرب الطابة برأسه نحو مرماها فيسجل هدفه الأول بالتراجع الفرنسي عن الاعتراف بدولة فلسطين في حال لم تحقق مبادرتها النجاح .
ولأن نتنياهو يشكل قلب الهجوم في فريقه فهو يصر على تسجيل الهدف الثاني في المرمى الفرنسي بإبعاد الطابة الفلسطينية خارج لعبته مع الفرنسيين، وذلك بطلب الضغط الفرنسي على الفلسطينيين ليتراجعوا عن تقديم طلبهم بخصوص الاستيطان إلى مجلس الأمن.
ولأن نتنياهو يقود فريقه بشكل جيد وكفؤ فهو قد اختار اللحظة المناسبة لاستبدال أحد اللاعبين في فريقه، حيث استبدل العسكري يعلون بالسياسي ليبرمان ليشكل جناحه اليمين القادر على ضرب الطابة في كل اتجاه في الوقت الذي يشاء ، فهل سيلعب ليبرمان دور البلدزور الذي يحطم كل شيء أمامه، أم أنه سيلعب دور كاسحة الألغام التي ستزيل كل لاعبي الخصم من أمام نتنياهو حيث سيقوم ليبرمان بملاعبة الفلسطينيين الذي يسعى للتخلص منهم وأبعادهم عن الملعب بأي شكل من الأشكال ولو احتاج الأمر للطيران والدبابات، أم أن ليبرمان سيلعب مع الفلسطينيين لعبة الجزرة والعصا ولا سيما وأن الفلسطينيين يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الذي سيجعل منه ليبرمان الجزرة التي يقدمها لهم وهم فرحون بذلك بعيدا عن حسابات السياسة لديهم.
ويستمر نتنياهو بملاعبة الفرنسيين رافضا مبادرتهم وأفكارهم ودعوتهم لعقد مؤتمر دولي بخصوص حل القضية الفلسطينية وطالبا من الفرنسيين أن يقوموا بدور النادل لخدمة طاولة المفاوضات الثنائية بينه وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وذلك في قلب باريس بديلا للمؤتمر الدولي في باريس، هدف آخر يحققه نتنياهو من ضربة جزاء داخل الأرض الفرنسية رغم الرفض الفرنسي والفلسطيني لذلك.
وبدون شروط مسبقة حسبما يدعي يبدي نتنياهو استعداده لمفاوضة الفلسطينيين على طاولة إقليمية ، ملمحا بذلك إلى امكانية قبوله بطرح الرئيس السيسي ومصرا في الوقت نفسه على ما يعتقد أنه الحل الممكن أن يكون باعتراف فلسطيني بيهودية كيانه كوطن قومي لليهود، وذلك مقابل دويلة فلسطينية هزيلة وعلى جزء من أرض دولة فلسطين العضو المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يبدو أن نتنياهو أتخم بالأهداف التي سجلها في المرمى الفرنسي ظانا بل وجازما أن الفلسطينيين في ظل وضعهم القائم لا يستطيعون الرفض المطلق لما يعرض عليهم في ظل وضع عربي رديء حيث تساوقوا مع الفرنسيين كما تساوقوا مع المصريين، كما أنه لديهم الاستعداد للتساوق مع كل ما يطرح عليهم دون أي تردد مهما كان الثمن، لأنهم يدركون أنه لا حل لقضيتهم وفق منظورهم فقط، حيث تتداخل المصالح العربية مع المصالح الإقليمية ومع المصالح الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار المصلحة الأمريكية الخاصة القائمة على حماية مشروعها الاستعماري على أرض فلسطين.
مقابل ما يحققه نتنياهو من أهداف في المرمى الفلسطيني والمرمى الفرنسي والمرمى الإقليمي والدولي على الفلسطينيين أن ينهضوا لرسم خارطة طريقهم المستقبلية وذلك بالخروج أولا من دائرة صراعاتهم الداخلية التي لا تخدم سوى العدو الصهيوني وتحقيق المصالحة الفلسطينية الشاملة، وثانيا الدعوة لانعقاد دورة عادية للمجلس الوطني الفلسطينيي بالتوافق على اختيار أعضائه بما يحقق التمثيل النسبي لكل مكونات الشعب الفلسطيني، وثالثا الخروج ببرنامج سياسي وطني فلسطيني ملبيا الحقوق الوطنية الفلسطينية وانتخاب قيادة فلسطينية جديدة قادرة على تعبئة كل الشعب الفلسطيني وراء برنامج نضالي يحقق كل طموحاته في كافة أماكن وجوده، لأنه لا يمكن مواجهة نتنياهو بكل هذا التشتت والتفرق والضعف.
2016/5/25. صلاح صبحية