تقرير الرباعية...تشجيع لإسرائيل على مواصلة الإرهاب والإحتلال

بقلم: راسم عبيدات

تقرير الرباعية الذي صدر أمس بعد أن هندس صدوره كيري ونتنياهو....كحال البيان الذي صدر عن مؤتمر باريس الإقليمي وهندس صدوره أيضاً نتنياهو وكيري...مصلحة اسرائيل اولاً وما دون ذلك بعض كلمات الإنشاء التي تشنف لها الأذان العربية والفلسطينية....والتي اصبحت تطرب لتلك المبادرات والمؤتمرات والبيانات حد العشق الدائم...فهذا التقرير لم يحمل أي رسالة او مطالبة لإسرائيل بالإنسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 وانهاء اطول إحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة،بل دعوة اسرائيل الى وقف الإستيطان في لازمة واسطوانة مشروخة يعرفها أصغر طفل فلسطيني،فإسرائيل مع صدور مثل هذه التقارير وهذا الدعم والتأييد الذي تتلقاه يثبت للمرة المليون بأن ملف القضية الفلسطينية يجب ان يعود الى الأمم المتحدة وبرعاية دولية كاملة من أجل تنفيذ وتطبيق قرارات الشرعية الدولية بحقه لا التفاوض حولها.....وهذا التقرير حتى في تشجيعه ودعمه لإسرائيل في مواصلة إرهابها وإحتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية،اعتبر نتنياهو بكل بجاحة ووقاحة أن مجرد دعوته اسرائيل الى وقف الإستيطان هو "خرافة" وغير مفيد ل"السلام"،قصده إستسلام فلسطيني كامل.
التقرير لم يساوى بين الجلاد والضحية فقط،بل اعتبر نضال الضحية وكفاحها شكلاً من أشكال الإرهاب الذي يجب ان يتوقف،وهو يحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية ذلك،ويدعوها الى إدانة ما يسمى بالعنف والتحريض،في وقت لم يشر التقرير من قريب او بعيد الى إنفلات اسرائيل حكومة ومستوطنين وممارستهم لكل أشكال القمع والتنكيل والعقوبات الجماعية بحق الشعب الفلسطيني،بما فيها الإعدامات الميدانية وسياسات التطهير العرقي واصدار المزيد من القوانين التي تحمل أبعاداً ومضامين عنصرية وغير انسانية واخلاقية بحق شعبنا الفلسطيني.
نعم عندما يصرح البعض ممن هم دعاة نهج وثقافة "الإستنعاج" و"الإستجداء" في الساحة العربية،بأنه على الشعب الفلسطيني ان ينزع سلاحه،فلا غرابة أن "تتغول" وتتطاول الرباعية الدولية وغيرها على حقوق شعبنا الفلسطيني،وأن تنكر عليه حقه بممارسة كفاحه ونضاله من اجل حريته وإستقلاله والعيش في وطن حر بعزة وكرامة.
الصفعات لنا كفلسطينيين وعرب من الرهان على تلك المؤسسات والمبادرات والمؤتمرات تتوالى،والمصيبة أن البعض فلسطينياً وعربيا يصر على أنها "نصر" مؤزر،ولكوننا لا نستخدم عناصر القوة الموجودة لدينا لصالح اهدافنا وحقوقنا،بل البعض لا يتورع عن التآمر على شعبنا وقضيتنا علناً،ولم يعد حتى يستر عورته بورقة التوت،ويجاهر علناً بعلاقاته مع دولة الإحتلال،والتي أصبح البعض عربياً يعتبر أنها ليست عدوة ومصدر خطر على الأمن القومي العربي .
مصيبتنا نحن العرب والفلسطينيون في رهن حقوقنا بمواقف غيرنا،وكأن من زرعوا الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية ودمروا وإحتلوا العراق بحجج وذرائع واهية،ويحاولون تدمير وتفكيك كل الجغرافيا العربية خدمة لمصالحهم واجنداتهم واهدافهم سينصفون شعبنا وامتنا العربية؟؟؟.
