مخيم اليرموك ذلك المجهول الذي مشى إليه أهلنا بأقدامهم مرغمين ، إبّان جرح النكبة سنة 1948، بعدما كان ملّاكا وصاحب أرض ومال في وطنه فلسطين ، هذا المخيم تحول في فترة قصيرة إلى صورة وطن ومنفى في الوقت نفسه ، وكان بداية انطلاقة لنضاله طيلة العقود الماضية ضد العدو الاسرائيلي ، ومسرحا لأحلامه المسروقة ضمن بقعة أرض صغيرة لا تتجاوز الكيلومترات ، بعد هذا الكلام عن رمزية هذا المكان ماذا يمثل لك مخيم اليرموك كلاجىء فلسطيني وماهي انعكاسات الأزمة على أبناء اليرموك ،وماهو دور الإعلاميين في تنبيه وعي أبناء شعبنا الفلسطيني،هذه الأسئلة وغيرها يحملها الأستاذ وسيم وني لعدد من السياسيين والكتاب الفلسطينين من أبناء مخيم اليرموك فكان التحقيق التالي:
ما يمثله مخيم اليرموك لللاجئين الذين شردو من أرضهم فلسطين :
أكد / الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني/ أمين سر تحالف قوى المقاومة الفلسطينية خالد عبد المجيد بأن مخيم اليرموك هو عاصمة حق العودة وعاصمة الشتات وللاجئين في الدول العربية، ومركز لمكاتب وقيادات فصائل المقاومة الفلسطينية ، وهو الخزان الكبير للثورة الفلسطينية المعاصرة، ولذلك فإن لمخيم اليرموك رمزية مميزة عن المخيمات الفلسطينية بحكم وجوده في سورية التي انطلقت منها الثورة المعاصرة وتتمركز فيها معظم مقرات ومكاتب الفصائل الفلسطينية طيلة ال50 عاما، أما على الصعيد الشعبي فإن تعامل سورية مع الفلسطيني طيلة فترة اللجوء جعل من فلسطيني سورية في وضع أفضل من كل الفلسطينين في الدول العربية فهو أعطي كل الحقوق التي يتمتع بها السوري باستثناء مجلس الشعب والحكومة، في حين رأى /أمين سر الملتقى الشعبي الفلسطيني/ الشيخ محمد العمري بأن مخيم اليرموك بالنسبة لي هو الرئة التي أتنفس بها انتمائي وهو الوطن الذي أنظر من خلاله العودة إلى فلسطين، وبدوره أعرب /عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين /القيادة العامة/ عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ رافع الساعدي بأن مخيم اليرموك هو الخيمة الفلسطينية التي ظللت الغالبية العظمى من أبناء الشعب العربي الفلسطيني في سورية على مدار سبعة عقود من الزمن بحلوه ومره...سترت المعاناة وحفظت الاحلام وجمعت الموروث وصقلت المجتمع الفلسطيني المقتلع من أرضه كي يمتلك مقومات الصبر والصمود المنكه بالتحدي ثم التصدي وصنع الثورة الأعظم من أجل تحرير الأرض والإنسان ، ومن جهته أعرب /عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/ عمر مراد أن المخيم للاجئ الفلسطيني يعني قضية أي مأساة اللجوء والتشريد وهو المسكن المؤقت لحين تحقيق الأمل والهدف؛تحرير فلسطين والعودة إليها. ولعب المخيم دورا كبيرا في حفظ الهوية والذاكرة الوطنية لمعظم اللاجئين ، أما مخيم اليرموك فكان منطلقا للخلايا الأولى للثورة الفلسطينية المعاصرة...وإثبات للذات الفلسطينية من خلال رفض الجريمة الصهيونية وإقتلاع الفلسطنيين من أرضهم وطردهم الى المنافي ، والتمرد على التواطؤ والتآمر والعجز العربي ، فكان لمخيم اليرموك شرف إنطلاق الخلايا الثورية والمجموعات الفدائية الأولى بإتجاه معارك التحرير.
