صناعة الاعلام...والراي العام

بقلم: وفيق زنداح

عصر الاعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصال..... وما حدث عليه من تطور تكنولوجي علي كافة الصعد والمستويات ....وما حدث بوسائل الاعلام من تطور انتاجي وتدفق لراس المال الساعي لتحقيق العائدات المجزية ....وحتي الاهداف السياسية الوطنية والقومية ....وبالمقابل جملة من الاهداف الفئوية والطائفية وما تقوم به بعض وسائل الاعلام من تنفيذ لمخططات معادية تستهدف انهاء الدول الوطنية والقومية ....وتعزيز الفئوية والطائفية واحداث الصراعات وتفتيت المجتمعات .
هناك العديد من السيناريوهات ذات القيمة والعائد الوطني القومي الاجتماعي والاخلاقي ....الا ان اولويات المنتجين والمالكين وبعض اصحاب وسائل الاعلام واولوياتهم التي تخرج في بعض الاوقات والمصنفات عن الاطار المطلوب .
علاقة ما ينتج بالذوق العام ومطالب جمهور المشاهدين والمستمعين والقراء وتغطية حالة الفراغ وانهاء الملل السائد من القضايا السياسية والجادة ....التي تزيد من الهموم وتثقل علي المشاهدين والمستمعين والقراء ما يحدث داخل المشهد من احداث وتطورات.... وما يقع من ارهاب اسود اساء لنا ولديننا ولثقافتنا ولانسانيتنا من خلال تلك الجماعات التكفيرية التي تحاول تغطية افعالها بعبائة الدين والدين منهم براء .
شهر رمضان المبارك من اكثر شهور العام انتاجا وجذبا لجمهور المشاهدين والمستمعين والقراء لما في هذا الشهر من خصوصية روحانية ....ووقت متاح لمشاهدة الاعمال المنتجة لتغطية بعض الاوقات بعد ان ينتهي الناس من عباداتهم وخصوصياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية .
حاجتنا في رمضان تتعدي حدود التسلية واضحاك الناس .....مع ان الابتسامة وقد فارقت الكثير من الوجوه ....بسبب ظروف استثنائية فاقت في ضغوطها ومصاعبها الكثير من تفاصيل حياتنا وجعلتنا اقرب للحزن والغضب.... من امكانية قربنا للابتسامة والضحك الذي نحاول ان نصنعه بمصانع الفشل ....ومحاولة اضحاك الناس من خلال نار تشتعل او من خلال وحوش مفترسة تلتف حول ضيف ....او من خلال برامج هابطة لا تتسم بالموضوعية ولا بالأهداف المرجوة ولا تتناسب والمال المدفوع لانتاج هذا العمل او ذاك.... لا يفهم مما سبق اننا ضد الترفيه والتسلية والبرامج المضحكة والهادفة لكننا نري لكل عمل اعلامي ...ولكل مصنف فني هدف نسعي لتحقيقه من وراء ما ينفق وما يبذل من جهود وما ياخذه هذا البرنامج او ذاك من مساحة اعلامية يجب ان تحسب بحسابات دقيقة وبمردودات ايجابية لتحقيق اهداف نسعي لتحقيقها من خلال هذا الاعلام .
اولوياتنا داخل المشهد الاعلامي العربي تفوق بتصوراتها واولوياتها الكثير مما نشاهده ....فاولوياتنا الفكرية الثقافية الاخلاقية الديمقراطية السياسية وحتي الانسانية يجب ان تتعدد داخل الخطاب الاعلامي العربي ...وحتي نتمكن من مواجهة حملات التكفير والارهاب ....لمواجهة الطائفية والفتن المصنعة والتي تستهدف النيل من عروبتنا وقوميتنا وحتي وطنية كل منا .
حروب الارهاب التي تشن في حلكة الليل وفي اوقات الظلام لتجعل من ليالي الامة ظلمة اطول وظروف اعقد وحتي يفرض علي هذه الامة ان تستسلم لمن يخططون ضدها .....هذا المخطط الارهابي المنظم والمدفوع الاجر من قوي استخبارية واستعمارية بمحاولة البعض لاعادة امجادهم وامبراطورياتهم واعادة الحياة لمشاريعهم الطائفية والتوسعية والتواجد علي ارضنا العربية من خلال سلب ارادتنا وانهاك مقومات اقتصادنا وحتي اغراق اسواقنا ....بمنتجاتهم ومصنفاتهم الفنية وبثقافتهم ...هذا الاختراق والتوغل الثقافي الاقتصادي الانساني لمحاولة زعزعة مقومات واركان المنطقة من خلال اعلام مبرمج ومخطط ومصنفات فنية فيها من الابهار والاثارة ما يمكنها من التاثير واحداث الاختراق لفكر شبابنا والتلاعب بارادتهم ومبادئهم واخلاقياتهم .
اعلامنا الذي نريده ....ونسعي لتحقيقه لن يكون بالمطلق اعلام النار التي تحرق ولن يكون اعلام الاسود والوحوش المفترسة ....ليس الاعلام الذي تخرج عنه الاصوات المرتفعة والمؤثرات الصوتية وما يحدث في الصورة من ابهار واثارة لجذب اعين المشاهدين وتغييب عقولهم وافكارهم ...وحتي اولوياتهم .
