أي تحرك دولي تجاه القضية الفلسطينية يحمل في طياته مصائب تحضر للمنطقة بحسب التجارب السابقة بدءا من مؤتمر مدريد للسلام عام 1990 أعقبه ضرب العراق ، خطة خارطة الطريق التي أطلقها جورج بوش الابن كانت مقدمه إلى احتلال العراق ، ورؤيا الدولتين لما تتضمنه خطاب اوباما في جامعة القاهرة أعقبها ما يسمى ثورات الربيع العربي ،
منذ أوسلو ولغاية الآن لم يتحقق على صعيد القضية الفلسطينية شئ يذكر سوى الوعيد مزيد من الوقت لتتمكن حكومة الاحتلال الصهيوني من استكمال مشرعها الاستيطاني والتهويدي ،حكومة الاحتلال الصهيوني شنت ثلاث حروب ضد قطاع غزه وحرب 2006 ضد حزب الله واجتياح الضفة الغربية 2003 ، وان حكومات الاحتلال المتعاقبة جميعها مستمرة في عملية التهويد والمشروع الاستيطاني ومصادرة الأراضي وتشريع القتل للفلسطيني بمجرد الاشتباه .
عقد مؤتمر باريس حول تسوية ألازمه شرق أوسطيه لم يأت من فراغ ، فقد سبق وان شهدنا عقد اجتماعات تحت مسمى أصدقاء سوريا لدعم الشعب السوري وان هذه الاجتماعات تزيد في المأساة السورية وان الصراع على سوريا يزداد يوما عن يوم بفعل المؤامرة التي تستهدف سوريا ونخشى ما نخشاه أن مؤتمر باريس للسلام للشرق الأوسط استنساخ لمؤتمرات أصدقاء سوريا وهي في حقيقة الأمر تآمر على سوريا
أليس غريبا أن يعقد مؤتمر باريس في ذكرى مرور مائة عام على اتفاقية سيكس بيكو والتي بموجبها تم اقتطاع فلسطين لتنفيذ وعد بلفور لإقامة وطن يهودي للاسرائليين فوق فلسطين ، وهنا لا بد لنا من تتبع المراحل التاريخية لاتفاقية سيكس بيكو ووعد بلفور وما حل بآلامه العربية حيث نكث الغرب بكل تعهداته للشريف الحسين بن علي ورفض تلبية مطالبه رغم الوعود التي ترافقت مع انطلاق الثورة العربية الكبرى ضد ألدوله العثمانية .
مؤتمر باريس عقد دون مشاركة الفلسطينيين أو الإسرائيليين وهم طرفي الصراع الرئيسيين وان الفلسطينيون رغم تأييدهم للمبادرة الفرنسية إلا أنهم يشككون في جدوى المؤتمر.
وكان رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو قد أعلن رفضه المبادرة الفرنسية، ودعا إلى إجراء مفاوضات مباشرة بدون شروط مسبقة بين الطرفين.
كما استبق دوري غولد المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية المؤتمر بتصريحات توقع فيها مصيره بالفشل مثل اتفاقية "سيكس-بيكو" لتقسيم الشرق الأوسط بعد انهيار الدولة العثمانية.
وقال غولد "هذا المجهود فشل تماما آنذاك، وسيفشل اليوم بالكامل وذكر أن إسرائيل ترغب في عملية إقليمية تشمل دولا عربية، قائلا "السبيل الوحيد للتوصل إلى ترتيب إقليمي مستقر يتيح لنا خلق سلام حقيقي في الشرق الأوسط هو إذا توصلت أطراف المنطقة إلى تفاهمات فيما بينها".
وأضاف "نعتقد أن الدول العربية سوف تدعم مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. لذا، نفضل عملية شرق أوسطية وليس عملية يحاول شخص ما خلقها في باريس ،وبحسب وزارة الخارجية الفرنسية، يهدف الاجتماع إلى مراجعة الوضع القائم على الأرض وفكرة حل الدولتين، ثم بحث تفاصيل إقامة مؤتمر دولي يضم الفلسطينيين والإسرائيليين بحلول نهاية العام.
ويقول دبلوماسيون إن الاجتماع سيحشد كل الحوافز الاقتصادية والضمانات التي عرضتها عدة دول في سنوات ماضية من أجل إعداد أجندة للمؤتمر المرتقب، بحسب وكالة رويترز للأنباء ، فيما نقلت وكالة فرانس برس عن مصادر دبلوماسية فرنسية قولها إن المبادرة تركز على مبادرة السلام العربية التي ترجع إلى عام 2002.
وبموجب تلك المبادرة، تعهدت الدول العربية بالاعتراف بدولة إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية.
وقال نتنياهو إن الخطة التي طرحتها السعودية في بادئ الأمر بها "عناصر إيجابية ، ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي، جرت العديد من جولات المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،وتوقفت آخر جولات المحادثات بين الجانبين في ابريل/ نيسان 2014 وسط أجواء من التوتر.
