مش منا .. مش منا أبدا يلي يساوم على موطنا
مش منا و لا من أمتنا يلي يعاديكي ثورتنا
لطالما ردد الفلسطينيون هذه الكلمات مرارا و تكرارا و في كل المناسبات الوطنية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.. و أكدها المقاومون الفلسطينيون عبر فوهات البنادق في إطار الصراع الوجودي ضد الاحتلال الصهيوني ، نعود إلى ترديدها اليوم مع عودة طرح مبادرات و مشاريع جديدة قديمة في أهدافها القريبة و البعيدة ، لتصفية القضية الفلسطينية .
آخر ما تفتقت عنه ذهنيات أصحاب التسويات الهدامة مبادرة "فرنسية" و أخرى "مصرية" إضافة لمحاولة إحياء و تحديث المبادرة "العربية" التي أطلقت في العام 2002 و هي رميم ، لتعود القضية الفلسطينية إلى دوامة التفاوض في ظل "الربيع العربي " الذي يبدو انه يهدف إلى إغلاق ملف القضية الفلسطينية إلى الأبد و هذا سوف يتضح أكثر فأكثر في المرحلة المقبلة مع انكشاف حقيقة هذا "الربيع " .
بالمناسبة اعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في تصريحات صحافية في ختام اجتماع لقاء باريس التشاوري،" المبادرة العربية " "الفرصة الأفضل" من اجل تسوية، "ونأمل بان تسود الحكمة في إسرائيل، وان يوافق عليها الإسرائيليون".
وذكّر الجبير بأن المبادرة تلحظ بالخصوص "اتفاق سلام بين إسرائيل والبلدان العربية" و "علاقات طبيعية" بين الجانبين "مقابل الانسحاب من الأراضي التي تم احتلالها في العام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".
في كل المبادرات تفرض أمريكا و الكيان الصهيوني كالعادة إيقاعهما، سواء في اللقاءات السرية أو العلنية . و كالعادة أيضا فان العرب إلا من رحم ربي يدعمون هذه المبادرات و المشاريع .و هنا نخص المبادرة "الفرنسية " بالتحليل و التركيب لمضمونها و أهدافها .
29 وزير خارجية اجتمعوا في باريس للبحث في الجمود السياسي، ولتحديد موعد لمؤتمر "السلام" و تناقشوا في كيفية إنهاء الصراع و في عرفهم " النزاع " العربي – الصهيوني ، و خرجوا ببيان يؤكد أن "الوضع القائم حالياً" لا يمكن أن يستمر، معربين عن "القلق" حيال الوضع الميداني وسط "استمرار أعمال العنف والأنشطة الاستيطانية". ويشير البيان أيضا إلى النصوص المرجعية الدولية، خصوصاً قرارات الأمم المتحدة كأساس للمفاوضات.
وصدرت عن الاجتماع إعلانات محدودة جداً، مع اقتراح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت «إطلاق أعمال» حول الحوافز الممكنة على مستويات الاقتصاد والتعاون والأمن الإقليميين لإقناع الطرفين الفلسطيني و الصهيوني بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
ووعد ايرولت بأن تبدأ فرق العمل " قبل نهاية الشهر"، مضيفا انه سيسعى "بسرعة كبيرة" للتحادث مع رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لاقتراح "العمل الوثيق معهما".
أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فقد أعلن أن "لهذه المبادرة هدف واحد لحث العملية السلمية الإسرائيلية ـ الفلسطينية. فالعنف يتزايد والأمل يتبدد، ولذلك فإننا نريد محاولة إحياء العملية السلمية. علينا العمل من أجل الاعتراف بأنه في السياق الإقليمي ـ كل فراغ سياسي سيملأ بالتطرف والإرهاب".
وبحسب هولاند، فإن " اتفاق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ينبغي أن يضم دول المنطقة. فالأمور تغيرت في السنوات الأخيرة. هناك حرب في سوريا، في العراق، والإرهاب في المنطقة. وهناك من سيفسر ذلك كاحتمال لترك الموضوع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، لكنني أزعم العكس. فقط الطرفان نفسيهما يمكنهما اتخاذ الخطوة الشجاعة نحو السلام. نحن لا يمكننا فعل ذلك بدلاً منهما، وإنما فقط المساعدة وتقديم الضمانات".
