مضى أكثر من 10 أعوام على الانقلاب الأسود يوم 14/6/2007، وفى ذكرى الانقلاب يعقد مؤتمر هرتسيليا في دولة الكيان بتاريخ 14/6/2016 حزيران يفرقنا.... وحزيران يجمعهم.... مأساة حقيقية بحجم السنين المذكورة، ففي مؤتمر يعتبر من أهم وأخطر المؤتمرات الإسرائيلية، وذلك بسبب طبيعة الموضوعات المطروحة ونوعية المشاركين من كل دول العالم، اضافة لذلك التوصيات والحلول المقترحة التي تقدم في نهاية المؤتمر وتؤخذ على محمل الجد، بالإضافة الى تفعيل دور لجان المحاسبة المختصة بمحاسبة المخطئين في الكيان، ليست هذه القضية الأساسية، القضية هي هل يحق للفلسطيني مخاطبة العقول في المؤتمرات الدولية بغض النظر عن مكان انعقادها؟ وهل يحق للفلسطيني استغلال وجود الاعلام الدولي الكثيف المتابع لحيثيات المؤتمر لكشف السياسات الاسرائيلية اتجاه أبناء شعبنا والمطالبة بحقوقنا؟؟ الجميع يدرك أهمية مراكز الابحاث والدارسات الإسرائيلية التي لها الدور الاكبر في صنع القرار السياسي الاسرائيلي، وذلك بناء على التقديرات الاستراتيجية والحلول والمقترحات المقدمة من قبلها للحكومة، ولكن سؤال يطرح نفسه، ما الفرق بين المشاركة في مؤتمر هرتسيليا والجلوس في الكنسيت الإسرائيلي للدفاع والمطالبة بحقوق فلسطينيو الداخل؟؟، طبعا كل التحية لعزمي بشارة وحنين زعبي وغيرهم من المرابطين في الكنيست لإثبات الذات والوجود الفلسطيني وكشف، وفضح سياسات الاحتلال المتطرفة اتجاهنا للعالم.
وبغض النظر عن الشخصية المشاركة في المؤتمر وبغض النظر عن انتمائها السياسي، فليس هذا المهم بل الأهم هو الاجابة على هذه الاسئلة، هل الانغلاق ومقاطعة المؤتمرات يخدم القضية الفلسطينية؟ وهل الذهاب للمحافل الدولية يعتبر خطيئة؟ هل يعتبر الانفتاح على اليمين الإسرائيلي بمثابة اجبار سياسي للاعتراف بالوجود الفلسطيني؟ وهل اجراء الحوارات مع صناع القرار في الكيان يمثل خطأ؟ ..الخطأ والخطيئة والخطر يتمثل في فشل حوارات المصالحة الفلسطينية لا في الحضور للمؤتمرات للمطالبة بحقوق الكل الفلسطيني.
قراءة تحليلية لنص خطاب مجدلاني في مؤتمر هرتسيليا:
1ـ ذكر في بداية الخطاب اسم غاندي الذى فقد حياته من اجل الدفاع عن المسلمين في الهند وهو رجل قاد الهند للاستقلال من الاستعمار البريطاني، وفي ذلك اشارة الى العنف الذى يتعرض له الفلسطينيون على أيدى جنود الاحتلال الإسرائيلي اثناء التوجه للصلاة في المسجد الاقصى، ايضا اشارة الى نهاية الاحتلال هي الزوال ونهاية شعبنا هي الاستقلال.
2ـ ذكر في الخطاب اسماء قادة مسلمون تم تحرير القدس على ايديهم أمثال عمر بن الخطاب وصلاد الدين الايوبي وكل منهما يتحلى بروح التسامح واحترام الحقوق والرسالة المستترة هي أن فلسطين التاريخية لنا.
3ـ وصف السياسة الاسرائيلية في بداية الخطاب بالمتطرفة وفي نهاية الخطاب تشبيه المستوطنين بالدواعش وكأنه يقول ان اسرائيل هي من أوجدت داعش وغيرها.
4. ورد في الخطاب مصطلح (تنمية مستدامة) اشارة الى المستقبل أي المستقبل الفلسطيني وضرورة الحفاظ على حقوق الاجيال الفلسطينية القادمة ـ
5ـ تم التوضيح في الخطاب بأن الفلسطينيون ملتزمون بحقوقهم التي أقرتها المواثيق الدولية في حين اسرائيل تضرب بعرض الحائط القرارات الدولية الخاصة بالشأن الفلسطيني أي هي بمثابة محاولة لإحراج اسرائيل امام المشاركين الدوليين في المؤتمر.
6ـ ذكر في الخطاب أسباب تأسيس منظمة التحرير وكأنه يذكر الإسرائيليين بأن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للكل الفلسطيني في الداخل والخارج في حين اسرائيل كانت تخطط لإنهاء المنظمة ومحاولة تفكيكها.
7ـ ورد في الخطاب تذكير بخطاب ياسر عرفات التاريخي في الامم المتحدة قبل واحد واربعون عاما ً أي أن الرسالة المراد ارسالها هي السير على نهج الياسر فياسر عرفات ذاكرة وطن ومسيرة شعب فهو الغائب الحاضر.
8ـ وصف القيادة الاسرائيلية والشعب الإسرائيلي بالتطرف والتناقض، فهم من عانوا من العنصرية في بلادهم قبل المجيء لفلسطين والان هم من يمارسون العنصرية ضد ابناء شعبنا .أي ان الإسرائيليين لاجئين وعليهم العودة لبلدانهم.