إنعاكاسات الأزمة على أبناء مخيم اليرموك :
أتت الأزمة السورية لتلقي بظلالها على مخيم اليرموك حيث قال الشيخ محمد العمري : إن مخيم اليرموك يحتوي الكثير من العائلات السورية من كافة الأطياف لذلك تأثر كثيرا ، كما أن المخيم رمز كبير يمثل حق العودة فمن الطبيعي أن تعمل المجموعات المسلحة على زجه كورقة ضغط تستعمل في أي مجال ، ومن الطبيعي أن يكون المخيم خاصرة موجعة ورئيسية تحرج سورية من جهة ، وتخدم مشروع تصفية القضية الفلسطينية وطمس حق العودة ،من جهة أُخرى ، وأشار رافع الساعدي أنه كما جاء في الميثاق القومي الفلسطيني وكذلك الميثاق الوطني فيما بعد الشعب العربي الفلسطيني جزء من الأمة العربية ويمكن القول أنه طليعة الأمة، بالمجمل وهو يؤثر ويتأثربالتطورات المختلفة على إمتداد الساحة العربية خاصة إذا علمنا أن العدوان على سوريه يستهدف فلسطين وهو عدوان على فلسطين وكارثة اليرموك ضربه نجلاء في صميم القلب الفلسطيني ، والقضية الفلسطينية، وأشار عمر مراد إلى أن إنعكاسات الأزمة السورية على المخيمات الفلسطينية وخاصة مخيم اليرموك كانت خطيرة جداً وأخطارها أبعد وأبعد من آﻻم وعذابات النزوح والقتل والفقد والجوع ، ﻷن من أراد لنا واستباح المخيمات وخاصة اليرموك كان يهدف إلى تحطيم المجتمع الفلسطيني داخل المخيم وتهشيم الإرادة واﻷحلام الجمعية الفلسطينية ودفع الفلسطينين الى المزيد من اليأس وبالتالي تهجيرهم وإبعادهم عن الجغرافيا المتاخمة لفلسطين وعن المكان الذي ينعش ذاكرتهم ويبعث فيهم الإرتباط الدائم بالوطن والثورة وحلم العودة ،
وأكد خالد عبد المجيد بأن الفلسطينيون جزء من نسيج المجتمع المحيط بمخيم اليرموك ولذلك إنعكست الأحداث والأزمة على المخيم، وكان هناك مخطط دولي وإقليمي لإستهداف عاصمة حق العودة وهو مخيم اليرموك، في إطار مخطط تهجير أبناء المخيم وتشتيتهم وبهدف إسقاط حق العودة ودفع الشعب الفلسطيني للإحباط واليأس وتصفية حق العودة للاجئين في إطار المخططات التي تستهدف فرض الحلول الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني لقد كان هناك مواقف ملتبسة لبعض الفصائل فمنهم من تواطؤ ومنهم من تورط في الموقف والعمل، لهذا حصل ما حصل في السيطرة على المخيم، حيث كان البعض من المتنفذين في الوضع الفلسطيني يراهن على سقوط النظام خلال أشهر لذلك أخذ خيارات خاطئة أضرت بالشعب الفلسطيني أولا قبل أن تضر بالشعب والدولة السورية, إلا أن عدد من فصائل المقاومة والأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني رفض سياسة هؤلاء،وظل وفيا لسوريا لما قدمته للفلسطينين وللثورة الفلسطينية المعاصرة. وحدد موقفا صحيحا إلى جانب الشعب السوري وقيادته ودولته ضد المؤامرة التي استهدفت سوريا لأننا أاعتبرنا أن استهداف سوريا هو مقدمة لتصفية الحقوق والقضية الفلسطينية .
