منذ بداية تاسيس السلطة الوطنية ....بدا الحديث همسا حول صراع سياسي.... اخذ مسميات متعددة ....اقلهم وما يمكن ان يعبر عنه هذا الصراع .....هو الكعكة وتقاسمها ....وما احدثته هذه الثقافة من خراب اصاب الفكر السياسي ...كما واصاب الخطاب الاعلامي .
ضاقت بنا الدنيا ...كما ضاقت بنا اوضاعنا ...مما زاد من همومنا ...وما احاطنا وتداخل بحياتنا العامة والخاصة الكثير من المغالطات والثقافات التي عززت من حب الذات ....وقدمت الانا علي الجماعة ....ليزداد صراع الذات ضراوة وشراسة ..مما ولد حالة من الصراع الخفي ....والذي نجم عنه مجموعة من التصرفات ...والسلوكيات والتي اخذت طريقها الي حيث استقرت بفكر البعض منا كما وتربعت بقلوب البعض منا ....وما انتجته من سلوكيات ومواقف ....يصعب فهمها ...وتحديد اهدافها المسيئة للجميع منا .
الكعكة كما احب البعض تسميتها ....والدائرة بكافة الارجاء....بما فيها وعليها وبما تتحلي به من جاذبية ....تميزها بجماليات ديكورية.... وما يمكن ان نتوهمه من حلاوة المذاق ...الذي يمكن ان يفتح شهية الناظرين ....كما الطامعين ....واقلها المنتظرين علي ناصية الترقب والانتظار للانقضاض في لحظة الحسم .
سنوات تعصف بنا ...وتزيد من همومنا ...وتشدد من الحصار علينا ...وتحدث الانهيار بمنظوماتنا الاخلاقية والاجتماعية ....الانسانية والثقافية ....السياسية والاعلامية لتضرب اسس ومرتكزات فكرنا ....ومخططات حياتنا ومستقبلنا .....حتي نصفي تائهين .....مشردين .....مهجرين ....منتحرين ....ومحروقين ....ومدفوعين بقوة شيطانية الي حيث لا نريد ....وحتي تهتز صورتنا ...ومقومات قوتنا ....وحتي يتم التلاعب بذواتنا واحاسيسنا وافكارنا ....بمحاولة تغليب عيوبنا ...وسلوكيات البعض والتي اثارت حولنا وبداخلنا حالة من الغضب ....كما حالة من الوقوف امام انفسنا لمراجعة ذاتنا ....وحتي لا تبقي الكعكة تدور ....ومن حولها الناظرين ...والطامعين بالتهامها ....والذين لا يحسبون للزمن..... ولا لعوامل الطبيعة التي يمكن ان تحدث التغير في الشكل واللون والطعم .
يتوهم البعض وكان الكعكة صالحة للابد ....ولن يؤثر عليها ما يجري حولها وبداخلها ....ونحن لا زلنا ندور حول انفسنا ...ونتصارع لياخذ كل منا ما استطاع ان يضع يده عليه .
قلنا ....ولا زلنا نقول ...وسنبقي نقول.... يا سادة الوطن ....فالوطن ليس بكعكة يمكن تقاسمها ....وشرذمتها ...وتفتيتها لانها لم تكن ...ولن تكون وليمة يسهل اكلها ....لكنه الوطن الاكبر ....والاعمق ...والاكثر تجذرا وشمولا ... الوطن بتاريخه ....ثقافته ....وتضحيات شعبه ....الوطن من شماله الي جنوبه ومن شرقه الي غربه لا يحتمل هذه الاطالة ....هذه المهزلة ....هذه المسخرة ...المسماه انقسام... كما المسمي الصراع علي السلطة والمخططات حولها ....وكاننا نباع ونشتري في سوق المزايدات ....وفي بورصة المصالح .....وندور وفق اجندات غيرنا من خلال تسريبات صحفية وتحت عناوين متعددة ....ومن خلال فبركات ومانشتات ومحاولات اعلان من خلال الاعلام لاظهار بريق ....وتعزيز جانبية هذا او ذاك.