نحن لن نصبح محط احترام العالم وتقديره،ولن يحسب لنا ألف حساب،اذا ما استمرينا نعمل كشراذم ونتآمر على بعضنا البعض،واذا لم نستخدم طاقاتنا وإمكانياتنا ونقاط قوتنا في التعامل مع الدول والشعوب الأخرى بلغة المصالح،فما دمنا نعاني من عقدة "الإرتعاش" السياسي المستديمة في التعامل مع أمريكا والغرب الإستعماري،وغير مالكين لإرادتنا وقراراتنا،فسيبقى وضعنا يتراجع حتى نخرج من التاريخ البشري.
نعم ما قاله سماحة السيد حسن نصر الله في كلمته بذكرى يوم القدس العالمي، لو أن الجهود والأموال التي أنفقت على تدمير اليمن سوريا،أنفق على فلسطين لتحررت عشر مرات.
ان حالة الانهيار العربي والضعف الفلسطيني،والتي وصلت حد التحالفات العلنية مع دولة الإحتلال الصهيوني من قبل البعض عربياً،بل تعدى ذلك وتخطى كل الخطوط الحمر،لكي يصل الإنهيار الى سقوط مدو من خلال حضور بعض الفلسطينيين والعرب لمؤتمر "هرتسيليا" الصهيوني الذي يناقش استراتيجيات لكيفية مواجهة الأخطار المحدقة بدولة الإحتلال،تحت حجج وذرائع بائسة بأن هذا المؤتمر ساحة اشتباك سياسي..؟؟
لا غرابة بأن يصدر تقرير الرباعية بهذا الشكل البائس المناصر للضحية على الجلاد،عندما تذهب الأمور الى حد ان تصوت دول عربية وإسلامية لصالح مرشح دولة الإحتلال المتطرف "داني دنون" لتولي رئاسة لجنة أممية قانونية تعنى بمكافحة الإرهاب وسبل التصدي له،في وقت تواصل فيه دولة الاحتلال،ممارسة إرهاب دولة منظم بحق شعب أعزل.
علينا ان نغادر خانة اللهاث خلف المبادرات والمؤتمرات التي تأتي في أغلبها لملء الفراغ وإدارة الأزمة،ومنع الأمور من التطور والتفاقم حتى لا تؤثر مفاعيلها وتداعياتها على المحيطين العربي والإقليمي،وبما يعزز من حلف المقاومة والمقاومة الشعبية،فنحن بعد عشرين عاماً من التفاوض بمختلف أشكاله،والذي لم يوصلنا الى عتبة الحد الأدنى من حقوق شعبنا المغتصبة في دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران/ 1967،نعود الى المربع الأول مزيداً من المفاوضات والمؤتمرات والتقارير،وإسرائيل تدرك جيداً ما دام إحتلالها لأرضنا ،إحتلال خمسة "نجوم"،فهي غير مستعدة لتقديم أي تنازل جوهري ذات قيمة عن الأرض الفلسطينية،بل هي تزداد "تغولا" و" توحشاً" على أرضنا وحقوقنا،ولديها الإستيطان مرتكز ثابت كالعقيدة لا تنازل عنه،ولذلك لا غرابة عندما يقول نتنياهو عن تقرير الرباعية بأن دعوته لوقف الإستيطان "خرافة"،فهذا قمة التبجح والإستعلاء وإنكار حق الاخر في الوجود.
جمعينا يدرك انه منذ مؤتمر مدريد قبل أكثر من عشرين عاماً قال رئيس وزراء الإحتلال أنذاك المغدور شامير مقولته المشهورة " ما المانع من مفاوضة العرب والفلسطينيين عشرون عاماً دون منحهم أي شيء"،وعلى هدي هذه المقولة صارت كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة يميناً ويساراً،مفاوضات مع الفلسطينيين دون تنازلات،ومزيداً من الإستيطان وقضم الأرض وتهويد القدس.
ولذلك آن الأوان لكي نعيد النظر بشكل جذري في كل مواقفنا وسياساتنا واستراتجياتنا،مراجعة شاملة تطال الرؤوس القيادية قبل غيرها،فهي من تتحمل بالأساس ما وصلت اليه الأمور بالنسبة لحقوقنا وقضيتنا.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
2/7/2016
0524533879
[email protected]