الغالي لؤي لقد ذهبوا هناك ورقصوا حيث أردت لهم أن يفعلوا ذلك أيها الجميل, لقد كتبوا اسمك حفرا بخبطاتهم على تراب نابلس العظيمة وكانوا يدقون الأرض نداء إليك, وصبايا وشباب الفرقة التي صنعت بجهدك وتعبك, والدبكات التي رسمتها لوحات فرح وكفاح والتي اعتقد البعض أنها محض غياب للوعي أو ابتعاد عن حبيبات التراب وتفاصيل الحجارة وأنات الوجع لبلادنا جاء الاحتلال ليقول لنا هو بفعله لا بصوتنا نحن " مخطئون " وان الرقص كفاح فحين تدق أقدامنا تراب الوطن رقصا يصعد دفء التراب إلى رؤوسنا ويسري عشقا خرافيا في أجسادنا.
هو الوطن إذن يا صديقي أيقونة لا نقاربها صلاة فقط بل فعل عشق لا يموت, هو الوطن غابات من عيش بكل تفاصيله فهو خبزنا وزادنا ولباسنا وفراشنا وزيتنا ونارنا, هو الوطن إذن ذلك الباب الذي نوصده خلفنا حين نعود بعد التعب لنستريح ودون البيت لا راحة, والوطن بيت دون الوطن لا بيت ولا دفء ولا فراش ولا نوم, هو الوطن إذن فنجان قهوتنا في صباحنا البعيد عن جنون الأعداء, هو الوطن إذن نقرات كف على كف وطرقات قدم على قدم وهبوط ساق على التراب بحماية ساق أخرى وانتفاضة كف, هو الوطن إذن بوابة للرقص تحضيرا ليوم الفرح, حين لا نجد في بلادنا سورا ولا قضبان ولا أصفاد ولا جند غرباء, هو الوطن ودبكاتك أنت ومعك كل صبايا وصبيان بلادنا تحفرون الأرض بأقدامكم وتكتبون على صفحة السماء بأكفكم, هي فلسطين التي عمدت السماء من بواباتها كل تراب الأرض ومن على قممها هبطت السماء إلينا وارتفعنا لها, هي بلادنا ونحن أبنائها أيا كانت الرياح العابرة فهي تمضي وتبقى على الأرض جبالها شامخة بلوننا نحن صناع الحياة وأصحاب الماء السماوي الذي عمد الأرض كل الأرض من بوابات وانهر بلادنا فلسطين.
أيها الشاب الجميل أنت – لؤي طافش - , ادري جيدا طعم الزنزانة التي تضمك الآن, ولكن الذي أدريه أكثر أن الزنازين في عرف الأعداء محاولة لمنع التواصل مع تراب الأرض وناسها لكنها في عرف المناضلين فرصة لصياغة الفعل فكرا ومعاودة الفحص من جديد, فأقرأ رقصاتك هناك أكثر واعد صياغة لوحات الدبكة أكثر وتماهى مع خيوط الجدران وأقرأ على نبضاتها أسماء من سبقوك وأعد بيديك وقدميك صياغة اللوحة التي نعيش حبا وكفاح.
تدري يا لؤي أن الذين رقصوا تلك الليلة دونك لم يدعوك تمضي بعيدا بل حملوك على أكتافهم فكان رقصهم أكثر ثباتا فالحمل ثقيل كان على صباياك وصبيانك الراقصين ممن قرؤوا على هدي صوتك كيف يكون الرقص كفاح وكيف تكون الدبكة بروفة فعل لغد آتي نصوغ به بلادنا موحدين كما نفعل ذلك بخبطات أقدامنا بدوزان أوتارنا لا نشاز أولئك الذين يغيبون الوطن لذواتهم, دوزان أوتارنا معا هو ما أردت أنت وأراد الصغار قوله لكل أولئك المنشغلين بالانقسام والزارعين لذواتهم بدل الحجارة في ودياننا فاصعد يا ولدي بكفك واحمل نعليك إلى قمم الدنيا لنحفر الأرض لنل ونزرعها بالحب والثورة.
يجوز التنوع في الوحدة هذا هو الدرس الأول لفرقة نقش للفنون الشعبية من جنين والتي صاغها شبان بلادنا وفي طليعتهم أنت لتقولوا درسا بالأقدام لا يعرفه صناع الكلام فحين تهبط أقدام الراقصين على الأرض في نفس اللحظة ترد الأرض بالإيجاب لمن يحترم دوزنة أوتارها ويعزف عليها بتناغم واحد وان اختلفت قدم واحدة غاب الفعل واطل النشاز ألا يكفي ذلك درسا للوحدة يا ولدي, ألا يكفي ذلك درسا ليدرك من يختلفون أن الأمر جائز فألف قدم معا ستخرج الماء زلالا طاهرا من ارض طاهرة ومليار قدم بلا وحدة دوزنة أوتارها لن تخلف إلا الأرض البوار العاقر, فأكتب هناك على جدران سجنك خبطات الفتية واحرص على وحدتها وعلى قوة خبطاتها وأسعى لتترك ذاك الأثر الذي ستصنعه الأقدام في الأرض زرعا وتكتبه الأيدي على صفحات الريح صوتا ليصحو النيام, فسلام عيك وأنت تصوغ الفعل رقصا وسلام إليك وأنت تعيد صياغة الدبكة فعلا على أنغام سلاسلهم سيمفونية حرية لشعبنا وبلادنا.
أما نحن يا ولدي فسنواصل رقصنا على أهداب خطوك, أنت ومعك كل أولئك الصامدين هناك ليصوغوا الفرح في خيوط فجرنا الآتي حتما ففلسطين التي يحملها اسمها منذ ولدت الأرض وتحمل اسمها إلى ما بقيت الأرض هي رقصتنا التي نعيشها بكل فعلنا وأعظم ما في أفعالنا غيابكم القسري عنا والذي يمدنا دوما بالإيمان أن أولئك الذين يحملوننا على أهدابهم خلف الجدران والقضبان هم بواباتنا لافتتاح صباحنا الذي سنشربه يوما مع قهوتنا دافئا وجميلا, ليورق دوما فلسطيننا التي نحب وننتظر وطنا موحدا حرا وجميل ..
بقلم
عدنان الصباح