الوطن غير قابل للبيع او الشراء ....كما انه غير قابل للقسمة ...كما انه ليس علي طاولة احد في العواصم والفنادق ....بل ان الوطن له عنوانه وشرعيته ....له شعبه الذي ضحي ....ولا زال يضحي من اجله ....له شعبه الذي لا زال صامدا علي ارضه ....والتي لا زال يحرم من ابسط متطلباته الحياتية والانسانية .
الوطن ....له قيادته الشرعية ومؤسساته القانونية والتنظيمية ....ويحكم بنظام داخلي ....وباولويات واهداف وطنية مجمع عليها .
فلسطين وشعبها من جذور التاريخ واعماقه ...وليسوا ظرفا طارئا ....لاحتلال جاثم ....ونكبة المت بنا ....وانقسام لا زال يعصف بعلاقاتنا ....فلسطين اكبر من ان تتناولها وسيلة اعلام لتقسيمها وفبركة صراعات ....وتاويلات ....وخزعبلات .....وكان فلسطين ليست لها شرعية وقيادة ....وليست لها مؤسساتها واطرها ....وقوي وحركات سياسية وطنية واسلامية.
ما وصلنا اليه قوي اعين الكثيرين بنا ...كما قوي تدخلات الاخرين بأحوالنا كما جعل منا مضغة للحديث عنها.... لكننا نقولها اننا اعظم من ان ينال منا كافة الطامعين والمتربصين والحالمين .
عدونا لا زال علي قوته ..ولا زال يرتب نفسه ...ويحدث خطابه السياسي والاعلامي ...ويحاول الظهور بمظهر الداعي للسلام والتفاوض..والحريص علي امن واستقرار المنطقة كما وبدا يتلقف الردود والتي اصبح البعض يعتبرها ارضية مقبولة لبداية مرحلة تفاوض جديدة ....الا ان رد الرئاسة الفلسطينية وباختصار شديد اننا نريد الافعال ولا نريد الاقوال وهو الموقف الرسمي والصريح....والمعبر عن حقيقة الموقف الفلسطيني.
البساط يسحب من تحت اقدامنا في ظل ترتيب اوضاع المنطقة ..وانهاء الصراعات بداخلها ويجري ترتيب وتحديد الاولويات.... من حل الصراع الاسرائيلي العربي كما محاربة الارهاب علي اعتبار ان حل القضية الفلسطينية هي المقدمة الاولي لامكانية محاربة الارهاب.... لذلك الجهود منصبة لايجاد حلول سياسية .....ربما لن تكون كما نتمني ونامل ...لكنها ستحدث التغير بحده الادني والذي سيدخلنا بمرحلة الدولة بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية والي حد الاستقرار النسبي والتنمية والانتعاش الاقتصادي...وقادم الزمن كفيل بالحكم علي ما يمكن ان يطرا من متغيرات مستقبلية .
اسرائيل ترتب اوراقها ....كما المنطقة والاقليم يرتب اوراقه ....كما العالم يرتب اوراقه ....ولا زلنا نحن اصحاب القضية اوراقنا متناثرة ومبعثرة ....ولا زالت ارادتنا غير موحدة ....وطاقاتنا مشتتة .
كل الخوف والحذر من الذوبان ...والتوهان ...والخروج عن الخط ....وعندها لن نجد كعكة حتي نتصارع عليها ....ولن تصلح حتي لاكلها ....ولا حتي لتقاسمها ....لانها ستكون قد اصابها العفن ....ورائحتها قد انتشرت وشردت من حولها .....وسيكون الدفن سبيلها ....بمدافن التاريخ ....وحتي تتعرف الاجيال بقادم الزمان ....ما سوف يكتب لنا ..وعلينا .
بقلم/ وفيق زنداح