اعلامنا الذي نامل برؤيته ليس لاضحاكنا او تسليتنا او اثارتنا بقدر ما نحن نريد تحقيق برامج هادفة وجادة تعزز من فكرنا وثقافتنا وموروثنا الوطني والقومي ....اعلام يعزز من مقومات قوتنا وصلابة جبهتنا ...كما ويعزز من ادوات مقاومتنا لكل من يخططون لانهاك قوتنا وتفتيت وحدتنا وتشتيت امتنا وتهجير شبابنا .
البرامج الاعلامية وكافة المصنفات الفنية والتي تخاطب مشاكل وازمات الناس وتاخذهم الي حيث صناعة الامل بان امن اوطانهم ووحدة شعوبهم وتعزيز ثقافة العمل والابداع والابتكار ...كما تعزيز مبادئنا واخلاقياتنا ووحدة حالنا ....حتي نتمكن من محاربة الارهاب الاسود وتعزيز مكانة الدولة ومؤسساتها ....وانهاء حالة الفوضي وحالة الاستغلال لبعض ظواهر الفقر والبطالة والمرض ....وانهاك المعنويات والقدرات وقتل الامال واحاطتنا بشعارات وجمل كبيرة من الياس والاحباط وعدم القدرة علي النهوض واستنهاض الطاقات .
صناعة الاعلام وما نسعي لتحقيقه من مردودات ايجابية ليس بما نشاهد ونسمع ونقرا وما يثير جنون المصالح والفئوية والحزبية والطائفية.... وما يثير الانا ومصالحها وانانيتها وما يسقط المجتمعات في وحل مشاكلها وازماتها ويعقد من امورها وعلاقاتها واخلاقياتها .
صناعة الاعلام لا تترك للعقول المفرغة ...ولا للخيال المريض ...كما لا تترك لمن يريدون تحقيق ارباحهم ومصالحهم واهوائهم وشهواتهم من خلال اعمال هابطة فيها من الاثارة والابهار واثارة الشهوة وغرائزها مما يفقد الناس اخلاقياتهم ومبادئهم وعلاقاتهم الاجتماعية .
حالة من الخلط والتضارب بين ما هو ديني اخلاقي سياسي اجتماعي داخل خارطة الاعلام ومصنفاته وتقسيماتها لمتعددة ...سيناريوهات تصعب علينا تحديد مرتكزات رسالة اعلامية هادفة تسعي بالمقام الاول لبناء الانسان العربي القادر علي مواجهة تحدياته كما القادر علي انهاء اسباب تخلفه وتراجعه .
مهمة صناع الاعلام ...مهمة مستمرة ودائمة ولا تتوقف وفي حراك مستمر ومتواصل يتناسب ويتلائم مع حراك المجتمعات وتقلبات الزمن ....وحتي يكون الانتاج هو راس المال المتدفق في سوق الاعلام راس مال ايجابي في انتاجه وعائداته... يجب ان يكون السعي الدائم نحو اولويات الافكار والاهداف التي تحصن المجتمعات من ويلات الانهيارات وازمات العلاقات .
نحن مع التطور التكنولوجي ومع كل ما هو حديث في صناعة الاعلام حتي نواكب حضارات الاخرين في تقدمهم ورايهم ومستوي تفكيرهم.... لكن هذا يحتاج الي دعم كامل لاطلاق المزيد من الحريات والافكار والابداعات المنضبطة والمنطلقة لتحقيق مصالحنا والتي لا تصب في خانة اعدائنا وانهاك مقومات قوتنا .
اعلام تنموي قادر علي النهوض لاستنهاض طاقات الامة ....اعلام قادر علي الاستفادة القصوي من كل فكرة وابداع ومن كل طاقة وقدرة يمكن ان تضيف لهذا الاعلام من قوة يحتاج لها ....اعلام قادر علي الحشد وتعزيز وحدة الوطن والاوطان ...ومحاربة ومواجهة كافة اشكال الانحراف الفكري ومواجهة الارهاب وافكاره المنحرفة .
خطورة الاعلام... كما فوائده في بناء الراي العام وتصويبه وبناء الافكار والمبادي والمثل وتقوية المجتمعات... والعمل علي هدمها... واستنهاض الطاقات... وقتلها في مهدها ....ودعم مسيرات التقدم والتنمية وحوافز العمل ....وبالمقابل قتل المعنويات وارباك اليات الانتاج ووقف عجلة التقدم .
الاعلام وصناعته ....يحتاج الي الكثير من الرعاية والمسؤولية والدعم وان لا تترك المنابر الاعلامية لمن يدفع.... ليقول ما يشاء ووقتما شاء وفي أي مكان شاء ....بينما اصحاب الحقوق والمتلقين والمنتظرين لرسالة الاعلام يحاولون وضعهم علي اعتاب الطريق ...وما عليهم الا ان يستمعوا ويشاهدوا ويقرنوا... بصمت مطبق.... وبقبول كامل ...دون تعليق .