قانون مكافحة الارهاب 2016 ام قانون الاضطهاد والإرهاب؟

بقلم: عمر خمايسي

اقر الكنيست الاسرائيلي يوم الاربعاء الموافق 15.6.2016 ، قانون مكافحة الارهاب 2016 نهائيا في القراءة الثانية والثالثة ومن المفروض بدء العمل به وسريانه في تاريخ 1.11.2016، وقد تم تقديم  اكثر من 150 اعتراض على صيغة القانون وبنودة الا ان اللجنة الوزارية لشؤون التشريع رفضتها جميعها دون الاخذ باي ملاحظة او اعتراض

 هذا وقد قام على اعداد مشروع القانون  كل من ممثلي المخابرات العامة والجيش وسلطة مكافحة الارهاب وزارة العدل وممثل عن المستشار القضائي للحكومة وشخصيات اخرى، الا ان الطابع الغالب على تركيبة هذا الجسم الطابع الامني.

ان القانون الجديد يهدف لإلغاء اوامر منع الارهاب 1948 وقانون منع تمويل الارهاب 2005 وقانون الاجراءات الجنائية اعتقال المشتبه بهم بمخالفات امنية اوامر الساعة 2006، واستبدال وتصحيح بعض بنود أنظمة الطوارئ منذ الانتداب الانجليزي للعام 1945 وقانون صلاحيات امر الساعة اعتقالات 1979 وغيرها، حيث يتطرق القانون الجديد للتعريف بمخالفات الارهاب سواء المنظمات او الافراد، اجراءات المحاكمات، فترات التوقيف وعقوبة السجن، والاوامر الادارية من مصادرة وتفتيش وفرض قيود فردية او جماعية وسبل اجراءات التحقيق وصلاحيات الشاباك ودوره في تنفيذ القانون ، ومصادرة الأملاك المرتبطة بـ"الإرهاب" والاعلان عن  مجموعات كمنظمات ارهابية.


الخطورة تكمن في محاولة اسرائيل ربط ما يقوم به الفلسطينيون من أعمال ونشاطات بغرض التحرر وإزالة الاحتلال بقانون الإرهاب، محاولة لتشويه نضال الشعب الفلسطيني ولسحب التأييد والتضامن الدولي المتنامي مع الشعب الفلسطيني. حيث يفسح القانون  المجال للمس بالناشطين سياسيا، وتحديداً بأشخاص تخرج آراؤهم أو يخرج نشاطهم السياسي عن اطار الإجماع الإسرائيلي، مما يمس بالتالي بالسجال السياسي الحر وبحرية النشاط  والفعاليات الداعمة للمواقف السياسية. والذي من شأنه الإضرار بمؤيدي وداعمي أبناء الشعب الفلسطيني سواء الضفة الغربية وقطاع غزة أو الداخل الفلسطيني، وذلك لاستهداف القانون الحياة العامة والحركات والكتل السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وكل العاملين من أجل القضية الفلسطينية كما ذكرنا اعلاه.

الخطر الكامن في القانون الجديد يظهر بشكل بارز في التعريف الواسع والفضفاض لعدد من المصطلحات، مثل "منظمة إرهابية" و "عضو في منظمة إرهابية"، و "عمل إرهابي"، "التماثل مع منظمة ارهابية" "تقديم خدمة لمنظمة ارهابية" حيث إن الضبابية التي تلفّ هذه التعريفات تخلق عدم يقين في شأن تفسيرها وتطبيقها على أرض الواقع.

ان ثمة فرق شاسع بين قول إنسان عادي إنه يريد الانضمام إلى منظمة معينة وبين الانضمام الفعلي لمنظمة كهذه، على اساس أنه قد يكون قالها تحت ظرف اجتماعي او سياسي خاص أو تحت التهديد. وأن تجريم شخص لمجرد أنه بلغ مسامع جهاز المخابرات أنه ينوي الانضمام إلى تنظيم يعرفه القانون كتنظيم إرهابي هو أمر خطير، خصوصاً أنه لن يتاح له الدفاع عن نفسه. ونشير إلى بند آخر يقضي بفرض السجن لثلاث سنوات على من يقوم بأعمال تنطوي على تماثل مع تنظيم إرهابي، سواء عبر مديح للتنظيم أو رفع علمه أو نشر شعاره أو أي من شعاراته أو نشيده الوطني او مخالفة عدم التبليغ عن استعمال املاك منظمة ارهابية، مع التنويه ان هذه المخالفات موجودة في قانون العقوبات الاسرائيلي، الا انها تتحول الان لتنطوي تحت قانون مكافحة الارهاب!!.

الطامة الكبرى ان القانون الجديد يعتبر جميع المنظمات الاغاثية والانسانية والطلابية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والتربوية والسياسية التي اعلن عنها سابقا كمنظمات محظورة وفقا لقانون الطوارىء 1945 انها  اصبحت حسب التعريف الجديد للقانون منظمات ارهابية!!، وينطبق عليها الاجراءات والعقوبات المحددة لمكافحة الارهاب بينما عملها كان يصب في خدمة الانسان.

