لم ترفض حركة حماس إجراء الانتخابات البلدية التي أقرتها حكومة التوافق الوطني بشكل صريح، ولاسيما أن حركة حماس نفسها قد وافقت على تشكيل حكومة التوافق التي أقرت إجراء الانتخابات البلدية، وقد أعربت حركة حماس عن اسفها لإعلان الحكومة عن الانتخابات البلدية قبل توفر توافق وطني للتهيئة لها، وهذا الأسف من حركة حماس لا يعني الرفض، فما زالت الفرصة سانحة لحركة حماس كي تشارك في الانتخابات البلدية، ولاسيما أن الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري قد قال: إنهم بانتظار إجابات لعدد من التساؤلات التي تقدموا لهم قبل إعلان موقفهم النهائي من الانتخابات.
إن عدم موافقة حماس على إجراء الانتخابات سيضعها في موقع الحرج، وسيؤكد اتهام الخصوم السياسيين بأنها لم تمكن حكومة التوافق من ممارسة عملها، وبالتالي فهي التي تتحمل المسئولة عن مجمل الأوضاع المعيشية المأساوية في قطاع غزة، ومن هذا المنطلق، فإن بإمكان حركة حماس أن تستغل فرصة إجراء الانتخابات البلدية في أمرين:
الأول: معرفة وزنها الحقيقي داخل الشارع الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، كمقمة لمعرفة رأي الشارع بمجمل مشروعها السياسي.
الثاني: التخلص من عبئ إدارة حياة الناس اليومية، وما جره ذلك على الحركة من انتقاد جراء الأخطاء الإدارية لبعض الموظفين المنتمين للحركة.
وهنا قد يقول البعض، إن الاتفاق التركي الإسرائيلي على عودة العلاقات الدبلوماسية سينعكس بالإيجاب على الوضع الاقتصادي والحياتي لسكان قطاع غزة في المرحلة القادمة، وهذا أمر صحيح، ولكن هذا التحسن لن يخفف الملامة والنقد الذي تتعرض له حركة حماس جراء تصدرها واجهة العمل للمؤسسات الخدمية التي تثقل على الناس مالياً، والتي لن تقدم للمواطن الخدمة التي يأمل بها لعدد من السنوات القادمة، لذلك فإن أمام حماس عدة خيارات:
1- أن تشارك حركة حماس في الانتخابات البلدية بهدف الفوز، وفي هذه الحالة تكون قد فرضت نفسها، وقدمت منتخبيها على أنهم خيار الشعب الحياتي والسياسي.
2- أن تشارك حركة حماس في الانتخابات بهدف تشجيع الديمقراطية، مع عدم تحقيق الفوز، والاكتفاء بعدد من مقاعد المجلس البلدي التي تضبط إيقاع العمل.
3- أن تسمح حماس بإجراء الانتخابات، مع عدم المشاركة فيها، احتجاجا ًعلى الانتقائية في اتخاذ القرار، وعدم التزام القيادة الفلسطينية ببقية بنود المصالحة.
وأزعم شخصياً أن الدعوة لإجراء الانتخابات البلدية دون توفر التوافق الوطني هو كمين محكم تم إعداده للإيقاع بحركة حماس، وتحمليها مسئولية عدم السماح بإجراء الانتخابات في قطاع غزة، والهدف من ذلك هو تهرب القيادية الفلسطينية من استحقاق الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والتهرب من إصلاح منظمة التحرير، مع الحرص على إبقاء الوضع في قطاع غزة على ما هو عليه، لذلك فإن إجراء الانتخابات البلدية بمثابة فرصة رائعة لحركة حماس كي تتخلص من إدارة البلديات في قطاع غزة، وكي تتخلص من انتقادات الجمهور الذي يصر على الربط بين إدارة البلدية وقيادة الحركة.
وللعلم، فإن الإنسان يعشق التغيير، ولو كانت المجالس البلدية في قطاع غزة عسلاً صافياً، لتمنى المواطن بعض الملح في طعامه، كي يتذوق الحياة بطعم مختلف.
د. فايز أبو شمالة