أوهام السلام ما بين مبادرة السلام العربية والفرنسية

بقلم: محمد مصطفي شاهين

قبل أيام مضي 49عام علي العدوان الصهيوني سنة1967والذي نتج عنه اجتياح الجيش الصهيوني واحتلاله لكامل مدينة القدس وللجولان السوري المحتل وجنوب لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية وسيناء في ستة أيام فقط والذي أظهر بشكل واضح أن دولة الاحتلال الصهيوني تحتكم أولا وأخيرا للقوة وليس للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

لقد برزت المبادرة العربية للسلام في عام2002حيث أطلقها ولي عهد السعودية الأمير عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت وسميت المبادرة العربية أيضا بالمبادرة السعودية، وجاءت نصوص المبادرة العربية مستوحاة من القرار 242و338 الصادرة عن مجلس الامن ومحاكيه لبنودهما مع ان دولة الاحتلال الصهيوني رفضت هذه القرارات وقت طرحها، ان مضمون المبادرة العربية يحتوي علي الطلب من دولة الاحتلال بالانسحاب الي حدود 1967والتوصل لحل عادل لملف اللاجئين وفق القرار194للجمعية العامة للأمم المتحدة وان تقام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية علي حدود العام1967وعندقبول دولة الاحتلال الصهيوني لهذه المبادرة فان الدول العربية ستعتبر النزاع العربي الصهيوني منتهيا وتنشأ علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال في اطار السلام الشامل.

وقد صرح السياسي الصهيوني أوري سفير وهو من مخططي اتفاق أوسلو "ان مبادرة السلام العربية هي مبادرة جدية ويجب على إسرائيل أن تسير نحو المبادرة العربية"، ان مكيدة تغيير الحقائق على الأرض مهمة وهي من أجل خلق واقع جديد وهذا الواقع جعل الدول العربية تهرول وتتغني بالرغبة بالسلام مع دولة الاحتلال الصهيوني، ان المبادرة العربية لا تعطي الشعب الفلسطيني الا قطعة من أراضي فلسطين التاريخية وتعطي دولة الاحتلال الضوء الأخضر في انتزاع أراضي فلسطين التاريخية باسم السلام وبمباركة المبادرة العربية للسلام والموافقين عليها.

ان الدول العربية وبمجرد موافقتها على المبادرة العربية للسلام ستخرج إسرائيل من عزلتها الدولية باعتبارها دولة احتلال الي دولة تربطها بالعرب علاقات اقتصادية وسياسية وستطبع العلاقات مع اعتراف كامل بدولة الاحتلال كدولة جوار مع العلم ان المجتمع الدولي يدعم مبادرة السلام العربية متمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وروسيا والأمم المتحدة لان هذه المبادرة تتيح للمجتمع الدولي اغلاق ملف الصراع العربي الصهيوني في الشرق الأوسط الي غير رجعة.

ان ردود فعل النخبة السياسية في دولة الاحتلال الصهيوني تجاه مبادرة السلام العربية منذ انطلاقها في 2002، نجد ان رئيس الوزراء الصهيوني المجحوم ارئيل شارون رفضها، اما وجهة نظر ايهود أولمرت والذي شغل منصب رئيس الوزراء الصهيوني تجاه المبادرة فجاءت مختلفة فلقد اعتبر المبادرة العربية تحتوي علي بعض الجوانب الإيجابية، وعلي صعيد متصل جاء رأي رئيس الوزراء الحالي لدولة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو أن المبادرة العربية ستساعد علي اصلاح المفاوضات مع الفلسطينيين ولكنها تحتاج لتعديل لتناسب التغيرات علي الأرض منذ 2002،وبرزت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ان رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو أبدي خلال زيارته الأخيرة لروسيا القبول بمبادرة السلام العربية من دون تعديلات، الا ان ديوان رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو نفي أن يكون الأخير ابدي الاستعداد لقبول مبادرة السلام العربية دون تعديلات.

المبادرة الفرنسية ماهي الاصورة أخري للمبادرة العربية بصياغة مختلفة مع اختلاف بسيط قليلا، ولقد جاء مؤتمر باريس في 3حزيران الجاري محاولة للدفع بالورقة الفرنسية بحضور كلا من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الا ان الوعود المالية لم تغري نتنياهو للقبول بالورقة الفرنسية فقد رفض نتنياهو بشكل صريح المبادرة الفرنسية وابلغ ذلك لجان ايرولت وزير الخارجية الفرنسية ومانويل فالس رئيس وزراء الحكومة الفرنسية مما جعل مؤتمر باريس شكل جديد من أشكال الفشل الدبلوماسي  في منطقة الشرق الأوسط للسياسية الفرنسية.

ان المدقق لوجه الاختلاف بين المبادرة الفرنسية والعربية يجد البنود متشابهة ولكن المبادرة العربية تحتوي على مغريات ومميزات كثيرة في صالح دولة الاحتلال الصهيوني اقتصادية وسياسية، اما المبادرة الفرنسية تتضمن بند ينص ان تكون هناك مواكبة دولية لعملية السلام ورعاية المفاوضات من قبل مجموعة دعم دولية تضم دول عربية ودول الاتحاد الأوربي وأعضاء من مجلس الأمن، ان نتنياهو لا يرغب ان تجري المفاوضات تحت رعاية دولية تجنبا لأي التزامات كما ان نتنياهو يرغب ان يبقي الفلسطينيين في مجموعة تتمتع بحكم ذاتي.

ان نتنياهو وبموافقته المبدئية على المبادرة العربية سيوقف عاصفة المقاطعة الأوربية لمنتجات المستوطنات التي أضرت باقتصاد دولة الاحتلال الصهيوني وكذلك سيظهر الدولة بأنها ترغب بالسلام وسيعمل على احتواء الغضب الفلسطيني المتزايد من الاستيطان وانتفاضة القدس التي اشتعلت ضد تغول دولة الاحتلال علي حقوق الشعب الفلسطيني.

بقلم: محمد مصطفي شاهين