دور الإعلاميين والمثقفين الفلسطينين تجاه قضيتهم المركزية فلسطين ولاشيء سواها
في إطار تعليقه على دور الإعلاميين والمثقفين الفلسطينين قال رافع الساعدي أن دور الكاتب والباحث والمثقف والإعلامي العربي عامة والفلسطيني خاصه دور عظيم في هذه المرحلة الإستثنائية في تحصين الجبهة الثقافية وكشف المستوروفضح التيارات المتصهينة فلسطينيا وعربيا ..مع ملاحظة انه رغم الخصوصية الفلسطينية فضيتنا عربية إسلامية إنسانية عالمية ولا يمكن ولا يجوز أن نفصلها عن إبعادها تلك، بينما شدد عمر مراد على دور الإعلاميين لأنه مختلف عن دور المثقفين فالإعلام في حالتنا الفلسطينية يجب أن يكون متحيزا وليس موضوعيا ويجب أن لا يكون منبرا لزعيم مهادن وﻻ لقائد مزاود وﻻيباع وﻻ يشترى ويجب أن ﻻ يساهم بالتضليل وﻻ منبرا للتلاعب بالعقول إذاً يجب ان يكون الإعلام صوت الحق ..صادق أمين وعين الحقيقة المعبرة عن تطلعات الشعب الفلسطيني وعن أوجاعه وآﻻمه وعن أحلامه وأمانيه و صناعة رأي عام في المنطقة والعالم لمؤازرة القضية الفلسطينية وأما الثقافة فهي الحصن المنيع للهوية والقيم والذاكرة فهي الجامعة للشعب ماضيه وحاضره ومستقبله وعلى المثقفين أن يقدموا الرواية الحقيقية لحياة ومسيرة وقضية كفاح الشعب الفلسطيني المثقف مهمته تعميق الوعي واستنهاض الإرادة وبعث الأمل ، وعلق خالد عبد المجيد قائلاً إن دور الإعلاميين والكتاب والمثقفين الفلسطينين في سورية كان ولا يزال إيجابيا في تعبئة الجمهور الفلسطيني بالإتجاه الصحيح، ولكن للأسف بعض الإعلاميين في الضفة وغزة كان لهم مواقف ملتبسة، وساهمت بتضليل الجمهور ولم تقم بدور إيجابي وبشكل عام كان دور المثقفون والكتاب مرتبط بالإنتماء الحزبي فالفصائل الحليفة لسورية كان دورهم إيجابي وآخرون وهم أقلية كان موقفهم سلبي ، وبدوره رأى الشيخ محمد العمري أنه مهما عمل الإعلامي والمثقف فلن يستطيع أن ينال مايريد من إقناع الناس ، في ظل همجية الحرب والمستوى الأخلاقي المتدني والجهل المسيطر على عقول الأغلبية الذين ظنوا أنها حرية أو جهاد ، فدور الإعلامي والمثقف كان خطيراً في هذه المرحلة .
تمسك أبناء فلسطين بوطنهم الأم وإصرارهم على العودة
هنا إجتمعت جميع الأراء على التأكيد على التمسك وعدم التفريط بذرة تراب واحدة من أرض فلسطين وإصرار جميع المشاركين في هذا التحقيق على قدسية حق العودة حيث قال عمر مراد أن مخيم اليرموك سيعود الى أهله حتى وإن سافر اضطرارا بعضهم فهو ساكن فينا بقدر ما الطريق فلسطين ، اليرموك سيكون جزءاً من ذاكرتنا بعد أن نحقق حلمنا بالتحرير والعودة ،إذا وبكل الأحوال لن ننساك يا يرموك ، وشدد خالد عبد المجيد على أن أبناء الشعب الفلسطيني أينما وجدوا متمسكين بحقوقهم التاريخية وبوطنهم فلسطين ومتمسكين بحق العودة، حتى الذين هاجروا متمسكين بهذا الحق التاريخي, وملتزمون بالانتماء الوطني لقضيتهم، ويقوموا بفعاليات ومهرجانات وندوات تؤكد هذا الارتباط وفي سورية رغم الكارثة التي حلت بالمخيمات, إلا أنهم متمسكون بوطنهم وبحق العودة وانتمائهم لفلسطين ويتابعون هذا الدور من خلال الفعاليات المستمرة ، في حين رأى الشيخ محمد العمري أن شعبنا الفلسطيني يتمتع بحبه وشوقه لفلسطين والتشبث بكل فلسطين وتحريرها ، فأينما كان شعبنا ستبقى فلسطين بين عينيه ، لكن المخيم كان جامعا لهذا الأمل، وأشار رافع الساعدي بأن الجواب على هذا السؤال إلهام كتبه بالدم أطفال ثورة الحجارة وأطفال الا.ر.بي .جي وفتية ثورة السكاكين في فلسطين وشهداء يوم الأرض وعشرات الآلاف من شهداء الثورة الفلسطينية المعاصرة من الشباب..ففلسطين هي الوطن الذي لابديل عنه سوى فلسطين بمساحتها الـ (27070 ) كم2 ، لاتنازل ولاتفريط ولا مساومة على ذرة منها.
