الدبلوماسية الفلسطينية في عيون الإعلام الحر!

بقلم: زهير الشاعر

بإختصار شديد أود في هذا اليوم قبل أن أشرع بكتابة مقالتي الأساسية القادمة التي ستحمل عنوان "السفير المخبر" لأدخل من خلالها إلى الوحل الذي وصلت إليه الدبلوماسية الفلسطينية بمستوى السقوط والخيانة ، أود أن أجيب على تساؤل سألني إياه كثيرين وهو لماذا أركز على فساد وزارة الخارجية الفلسطينية في عهدها الحالي في كتاباتي، وذلك من خلال كلماتي التي سأطرحها في مقالتي هذه ، حيث أنني سأبدأها بالشكر والتقدير للإعلام الفلسطيني الموقر وأخص بالذكر أمد والكرامة برس وقدس نت والوسط اليوم وسما الإخبارية وغيرها من المنابر الإعلامية الحرة الذين فتحوا منابرهم لي، كما أشكر الكتاب الكبار الذين تابعوا كتابات هذا القلم فشجعوه على المضي قدماً لإيصال كلماتي للرأي العام حتى أستطيع أن أساهم في فضح حقيقة هذا الوكر والمشاركة برفع الضير الذي يعاني منه أبناء شعبنا المحاصر والمكلوم في قطاع غزة، والذين تفترس أحلامهم عصابات المال في الضفة.

فإن لاحضنا أنه منذ قدوم وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي إلى الحكومات المتتالية كوزير للإعلام في وزارة تصريف الأعمال التي أعقبت الإنقسام نجد أن هذا الوجه الشرير جاء متطفلاً في غفلة من الزمن بعد أن رفض د. مصطفى البرغوثي تسلم وزارة الإعلام في ذلك الوقت لعدم التورط بالمشاركة في تجسيد الإنقسام الذي رسم له يعناية وكان يحتاج لأدوات إعلامية تنفيذية قذرة لترسيخه!، ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا وهو يسير على مبدأين لا ثالث لهما : الأول هو كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها ، فأصبح عنوانه الكاذب الكبير! ، والثانية أكذبوا ثم أكذبوا ثم أكذبوا حتى تصدقوا أنفسكم أولاً ثم يصدقكم الناس حتى وصل بفكرة هذا المبدأ القبيح إلى رقم ثابت لا يتغير مع المتغيرات الحكومية في هذه المرحلة التي كانت تتطلب هذا النوع من المتعطشين لدور قيادي على الساحة الفلسطينية بأي ثمن لتمر بسلام وتستمر، حتى ظن الرجل بأنه أصبح ملك لا يخضع لحسيب ولا لرقيب وبأنه فوق القانون وصدق ما يشيعه بنفسه أو من خلال المنتفعين منه بأنه تارة مدعوم من قوى الإحتلال وتارة أخرى بأن دول غربية هي من تفرضه وتارة أخرى أن دول عظمى هي التي تحافظ على بقائه وتقف في ظهره ليصدق السذج هذه الأقاويل التي أعجبته ويصبح الجميع يخشونه مما دفعه للبقاء في هذه المكانة حتى أصبح يتصرف مثل الطاووس الذي لا يعجبه شئ وفي عداء مع كل شئ ولربما أصبح مصاب بجنون العظمة لا يرى شئ إلا نفسه يصارع الزمن من أجل الإستفادة قدر الإمكان من الموارد الوطنية ذهاباً وإيابا حاصراً كل المهمات الرسمية في يده فقضى فترة عمله طائراً في السماء ومتنقلاً بين بلد وأخر تحت بند خدمة وطن بريئ ويئن منه ومن سفرياته!.

و المالكي يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة المدنية من إحدى الجامعات الأمريكية ، وقد عمل محاضراً في جامعة بيرزيت ما بين 1981 م حتى 1996م ، وكان قد أسس مركز بانوراما ( المركز الفلسطيني لتعميم الديمقراطية وتنمية المجتمع ) الذي تعاون مع جمعيات إسرائيلية لتنظيم مؤتمرات وندوات عن السلام ، كما حضر عدداً من الاجتماعات في مركز شمعون بيريس للسلام في روما والبحر الميت وكانت هذه الإجتماعات هي بداية الدفع به إلى واجهة الحكومات الفلسطينية المتتالية منذ تسلم الرئيس محمود عباس مهام الرئاسة ومن ثم تم تسليمه مراكز سيادية فيها!.

