المصالحة... في رمضان

بقلم: وفيق زنداح

تتحدث الانباء عن قرب لقاء الدوحة ما بين حركتي فتح وحماس كما صرح الاخ عزام الاحمد ... كما تحدثت ذات الانباء عن احتمال لقاء الرئيس محمود عباس بالسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في اطار دعوة قطرية للرئيس عباس لزيارة الدوحة .

الدعوات لا تنقطع ... في هذا الشهر الفضيل من كافة المصلين العابدين ... الصائمين ... املين ان يكون هذا الشهر الكريم ... شهر المصالحة ... واتمام كافة ملفات الانقسام ... وان يعود الوئام ... وتعود البلاد ... ويعود شعبنا الى طبيعته التي كان عليها ... بعد ان فقد جزءا من سماته وصفاته ... نتيجة ضغوط الانقسام ... وما ترتب عليه من تعبئة اعلامية ... وما تولد من مواقف ... وما صعب على الناس ممارسة عاداتهم بصورة طبيعية .

امالنا تزداد ... ومعانياتنا تزداد ... في ظل ما يجري من كلام ... ومحاولات اقناعنا ان الانقسام ... صعب المراس ... وشديد العناد ... وان ملفاته تطول السماء ... وان القضايا بعمق جذور الارض ... وان المشاكل معقدة ومستعصية ... وربما تحتاج الى دعوة سويسرية بجبالها وثلوجها وخزائنها ... لإحداث التبريد في الملفات الساخنة ... واحداث الاختراق لمشكلات الموظفين العالقين وتوفير رواتبهم ... وانهاء احد المعضلات وازمات عدم الوصول لإنهاء الانقسام ... بحسب ما يصدر من تصريحات .

مسألة الانقسام بمصطلحها المستخدم والمخفف ... وحتى لا يغضب احد ... وحتى لا يقال ... او نتهم بالانحياز لهذا الطرف او ذاك ... مع ان الانحياز للوطن وقضاياه مسألة ثابتة لا نقاش حولها .

الانقسام بملفاته المعلنة ... اقل من ملفاته غير المعلنة ... وفي داخل كل ملف العديد من العناوين التي يصعب حصرها او ايجاد الحلول لها ... وكأننا نضع العربة امام الحصان ... ولا نريد لهذه المصالحة ان تصل الى نهاية المطاف .

ان ما يتم حصره من ملفات يحتاج الي المزيد من الزمن ... كما المزيد من الامكانيات ... كما المزيد من التنازلات والاصلاحات ... والتغيرات في البرامج ... واحداث نقلة بالمؤسسات .... هكذا يتم محاولة تصوير الموقف .

برنامج منظمة التحرير يراد تغييره ... وفي هذا التغيير اذا ما كان هناك امكانية لذلك ... وما يمكن ان يترتب عليه من سحب الاعترافات ... واحداث التغييرات في المواقف الدولية ... وهذا ليس لصالحنا ... ولا يزيد من عوامل قوتنا ... ولا يقربنا من امكانية ايجاد الحل لقضيتنا ... ولا حتى احتمالية انهاء انقسامنا ... كما ان ملف الموظفين واعدادهم وترسيم وظائفهم والالتزام بمرتباتهم في ظل سلطة وطنية مواردها محدودة ... وتعتمد بأغلبية ميزانيتها على المساعدات والقروض ... في واقع عشرات الالاف من الخريجين الذين لا زالوا على صبرهم وهم يدعون ... ويصومون ... ويتضرعون لخالقهم ... ان يتصالح المتخاصمون ... وان تقلب هذه الصفحة السوداء ... وان يعود الحال الى ما كان عليه ... حتى يمكن ان يتوفر لهم ما يتمنون من فرص عمل ... وان لا يبقوا على حالهم ... وعدم مقدرتهم على شق طريق مستقبلهم .

المصالحة في رمضان ... امامها ملفات الانقسام ... كما ملفات الخدمات والاحتياجات الاساسية ... والتي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بحقوق الانسان والمواطنة ... فالكهرباء المنظمة والدائمة ... كما المياه الصالحة للشرب ... كما نظافة المدن والشوارع والطرقات ... كما القضاء على الناموس والحشرات الضارة والطائرة ... وانهاء هذا الفصل الذي طال امده ... بعد ان مللنا الحديث حوله ... بعد ان اصبنا بانتكاسات حزيرانية ... لتضاف الى نكسة الخامس من حزيران .

لم يعد بمقدورنا ان نستوعب ما يجري طوال العشرة سنوات الماضية ... والتي اضاعت على شبابنا شبابهم ... واضاعت على الناس حقوقهم ... وشردت الالاف عن وطنهم ... واغرقت العشرات في هجرتهم ... وحرقت العشرات من اطفالنا مع امهاتهم ... وزادت من امراض الالاف الذين لا يجدون علاجهم ... كما عشرات الالاف لا يجيدون مخرجا لسفرهم لتلبية احتياجاتهم وتوفير مستلزماتهم ... وربما لإيجاد فرص عمل لهم .

الحياة شبه متوقفة ... نسبة بطالة عالية ... وكساد تجاري وانهيار اقتصادي في ظل اقتصاد لا زال يعتمد على رواتب الموظفين وقلة مدخولاتهم ... وزيادة طلباتهم ... لكنهم الذين يحركون الاسواق الداخلية .

حالة صعبة ... وتزداد صعوبة في رمضان ... في ظل احتياجات متزايدة ... ومتطلبات متضاعفة ... وعادات اجتماعية ودينية يصعب القفز عنها ... او المماطلة في تنفيذها ... كما حق الفقراء علينا في التكافل والتضامن الاجتماعي .

كل شيء صعب ومعقد ... ولا زال الانقسام سيد الموقف ... ولا زال الانقسام المتحكم الوحيد بهذا المشهد وتفاصيله ... كما لا زالت الدعوات تنصب على اطرافه للالتقاء وانهاء ملفاته ... كما لا زالت الدعوات مع كل صلاة ... ومع كل يوم ... وعلى مدار اللحظة ... لعل وعسى ان تكون روحانيات رمضان ... التي تملأ الارض والسماء ... قد انتشرت ... ووصلت الى عقول وقلوب المتحكمين بقرار انهاء هذا الانقسام .

بقلم/ وفيق زنداح