مراحل ولحظات تمر.... يصعب فيها علينا استيعاب بعض ما يقال ... وما يردد وما يمكن توقعه وحدوثه ... كل شيء ... وبأغلبية ما يقال .....لا يتم استيعابه وتصديقه ... ولا يبقى محفورا بذاكرتنا لفترات طويلة ... لهامشية ما يقال ... وسطحيته ... وعدم استناده لكافة الوقائع والمنطلقات ... باعتباره ضمن المانشتات والتصريحات .
مؤتمر باريس لم يكن بإمكاننا ان نتوقع منه الكثير ... بأكثر مما خرج عنه ... لأنها معادلة السياسة الدولية ... وموازينها ... ومصالحها أمام حالة فلسطينية منقسمة على نفسها ... ... ترفض المبادرة الفرنسية ... كما ترفض المؤتمر ... قبل أن نستمع الى ما يمكن ان يقال او يخرج من نتائج يمكن ان تقدمنا خطوة للأمام .
مؤتمر باريس الذي انعقد وانتهى .....سيوصلنا الى دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 بعاصمتها القدس الشرقية وحل القضية وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ....فهل يمكن لأحد منا أن يرفض ؟!
يخرج البعض منا في تصريحات أقل ما يمكن التعبير عنها بأنها مصالح حزبية ... وليست تعبيرا عن مصالح وطنية ... برفض المبادرة الفرنسية والمؤتمر الدولي وكأن العالم بأسره يتمنى علينا ويدعوننا..... ويتوسلوا الينا ان نعترف ... وان نشارك وان نقبل بالنتائج .
كما وتخرج بعض التصريحات والحلول الترقيعية..... للتخفيف من حدة الحصار واكسابه شرعية اضافية من خلال ميناء ومطار وممرات ... ولا ناتي على الاحتلال وانسحابه ... ولا على الدولة وقيامها ....ولا على التسوية السياسية وانجازها ... وكأن ازمتنا تتمحور بكيفية خروجنا ودخولنا ... وما يرد علينا .....وما يمكن ان نصدره من انتاجنا وفائضنا ... وهذا بعكس الحقيقة والواقع وما نسعى اليه ... وما تم التضحية من اجله .
لدينا مشكلتين بحياتنا السياسية الفلسطينية :
الأولى / سياسة الرفض المسبق المعنون بأسماء الفصائل في اطار شعارات كبرى ودون أدنى حلول يمكن من خلالها ان يتم توجيهنا وتصويب مسارنا .
الثانية / بعض اسقف الحلول الفصائلية أقل بكثير من سقف الحل السياسي للقيادة الفلسطينية المطالبة بدولة وحدود وسيادة ... وما يمكن ان يعنيه ذلك من ميناء ومطارات في المحافظات الشمالية والجنوبية ....ومصانع انتاجية يمكن من خلالها ان نحقق التصدير والاستيراد والتشغيل ومعالجة البطالة.... وتدني مستوى الدخل واحداث التنمية بمعدلات مرتفعة وتحقيق الانتعاش الاقتصادي ... وتوفير الخدمات ومستلزمات البنية التحتية ....كل هذا يتم من خلال دولة وحدود وسيادة وليس من خلال ميناء لا يتم وفق الظروف الحالية الا عبر الموافقة والاشراف الاسرائيلي المباشر وكأنه معبر ايرز .
المشكلة لدينا ... ان كل منا يريد ان يقول وبصريح العبارة .....اما ان تخرب بيدي ... ولكن لا تعمر بيد غيري ... وما بين القائلين من القادة والمسؤولين.... الملايين من المستمعين الذين يعانون بقوت يومهم ومأواهم الذي لا زال بحاجة الى الاعمار ... وبجلوسهم بمنازلهم دون فرصة عمل يقوتون فيها يومهم ... من يعيشون الحسرة بكل الامها ... ولم يحققوا احلام ابنائهم لا في واقعهم ولا التحضير لمستقبلهم .....من يفقدون ابنائهم ....واطفالهم وهم يحرقون بشمعة تضيء لهم ظلمة الليل ....في ظل انقطاع الكهرباء ....وانعدام متطلبات حياة البشر والادميين .