النظرة المستقبلية إلى مخيم اليرموك :
أما نظرة المشاركين المستقبلية لليرموك كانت موحدةً ً بإتجاه البوصلة فلسطين حيث شدد خالد عبد المجيد على أن مخيم اليرموك سيتم إستعادته أجلاً أو عاجلاً ووضعه مرتبط بمنطقة جنوب دمشق وما سيحصل فيها سلماً أم قتالاً الفصائل الفلسطينية المرابطة في مدخل اليرموك تتابع مهمتها مع الجيش العربي السوري لاستعادة المخيم, وسيعاد الأهالي من الفلسطينين والسوريين إلى المخيم وجواره هذا ما نخطط له مع الدولة السورية والجهات المعنية، أما عن الأثر الذي لحق بالفلسطيني في ضوء نتائج الهجرة والتهجير، فهناك آثار سلبية كبيرة وهناك احباط عام من قبل النازحين والمهجرين من المخيم، الذين كفروا بكل المرجعيات الفلسطينية التي لم تقم بواجبها تجاههم وتعتبرها مسؤولة عن معاناتهم، سواء نتيجة سياسة التورط والتواطؤ التي أنتهجتها القيادات المتنفذه في الوضع الفلسطيني، لكن ما أستطيع قوله أن الفلسطيني رغم كل ما حصل له لازال يمثل في انتمائه الوطني والتزامه بحق العودة المثل الأعلى، ويبقى انتمائه لوطنه فلسطين البوصلة، وهذا لايعني أن هناك استثناءات، وهنا يجب أن لا نلوم أحد ممن هاجر وخاصة الذين لديهم عائلات وأبناء انقطعت في وجوههم السبل، حيث لم يجدوا مرجعية فلسطينية تعالج أوضاعهم وترعاهم لا السلطة الفلسطينية ولا منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله ولا سلطة حماس في غزة، أما الفصائل فهي لا تشكل مرجعية ولا تملك الأمكانات وغير قادرة على أن تعالج الأوضاع في ظل حجم الكارثة والنتائج التي نجمت عنها ، وأشار رافع الساعدي بأن شهداء مخيم اليرموك سيبقون غابات سنديان ومنارات شامخة ، عالية ،مضية تبدد ليل التفريط ...وتذكر بامجاد شعب انتفض من بين الرماد كطائر الفينيق ،يواجة المخططات المعادية ويؤكد بالارادة القوية اننا عائدون منتصرون ، وأكد الشيخ محمد العمري بأنه لا شك أن مخيم اليرموك عاصمة الشتات ويمثل الرمزية في حق العودة ، إلا أن هجرة أبنائه في أنحاء العالم أوجعتنا ، والمؤامرة على المخيم وأبناء المخيم قاسية وهناك من شارك مشاركة عملية في إسقاط المخيم ، وكذلك عمل على التهجير وسهل لها ، لطمس حق العودة ، لكن سيعود مخيم اليرموك الخزان البشري الثوري المقاوم لتحرير فلسطين رغم أنف المتخاذلين والمتآمرين وبعودة اليرموك سيعود أغلب الذين هاجروا ، وستعود النوارس إلى أعشاشها ، وأعرب عمر مراد بأن الفلسطينيون لو امتلكو الدنيا لا يرضوا بديلا عن فلسطين...لا الت جنيس وﻻالتعويض وﻻ التوطين وﻻ كل محاوﻻت الدمج تنسي الفلسطيني فلسطينته نحن الفلسطينيين نحيا لقضية ﻻاعدل وﻻ أنبل ننتصر... دونها الموت... أو ننتصر...
بقلم: وسيم وني