منذ إنشاء اللجنة الرباعية الدولية في شهر ديسمبر 2002 , بعد ثلاثة أشهر على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية , وتصاعد الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي , لم تقدم هذه اللجنة شيئا على طريق إيجاد حلول لهذا الصراع الذي يبدو أن لا أفق لإنهائه في ظل التعنت الاسرائيلي , والانحياز الأميركي , والتبعية الأوروبية , وغياب الدور الروسي المؤثر , وضعف الأمم المتحدة , وهي الأطراف الأربعة المشكلة لهذه اللجنة العاجزة التي يمكن أن نطلق عليها لقب " العرجاء " منذ تأسيسها , لكن يبدو اليوم أنها أصيبت بالشلل الرباعي , بعد أن تحولت إلى معطف أميركي لتغطية الحليف الاسرائيلي .
ومنذ إصدار الرئيس الأميركي جورج بوش الابن لخطته " خارطة الطريق" , والتي أعلن فيها لأول مرة مخططه لإقامة الدولة الفلسطينية " العتيدة " إلى جانب دولة اسرائيل , على أن يبدأ الفلسطينيون أولا بإجراءات ضمان أمن دولة اسرائيل , أصبحت مهمة اللجنة متابعة وتنفيذ هذه الخطة , التي يبدو أنها تاهت في الطريق , ولم تصل حتى اليوم وبعد مرور 14 عاما إلى نهاية الطريق , بإقامة الدولة الموعودة , رغم أن الفلسطينيين أوفوا بكافة الشروط المجحفة الواردة في تلك الخطة , التي أصيبت منذ وقت طويل بالشلل الرعاش , ونامت في غرفة الإنعاش .
ومنذ العام 2002 , ظلت اللجنة الرباعية تعقد الاجتماعات , مرة بمناسبة , ومرة أخرى بدون مناسبة , حسب المزاج الأميركي , الممسك برقاب الجميع , فلم تكن اجتماعاتها دورية , بل لتغطية العتب على فشلها من أول يوم , ومر العام 2005 الذي كان محددا لإنهاء الصراع وقيام الدولة الفلسطينية , بحسب ما ورد في الخارطة " اللعينة " , بعدما قامت حكومات اسرائيل بتمزيق أي خارطة ممكنة لدولة فلسطين . بزيادة وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة , إمعانا في تمزيق الأرض , واستحالة قيام دولة " الكانتونات " , ومع اقتراب انتهاء العام 2005 , كانت خطة شارون للانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة , ثم ما تلا ذلك من سيطرة حركة حماس على قطاع غزة , فكانت الحجة الإسرائيلية , باستحالة قيام الدولة الفلسطينية , ما دامت السلطة الوطنية غير قادرة على حكم غزة والضفة الغربية , وهكذا تبخرت خارطة الطريق , ولم يعد للجنة الرباعية الدولية أية أهمية , وباتت اجتماعاتها لا قيمة لها في ظل هذه الوضعية. وفي اجتماعها الأخير الذي عقد في الأول من يوليو الجاري , خرجت اللجنة الرباعية ببيان يساوي بين الجلاد والضحية , يتحدث عن العنف الفلسطيني وإدانته, بينما لم يأت على الجرائم الاسرائيلية اليومية , ويشير فقط إلى الاستيطان الاسرائيلي باستحياء بأنه يعيق السلام , بأنه يعيق حل الدولتين , دون الدعوة إلى وقفه وادانته. ومما جاء في البيان , الذي فقد أي اتزان , والذي يبدو أن اللجنة الرباعية بهذا البيان قد أصيبت بالشلل الرباعي , بدعوتها إلى استئناف مفاوضات السلام.
وعلى رأي المطرب اللبناني الراحل وديع الصافي , " و يا سلام سلم يا سلام على سلامهم يا سلام "!! , وعلى هكذا بيان يصدر عن اللجنة الرباعية , هذه اللجنة التي أصبحت اليوم في حكم الموات , بعد أن أصيبت في السابق بالشلل الرعاش , ثم الشلل الرباعي .
بقلم/ د. عبد القادر فارس