لا يجوز ... ولا يعقل ان تدار امورنا ... ومصالحنا ... حساباتنا ... وقضيتنا بطريقة عشوائية غير منظمة ....وبطريقة غير مؤسساتية ....لا تخضع لتعدد الآراء والاجتهادات في ظل تصريحات متناقضة ومنطلقات مختلفة ... وبمفردات وعبارات غير متصلة ....تعبيرا عن حالة من الانفصال والانفصام السياسي ... في ظل حالة الانقسام التي يبدو ان للبعض مصلحة باستمراره ... وترسيخه ... وكأنه حالة ابدية مع بعض الديكورات والتعديلات لإضفاء بعض الجمال ... على انقسام قبيح لا يمكن ان يجمل ....او يسهل على احد منا ان يقبل به .
اقولها واجري على الله ...ونحن مقبلين على اعتاب شهر رمضان المبارك ... شهر التقرب لله سبحانه وتعالى ... أن ما نفعله بأيدينا ...يزيد اضعافا عما يفعله غيرنا بنا ...وان ما يخرج عن تصريحاتنا يزيدنا ضعفا وتشتتا ....ويعكر من اجوائنا .....ويجعل من حل قضيتنا امر مستحيلا ... في ظل هذا الزمن الذي طال انتظاره .....والذي لا زال يعصف بنا ... ويثقل علينا همومنا .
السقف الوطني ... الموقف الوطني ... الثوابت الوطنية ... ثابت بقاموسنا الوطني وغير قابلة للتعديل او الانقاص ... ولن يكون الحديث فيها بلاغة كلامية ....او محاولة لأن نفرض على غيرنا الاستماع لما نقول ... ونحن ندرك بعدم اهتمام غيرنا بنا ... وحتى استحالة القفز عن ما هو مخطط ومرسوم ....وما يمكن ان يتم عبر تسوية دولية بإرادة المجتمع الدولي حتى ولو تأخرت هذه الارادة عن تنفيذ تسويتها ....الا انها تنفذ بما نطالب به من دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وعدم القبول باجراء أي تعديل علي مبادرة السلام العربية .
الموقف الفلسطيني الرسمي موقف واضح وصريح وثابت ....ولا تغير عليه منذ عقود وحتي يومنا هذا ....مع ان المواقف المعارضة لهذا الموقف قد حدث عليها تغيرات كثيرة لا حصر لها.
قضيتنا الفلسطينية قضية العرب الاولي ...قضية دولية اجتمع العالم باسره لايجاد الحلول لها وحتي ولو جاءت النتائج باقل مما نامل ...وحتي لو كانت المخرجات باقل من التوقعات ...لكننا علي موقفنا وثوابتنا واستراتيجيتنا ....ولا يمكن القبول باستمرار سيل التصريحات المعارضة والمحكومة بنتائج ما يحدث او المحكومة بالمواقف الاسرائيلية .
يجب ان نفرق ....ونحن ندرك ذلك تماما ....ما بين الموقف الاسرائيلي والرافض للتسوية السياسية وفق المفهوم الفلسطيني .....وان لا يتم الخلط ومدي خطورته بين موقف المعارضين بساحتنا الفلسطينية وموقف هذه الحكومة اليمينية العنصرية او حتي علي حالة الفشل ....لارادة المجتمع الدولي .
المشهد الداخلي السياسي الفصائلي وعنوانه الرئيس موقف حركة فتح المتمسكة بالثوابت والتسوية السياسية المقرة بالمجالس الوطنية والتي تنسجم مع ارادة الاغلبية العظمي من الجماهير الفلسطينية ....وهي ذاتها الحركة التي تتحمل كل المسؤولية عن مواقفها .....وتدافع عنها ....وتعمل من اجل انجازها ....لكن بالمقابل ومع احترامنا لباقي القوي باغلبيتها.... تحاول ان تصدر مواقفها الرافضة لعدم تحملها مسؤولية القبول ....وفي ذات الوقت قناعتها باحتمالية الفشل للجهود المبذولة باكثر من احتمالية النجاح .....وكان كل الخوف وفق حساباتهم علي ما يمكن ان يربحون او يخسرون ....وهذا هو الفرق في المواقف .
الرفض ....وعدم القبول سياسة خبرناها منذ زمن طويل ...وقد تم دفع ثمنها لكن الحقيقة ربما الغائبة عن البعض ان ما تم رفضه اصبح مطلبا اليوم ....وان ما يتم رفضه نتمني ان يعرض علينا اليوم ...وهذا ما يحتاج الي مراجعة مواقف الجميع منا ....وان لا نبقي نقول ....يا حسرتنا!!!!.
بقلم/ وفيق زنداح