9ـ استخدم في الخطاب عدة تعبيرات مثال (الترفع فوق جميع صور التعصب، خداع النفس، التفوق الاسرائيلي) وكأنه يقصد بالأولى حصار غزة وبناء المستوطنات وهدم بيوت المقدسيين وبناء الجدار في الضفة وجدار غزة المستقبلي، اما الثانية خداع النفس المقصود بها اسلوب المماطلة الذي تتبعه القيادة الإسرائيلية في المفاوضات مع الفلسطينيين، اما يقصد بالثالثة الترفع فوق نظريات التفوق العسكري أي المقصود به غرور القيادات الإسرائيلية اثناء شن 3حروب شرسة على غزة بما فيها استخدام الاسلحة المحرمة دوليا.
10ـ ورد في الخطاب الجملة الاتية (إن الروح التي تزهق بالحرب... هي روح إنسان) هي بمثابة لعب على اوتار الاحزاب الدينية الاسرائيلية التي لا تمانع الانسحاب من بعض الأراضي المحتلة من منطلق الحفاظ على حياة الإسرائيليين أمثال بعض حاخامات شاس ويهدوت هتوارة.
11ـ استخدم في خطابه كلمات تثير عاطفة المشاركين في المؤتمر مثل كلمة (دمار، كوارث ، تذرف الدموع ، النصر الحقيقي ، التطرف، العنف ، الإرهاب، الحياة ،العنصرية ، اللاجئين ، الويلات (
12ـ استخدام ضمير المتكلم نحن لجذب انتباه المشاركين واشارة الى وحدة الشعب والقيادة الفلسطينية ـ
13ـ التسلسل التاريخي في سرد الاحداث بدءاً من وعد بلفور وانتهاء بتبني قمة المؤتمر الاسلامي للمبادرة العربية.
14ـ استخدم في الخطاب اسلوب الإغراء حين اقترح على الحكومة الاسرائيلية اتخاد قرارات مصيرية للتوصل لاتفاق مع الفلسطينيين مما يجعل الحكومة الاسرائيلية تكسب الاحزاب المعارضة لجانبها.
15ـ كرر في خطابه ضمير المخاطب (انتم) اربع مرات لإلقاء المسئولية بالكامل على الجانب الإسرائيلي قيادة وشعبا ً.
16ـ ذكر ايران اثناء خطابه عندما تبنت مبادرة السلام العربية في حين لم يذكر أي دور لتركيا على المستوى الإقليمي.
17ـ قلل من أهمية التفوق العسكري الاسرائيلي في حين تعتبر اسرائيل تفوقها العسكري جزء من تنظيم شروط اندماجها الاقليمي.
18ـ ركز على خطابات ليبرمان التحريضية والمتطرفة محاولاً احراج حكومة نتنياهو.
19ـ ورد مصطلح عنصرية في الخطاب أربع مرات في حين لم يوضح مستويات العنصرية الاسرائيلية أي على المستوى الفردي والمؤسسي والثقافي ولم يذكر المظاهر السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعنصرية الإسرائيلية.
20.ورد مصطلح عنف مرة واحدة ولم يوضح ماهية العنف ان كان عنفا ًرمزيا ً أو ماديا ً او فكرياً.
ملاحظة هامة:
ذكر اسماء رؤساء الوزراء الإسرائيليين ولكن ليس حسب التسلسل الزمني لتوليهم منصب رئاسة الوزراء (بيغن، شارون، رابين، اولمرت) وللتوضيح الأصل أن تكون الاسماء مرتبة كالتالي (رابين، بيغن ،شارون، اولمرت ) أي أن يبدا باسم رابين لأنه هو رئيس الوزراء الخامس حيث تولى منصب رئاسة الوزراء على فترتين الاولى من عام 1974 حتى 1977 والثانية من عام 1992 حتى 1995، أما بيغن هو رئيس الوزراء الاسرائيلي السادس وعين في عام1977 حتى 1983 م، أما شارون هو رئيس وزراء اسرائيل الحادي عشر حيث تولى منصبه من عام 2001 ــ 2006، اما ايهود اولمرت يعتبر رئيس وزراء اسرائيل الثاني عشر حيث عين في منصبه من عام 2006ــ 2009 .
21.تكرار بعض الكلمات حسب ورودها في نص الخطاب أكثر من مرة.
6مرات الحرب، 9 مرات السلام العادل والشامل، مرتين قرارات مصيرية، 4 مرات الأمن والاستقرار، 4مرات العنصرية، 30 مرة السلام ، مرة واحدة التعصب، 4 مرات الحياة،4 مرات الدمار، مرتين التنمية،4 مرات الكوارث،3مرات التفوق العسكري،3 مرات عودة اللاجئين، 4 مرات انتم ، مرتين الويلات، 8مرات القدس.
وخاتمة الخطاب كانت عبارة عن ملخص للأفكار الاتية:
1ـ الأمن لن تحصل عليه اسرائيل إلا بالسلام الشامل والعادل.
2ـ اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.
3ـ فلسطين هل مفتاح السلام والحرب في المنطقة.
4ـ القيادة الفلسطينية اختارت السلام وعلى الجانب الإسرائيلي الاختيار.
وبدراستي للخطاب أرى أن هناك بعض القضايا التي لم يتضمنها الخطاب مثل:
.1الاعدامات الميدانية بحق الفلسطينيين على أيدى جنود الاحتلال.
2ـ الحروب الثلاث على غزة خلال الخمس سنوات الماضي.
3ـ لم يذكر المحاولات الاسرائيلية لتكريس الانقسام، وتطويره لعملية الفصل الكامل بين الضفة وغزة من اجل ضرب أي امل لإقامة دولة فلسطينية.
4ـ لم يذكر في خطابه جدار الفصل العنصري المزمع بناءه على حدود غزة.
انتهى،
بقلم/ غادة عايش خضر