فإن دققنا في تحركات المالكي المثيرة سنجدها تزداد نشاطاً وتغطية إعلامية تتزامن مع الحديث عن المصالحة والتغيير الحكومي ، فكان يحرص في كل مرة يتم الحديث عنها في هذا السياق أن يأتي بخزعبلات الإعترافات الدولية خاصة في المنطقة اللاتينية التي يجيد لغتها والتي تبين لاحقاً بأنها لم تكن ذات وزن يذكر أمام المبالغات التي كان يحكيها حول البروبجاندا التي كان يفتعلها هذا الوزير ويبيعها للرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية!، بعد ذلك جاء بقصص الإعترافات البرلمانية التي لم تعدو سوى حبر على ورق وتصفيق حار للرئيس الضيف الذي على ما يبدو بأنه بلع الطعم الذي رسمه له بعناية وزير خارجيته الذي يتلاعب به تارة في برلمانات أوروبا الذين سجلت حكومات بلادهم موقفاً مختلفاً لكل التصفيق بعد كل القرارات الغير ملزمة التي صدرت منها والذي اراد أن يرسمه له وزير خارجيته كإنجاز تاريخي، وذلك في سياق مصالحهم المشروعة، فوجدناه في كل مرة كالمثل الذي يقول تمخض الفيل فولد فأراً!.

وفي الأيام القليلة الماضية بدأ يتحدث المالكي عن خطاب منتظر للرئيس الفلسطيني محمود عباس في البرلمان البلجيكي أواخر الشهر الحالي طمعاً منه في زيادة حرارة التصفيق الأخير لربما! ، ولربما أيضاً أنه نشط في زياراته السياسية وتصريحاته الإعلامية النارية لإستدراك الشهامة والمروءة الوطنية المفقودة لديه!، كل ذلك من أجل تسليط الضوء على نشاطاته، ولكن لو تم التدقيق فيها بالفعل سنعرف السبب وسنجد بسهولة أن النتيجة كانت ولا زالت صفر وخالية من أي منفعة وطنية ولكنها مملوءة بالمنافع الشخصية الذاتية للمحافظة على البقاء والإستمرارية في نفس المنصب والنهج والمكانة، مما نتج عنها فساد هائل في وزارته وضرر كبير للقضية الفلسطينية بشكل عام لم يكن ليحصل لو لم يكن هو في مثل هذا المنصب السيادي والحساس!.

وحيث أنه لا أحد يستطيع أن يتناسي حقد الرجل وقسوته على قطاع غزة خلال الحروب التي تعرض لها وتحريضه على إستمرار الحصار وقطع الكهرباء عن أكثر من مليون ونصف المليون نسمة فيه، لذلك لابد للإعلام في هذا الوقت ونحن أمام حديث عن الإقتراب من الإتفاق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، أن لا يبقى محايداً وبعيداً عن فضح حقيقة هذا الرجل وأن يتوقف عن لغة النفاق والمجاملات وما ترتب على وجوده في هذا المنصب السيادي وأن يتم تحكيم الضمير وإتخاذ موقف مبدأي مبني على إغلاق النوافذ الإعلامية الحرة أمامه وعدم نقل أخباره ولا نشاطاته حتى الوصول إلى نقطة اللاعودة عن مطلب ضرورة طرده من هذه الوزارة وتحويله للمحاكمة وضمان عدم إلتحاقه بأي تشكيلة حكومية قادمة، فهل سيفعلها الإعلاميين أصحاب المنابر الحرة والضمائر الحية ويغلقوا منابرهم أمامه وأمام نشر أخباره الكاذبة والمفبركة والمظللة؟.

هذه هي لحظات تارخية حرجة والحر يدرك بأن الخيار وقت االمحافظة على المصلحة الوطنية لا يحتاج إلى تردد، بل يحتاج إلى قرار وثبات وإرادة وعزيمة ، فليسجل رجالات ال‘لام الوطني الفلسطيني الحر موقفاً يتناسب مع حجم التحديات الوطنية بعيداً عن الرغبة بالحشو والمجاملات الفارغة المبنية على الوهم ، وأن يكون عنوانهم هو الإنحياز إلى وطنهم ومعاناة وأوجاع وأمال ومستقبل أبناء شعبهم.

بقلم/ زهير الشاعر