ان القانون الجديد يجعل الحركة الاسلامية وحركة الارض وانصار السجين وجمعية اقرا الطلابية والاغاثة الانسانية وحراء لتحفيظ القران اللواتي اعلن عنهم كمنظمات محظورة، يجعلها تنظيمات حكمها تماما مثل  داعش والقاعدة وحماس وحزب الله وجبهة النصرة


ومن ابرز التغييرات في مشروع القانون المقترح:

    صبغ اكثر من 250 منظمة وجمعية ومؤسسة دولية ومحلية بصفة منظمة ارهابية!!!
    الذي يقف على راس منظمة ارهابية عقوبته 25 سنة.
    الذي يشغل عمل في منظمة ارهابية عقوبته 10 سنوات.
    مشروع القانون المقترح يسمح بتوقيف المشتبه بهم بارتكاب "اعمال ارهابية" لمدة 96 ساعة قبل عرضهم على القاضي، أي ان التحقيق معهم لمدة اربعة ايام متواصلة دون معرفة أي شيء عن المشتبه بهم ودون أي رقابة من قبل الاجهزة القضائية وتكون الصلاحيات بأيدي جهاز الامن العام الشاباك.
    المشتبه بهم بارتكاب "أعمال ارهابية" يمكن أن تمتد فترات اعتقالهم لـ 35 يوماً دون حاجة لموافقة المستشار القضائي للحكومة، وكل فترة اعتقال بعد ذلك بحاجة لموافقة المستشار القضائي للحكومة. (حاليا 30 يوم)
    كما ويسمح القانون بعقد جلسات تمديد اعتقال للمشتبه به دون مثوله أمام المحكمة. (حاليا بامر الساعة)
    منع التقاء محامي دفاع مع اكثر من مشتبه به في ذات الشبهات،  كما ويمنع الالتقاء مع محامي اخر من نفس مكتب المحاماة. (اضافة جديدة)
    ان عقوبة من يتم إدانتهم بارتكاب أعمال إرهابية سيمضون عقوبة حدها الأدنى 30 عاماً"
    لا تسقط مخالفات الاعمال الارهابية بالتقادم كما هو منصوص عليه في قانون العقوبات بخصوص تصنيفات المخالفات. (اضافة جديدة)
    قبول افادة شاهد او مقولة لشخص غير معرف كشاهد في المحكمة. (اضافة جديدة)
    منح ضابط منطقة في الشرطة صلاحية منع او وضع قيود لفعاليات ونشاطات يشتبه انها تخدم منظمة ارهابية .
    يتيح القانون أساليب استبدادية إضافية يمكن استخدامها في التحقيق مع مشتبهين «بمخالفات أمنية»، إذ يسمح باستخدام واسع لأدلة سرية في المحكمة يحول دون إمكان وصول المعتقلين للجهاز القضائي، ويضعف مطلب محامي الدفاع بكشف الأدلة، ما يصعّب على المشتبه به الدفاع عن نفسه والرد على التهم الموجهة إليه خلال إجراءات الاعتقال الإداري أو عند اعتبار منظمة معينة إرهابية أو إجراءات بمصادرة أملاك المشتبه به.


الخلاصة:

نرى في اقتراح القانون بصيغته المقرة، تقنين تطبيق الاستبداد، فكل انسان لا ترغب به الدولة سيكون حتما "ارهابيا"  عملا بالقانون،  لذلك نجد ان مشروع قانون مكافحة الارهاب يحدد انظمة وأوامر قانونية عامة وشاملة، مما يؤدي لتوسيع الدائرة الجنائية بصورة غير منطقية وغير معقولة والتي من الممكن ان تحول الافراد والمنظمات والجمعيات المحافظة على القانون، والذين لا يوجد أي علاقة مشتركة بينهم وبين الارهاب، لأشخاص "ارهابيين".

كما وتمنح السلطات المختصة صلاحيات واسعة دون رقابة جدية، تمكنهم من اتخاذ اجراءات صارمة وشديدة بحق الافراد والتنظيمات دون رقابة قضائية حقيقية، على اساس شبهات فقط دون الحفاظ على الحد الادنى للدفاع عن الحقوق، مما يتيح لمؤسسات الدولة التدخل في الخطاب السياسي وحرية القيام بتنظيمات والتكتلات للأفراد، والاهم ان اقتراح القانون يحاول ان يشرع الاستعمال الباطل اصلا للاعتقال الاداري واوامر التقييدات الاخرى، وتحويلهم لقانون عادي مثل باقي القوانين وليست كأنظمة طوارئ خاصة وأن ان هذه المخالفات ستصبغ بالإرهاب!!.     


بقلم: المحامي عمر خمايسي/ مدير مؤسسة ميزان لحقوق الانسان