يوم السبت العاشر من رمضان السادس من اكتوبر بالعام 73 وقف العالم بأسره امام ارادة المصريين والسوريين ومن خلفهم امتهم العربية من خلال حرب خاطفة تم التخطيط لها عسكريا... كما تم التمهيد لها سياسيا واعلاميا ونفسيا... لتثبت مدى قدرة الجندي المصري والسوري في استعادة كرامتهم وتحقيق نصرهم ومسح هزيمتهم من ذاكرة الاجيال... والتي حدثت بالخامس من يونيو 67 والتي ادت الى احتلال شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس كما هضبة الجولان السورية.
ما بين تاريخين الخامس من يونيو 67 والعاشر من رمضان تأكدت ارادة التحدي ... وعظمة التضحية والفداء بحرب لا تقل ضراوة وشراسة وبطولات نوعية عن حرب العاشر من رمضان ... حرب الاستنزاف والتي قادها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر والذي رفض الهزيمة ... كما رفض الاستسلام ومعه كل العرب... وما جاء في مؤتمر الخرطوم من لأات ثلاثة لا اعتراف ... ولا صلح ... ولا مفاوضات ... هذا القرار العربي والذي جاء ردا على هزيمة عسكرية تمت بتحالف قوى استعمارية مساندة للعدو الاسرائيلي والتي لم يتم استيعابها ... كما لم يتم التسليم بنتائجها وعندها قال الزعيم الخالد عبد الناصر مقولته المشهورة ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .
كانت حرب الاستنزاف في ظل المساعي الحثيثة لاستعادة قدرات الجيش المصري ... والتي كلفت المصريين الكثير من التضحيات ...والدماء... ودمار اجزاء كبيرة من مدن القناة ... لكنها ارادة المصريين التي أبت على نفسها القبول بالهزيمة وصممت على تحقيق ارادة الانتصار .
كانت حرب الاستنزاف مليئة بالبطولات والشجاعة النادرة من خلال مجموعات الكوماندوز التي كانت تقوم بعملياتها وراء خطوط العدو ... كما الضربات المستمرة للمدفعية المصرية .
توهمت اسرائيل ان بناء خط برليف الحصين سيشكل مانعا قويا امام أي امكانية لاقتحامه والدخول الى سيناء الا ان العقلية المصرية العسكرية وما تم من تجهيزات وتحديثات في المعدات المملوكة لدى الجيش المصري قد اربكت العدو الاسرائيلي ... وافقدته توازنه على مدار سنوات حرب الاستنزاف وما كان من هذا العدو الا ان ارتكب جريمة نكراء في مدرسة بحر البقر قتل خلالها العشرات من الاطفال المصريين.
الضغط العسكري الاسرائيلي باتجاه العمق المصري في ظل سماء مفتوحة وعدم وجود دفاعات جوية متطورة اصاب العدو الاسرائيلي بالغرور والوهم المسيطر على قادته العسكريين ان بإمكانهم ان يضربوا السد العالي واي موقع داخل مصر .
لم يسعفهم الوقت وكان الرد قويا وسريعا كما كان الثمن المدفوع كبيرا باهتزاز صورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر عندما تم قهره وقتله واسره من قبل الجيش المصري في ضربة عسكرية مفاجئة في منتصف يوم السبت العاشر من رمضان السادس من اكتوبر 73 .
حرب لا زالت في اروقة الاكاديميات العسكرية التي تدرس ما تم استخلاصه من هذه الحرب برغم اختلال موازين القوى لصالح اسرائيل الا ان ارادة المصريين ورغم فقدان زعيمهم الخالد عبد الناصر في سبتمبر من العام 70 كما واستشهاد احد قادتهم العسكريين الشهيد الفريق عبد المنعم رياض وما جرى من حملات اعلامية مسمومة لإثبات حالة العجز وعدم المقدرة على خوض حرب جديدة ... كانت المفاجأة كما كانت الضربات العسكرية المصرية من خلال الطيران والمدفعية ودخول القوات البرية ورفع العلم المصري فوق قناة السويس ... يوم مشهود في تاريخ العسكرية المصرية ... وتأكيد جديد ان ارادة المصريين تتفوق على ما يعتري مسيرتهم من اخفاقات وازمات .
اخطأت اسرائيل التقدير والحساب ... وفقدت توازنها واربكتها ضربات الطيران المصري والمدفعية المصرية فما كان من (جولدا مائير) الا ان ناشدت الولايات المتحدة بالدعم العسكري الذي كان يصل الى ارض سيناء كما العمل داخل اروقة مجلس الامن على استصدار قرار اممي فكان القرار 338 ليضاف للقرار 242 الصادر عن مجلس الامن ما بعد حرب حزيران 67 ... مصر وقد انتصرت ارادتها كما سورية وجيشها العربي ليثبتوا للعدو الاسرائيلي ان ارادة القتال ومواجهة الاحتلال وطرده وكنسه عن الارض العربية امر حتمي... وعقيدة ملازمة للإنسان العربي الذي يرفض الهزيمة كما يرفض الاستسلام .
ذكرى حرب العاشر من رمضان ستبقى مسجلة بالتاريخ العربي الحديث ... كما ستبقى في صفحات العسكرية العربية والمصرية والتي تثبت ان مصر عصية على الانكسار ... وقادرة على انتزاع نصرها ... بإرادة ابنائها من القوات المسلحة فكل التحية لشهداء رمضان ومن سقطوا لأجل حرية الارض وكرامة الانسان .
بقلم/ وفيق زنداح