وحينها اتهم الفلسطينيون إسرائيل بالتنصل من اتفاق للإفراج عن سجناء، بينما رفضت إسرائيل مواصلة المفاوضات بعد قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالدخول في حكومة وحدة وطنية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وأكثر القضايا الشائكة التي تعترض أي تقدم في المفاوضات هي وضع القدس، والمستوطنات الصهيونية في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، والدولة الفلسطينية ،ومنذ عام 1967، أقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 100 مستوطنة في الضفة الغربية والقدس الشرقية ،وتعتبر المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي.
ووفق ما ذكر والبحث ما بين السطور يمكن التكهن أن عقد مؤتمر باريس الذي عقد في الثاني من شهر حزيران الحالي وضم وزراء ثلاثين دوله من بينها الولايات المتحدة تحت مسمى التحضير لانطلاق عملية السلام على أساس حل الدولتين أن هذا المؤتمر فشل في تحقيق أهدافه وان توقعاته كانت دون المستوى
والسبب في ذلك أن العالم العربي يعيش حاله من الانهيار والانقسام بسبب الحروب والصراعات وان إمكانية حدوث تنازل ومقايضه على القضية الفلسطينية أمر ممكن وهنا تكمن خطورة انعقاد مؤتمر باريس وفي هذا التوقيت حيث الصراع على سوريا على أشده وان محادثات التوصل لحل في اليمن لوقف الحرب تكاد تكون متعثرة وان إيران أصبحت على حدود إسرائيل في سوريا ولبنان وان العراق يعيش حاله من التمزق والصراع المذهبي على أشده حيث التدخل الإيراني والإقليمي يضرب وحدة العراق .
من قراءتنا وراء السطور في أسباب ومسببات التعجيل لعقد مؤتمر باريس لبحث الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين بحيث بتنا نخشى من وجود مخطط تآمري ضد المنطقة العربية ضمن عملية إعادة صياغة سيكس بيكو واحد والتوصل لصياغة جديدة لسايكس بيكو 2
بتنا نخشى من مخطط كبير ومؤامرة تستهدف المنطقة وتستهدف القضية الفلسطينية ضمن مؤامرة إعادة تقسيم المنطقة إلى ممالك ودويلات وأقاليم عرقيه وطائفيه ومذهبيه وان عقد مؤتمر باريس جاء للتغطية على هذا المخطط باستعمال القضية الفلسطينية كأداة مثل ما سبق وحدث من مؤتمر مدريد للسلام ولغاية الآن ، لم تشهد القضية الفلسطينية طيلة هذه السنوات سوى المزيد من التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية ومصادرة الأراضي وتقسيم الضفة الغربية إلى كنتنات بعد بناء جدار الفصل العنصري
المبادرة الفرنسية تشعرنا بمزيد من الريبة والشك والقلق على مستقبل المنطقة التي تعصف فيها الخلافات والصراعات وان الهرولة العربية إلى باريس في ظل طرح الرئيس المصري لمبادرته تحمل في طياتها الهرولة العربية للتطبيع مع إسرائيل وتوفير الأمن والاستقرار للاحتلال الصهيوني ، حيث تشتد وطأة المؤامرة العربية للانقلاب على القيادة الفلسطينية وتنصيب وصاية على الشعب الفلسطيني لتسهيل عملية تمرير المخطط التآمري والذي قد يكون مؤتمر باريس احد أدواته وغطاء لتمرير المخطط التآمري كما هو الحال مع مؤتمر أصدقاء سوريا الذي وجد لتمرير المؤامرة على الشعب السوري
ندرك حقيقة ما يحمله مؤتمر باريس من مخاطر محدقة بالشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وان حكومة الاحتلال لم ولن تتنازل عن مخططها ألتهويدي والاستيطاني وان الموقف الفلسطيني في موقف لا يحسد عليه بفعل الانقسام وان الخروج من مأزق ما يتم التخطيط له في باريس هو في استعادة وحدة فتح وكشف المتآمرين والمتخاذلين والمنضوين في المؤامرة التي تحيكها دول عربيه وإقليميه لفرض الوصاية على الشعب الفلسطيني ، وان سرعة انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح وإجراء انتخابات فتحاويه يكون بمقدورها التصدي للمؤامرة والعمل على سرعة إنهاء الانقسام وتشكيل وحدة وطنيه فلسطينيه تقود لانتخابات رئاسية وتشريعيه ومجلس وطني والعمل على تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية والتوصل لاستراتجيه وطنيه فلسطينيه يكون بمقدورها لإحباط التآمر على فلسطين والقضية الفلسطينية وذلك ضمن قراءتنا للسطور التي بسببها تم عقد مؤتمر باريس للسلام الذي خرج دون سقف التوقعات ولم يخرج بمبادرة تحدد سقف زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة دوله فلسطينيه وعاصمتها القدس وهنا مكمن الخطر الذي بتنا نتخوف منه.
بقلم/ علي ابوحبله