انسداد أفق التسوية يفتح مزاد المشاريع السياسية !

بقلم: رجب أبو سرية

ربما لا تكون هناك أدنى صلة بين ضم حزب "إسرائيل بيتنا" لحكومة اليمين الإسرائيلي بهدف تعزيز قاعدتها البرلمانية، وتشددها إزاء ما يطرح من مبادرات واقتراحات هنا وهناك لحل القضية الفلسطينية، وبين حل البرلمان الأردني، الذي أقدم عليه الملك عبد الله الثاني ونجم عنه تغيير حكومي لمواجهة استحقاق انتخاب برلمان أردني جديد، على قاعدة نظام انتخابي جديد أيضا، لكن من الطبيعي ملاحظة انه ومع انسداد الأفق أمام العملية السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، باتت عدة أطراف وجهات تطرح اقتراحات للتفاوض ومن ثم الحل.
من هذه المبادرات جاءت المبادرتان الفرنسية التي رفضتها إسرائيل، رغم إصرار فرنسا على التأكيد على عقد المؤتمر الدولي الذي ستحضره الولايات المتحدة في موعده، مترافقا مع إغراءات فرنسية جاءت على لسان رئيس حكومتها مانويل فالس، الذي طالب الدول العربية بإقامة علاقات مع إسرائيل، كذلك المبادرة المصرية التي ربطت بين المصالحة والمفاوضات، مترافقة مع حديث عن تعديل للمبادرة العربية يمس كلاً من الجولان وحق العودة.
ولعل إعادة الحديث عن الكونفدرالية الفلسطينية / الأردنية هو أكثر حديث يثير الجدل في كل من فلسطين والأردن، ذلك ان الجميع يعلم بأن الوضع الفلسطيني وكذلك الوضع العربي ليسا في أحسن أحوالهما، لذا فإن الحديث عن الحل النهائي مع إسرائيل يعني أن يتم الهبوط بسقف المطالب والثوابت الفلسطينية، وأن يتم التوصل لحل دون الحد الأدنى الذي يلبي طموحات الشعب الفلسطيني ويستجيب للحد الأدنى من حقوقه وأهدافه المعلنة منذ زمن طويل.
يبدو العرب _ دول الخليج ومصر ومعهم الأردن الى حد ما _ بحاجة الى حل سريع للقضية الفلسطينية، حتى يفتحوا أبواب العلاقة مع إسرائيل، وان يذهبوا بها الى تطبيع دافئ، ربما يصل إلى درجة عقد التحالف العسكري او الأمني لمواجهة التحدي الإيراني، خاصة لدول الخليج، والذي وصل أوجه بالحرب داخل اليمن وفي سورية، بعد تسخين الأوضاع الطائفية حتى داخل بعض دول الخليج (البحرين كمثال) هذه الحاجة تتطلب أولا حل الملف الفلسطيني، لذا جاءت الإشارة من الجانب العربي بتعديل المبادرة العربية المطروحة منذ عام 2002 دون أن تهتم بها إسرائيل، فضلا عن قبولها، رغم أنها تقول بفتح سفارات إسرائيل في كل الدول العربية والدول الإسلامية مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 _ ناقصة الجولان مع التعديل _ .
حديث الكونفدرالية ربما يمثل إغراء آخر لإسرائيل، بما يعني بأن العرب، في حال وافقت إسرائيل على مفاوضات عربية / إسرائيلية، وليس فلسطينية / إسرائيلية، فإنها ستسقط قبل الدخول في تلك المفاوضات الجولان وحق العودة، ومن ثم تفاوض على الضفة الغربية والقدس، وفق تصور الكونفدرالية، أي دون اشتراط إقامة الدولة الفلسطينية على كامل حدود 67 ودون شرط أن تكون موحدة في الضفة والقدس وغزة !
كذلك يمكن التوصل لمخارج عديدة، لقصة أن تعلن الفدرالية بين دولتين، وذلك بإعلان دولة فلسطين، والتي هي عضو مراقب الآن بالأمم المتحدة، حيث يمكن ان تفاجئ إسرائيل الجميع باعترافها بهذه الدولة حتى تدخل في مفاوضات مع إسرائيل على الحدود النهائية _ اي انه يمكن عقد صفقة تبدأ باعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية، مقابل دخول الفلسطينيين والعرب مفاوضات دون اشتراط ان تنتهي وفق سقف زمني بإنهاء الاحتلال لكل أراضي 67، ومعروف بانه مع الأردن، او الكونفدرالية لاحقاً يمكن التوصل لحل مقبول لمعضلة القدس!
يمكن القول إذن إنه يمكن لمفاوضات بين العرب ( مصر / السعودية / الأردن _ مع فلسطين ) أن يبدؤوا مفاوضات، تتابع ما بدأ من مدريد، وتنتهي بالكونفدرالية الأردنية / الفلسطينية، والتي يمكنها حتى أن تضم غزة، التي ستضع حينها تلك الدولة على شاطئ المتوسط .
يمكن أن لا يتم التوصل _ مسبقا _ لحدود التفاصيل، لكن حلاً في الوقت الراهن، يعني انه لن يتم تحقيق إنجازات حاسمة للأهداف الفلسطينية المعلنة منذ ما بعد عام 67، ولكن بالعودة لما كان عليه الحال قبل ذلك العام، مع تعديلات هنا وهناك، على حساب الجانب العربي، من خلال أن تكون الكونفدرالية التي لا يمكن لأحد ان يرفضها، نصف دولة فلسطينية، فيما تظفر إسرائيل، ليس فقط بتطبيع عربي، ولكن أيضا بما يقترب من نصف أرض الضفة الغربية، وبسيادة سياسية على القدس الشرقية، وهكذا يكون الجميع قد عبروا عن " الواقعية السياسية " بالقول بأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان في هذا الوقت وهذا الزمان !

رجب أبو سرية
2016-05-31
[email protected]