وأضاف الرئيس الفرنسي أنه «في لقاء اليوم، علينا التشديد على أن السلام يتحقق عن طريق إنشاء دولتين لشعبين يعيشان جنب إلى جنب بأمن. وبعد المؤتمر، علينا إنشاء مجموعات عمل لتشخيص الخطوات التي ينبغي تنفيذها من أجل السماح باستئناف المفاوضات. علينا التفكير كيف نمنع التصعيد، وما هي ترتيبات الأمن المطلوبة، وما هي العواقب. علينا خلق الأرضية المناسبة التي تسمح باستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. إن هذا النزاع استمر أكثر مما ينبغي، والهدف هو العثور على الشروط الملائمة للسلام. آمل أن العملية التي نحركها اليوم ستصل إلى النهاية المأمولة، وهي تحقيق السلام».
الرد الفلسطيني تفاوت في الشكل و المضمون بين الرسمي "المرتبك " و الفصائلي الرافض " بمجمله "و الشعبي الذي تتفاوت مواقفه أيضا بحسب المكان و الزمان اللذين يعيشهما الفلسطينيون ، و كل أدلى بدلوه .
رسميا اتهم وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي من وصفهم بـ"لاعبين كبار" من دون أن يسميهم، بخفض مستوى التوقعات في البيان الختامي. وأضاف المالكي "يبدو أننا ندفع ثمن حضور اللاعبين الكبار، بحيث عملوا على تخفيض منسوب البيان وما تضمنه، بحيث غاب عنه كثير من النقاط الأساسية التي كنا نفترض أن تكون موجودة فيه".
وقال المالكي "كنا نتوقع بياناً أفضل، كنا نتوقع مضمون بيان أفضل، ولكن نحن الآن في انتظار أن نسمع من الخارجية الفرنسية والعرب الذين شاركوا في هذا الاجتماع".
بينما علق المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على الاجتماع الفرنسي، بالقول "إن الموقف الفلسطيني والعربي، وفق قرارات المجلس الوطني والشرعية الدولية، هو بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967".
وأضاف "كذلك عدم المساس بمبادرة السلام العربية، والحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية لان ذلك هو الطريق الوحيد الذي يحقق الأمن والاستقرار". وأكد أبو ردينة "التزام الجانب الفلسطيني بسلام عادل وشامل وفق حل يحافظ على مقدساتنا وحقوقنا وتاريخنا".
محق صاحب الدعوة هولاند بقوله "إن هذا الصراع أو (النزاع) برأيه ، استمر أكثر مما ينبغي و كل فراغ سياسي سيملأ بالتطرف والإرهاب" غير انه نسي أو تناسى عن سابق عمد و إصرار أن استمرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين هو الذي يساعد في نشر التطرف و الإرهاب و ليس أدل على ذلك من الذي نراه اليوم من إرهاب عابر للقارات جاء إلى الأرض العربية ليقتل و يفكك و يدمر و ينهب عبر ميليشيات و فصائل مسلحة تحت راية "الجهاد" و غيرها بذريعة إحقاق الحرية و الديمقراطية و التعددية غير ذلك من شعارات أثبت الواقع أنها باطلة .
كم بتنا اليوم إلى كثير من دعوات تنشيط الذاكرة لقراءة ما يجري راهنا ذاتيا و موضوعيا ، قراءة صحيحة و البناء عليه مستقبلا لنصل إلى نتيجة كانت و ستبقى راسخة مفادها أن الاحتلال و السلام نقيضان لا يلتقيان أبدا مهما فرخت المبادرات و المشاريع حلولا تسووية هي في شكلها و مضمونها مؤامرات لتصفية القضية المركزية للعرب ( فلسطين ) ، لذلك ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها ..
بالمناسبة ، "لاءات الخرطوم" لا تزال قابلة للتنفيذ أيها السادة ، و ستدعمها اليوم "لاءات دمشق و المقاومة" ,, فقط تعالوا و ( ستأتون حتما ) إلى عاصمة الياسمين .. فعندها يبقى دائما الخبر اليقين و الموقف الثابت الذي لا يلين .
بقلم/ نعيم إبراهيم