أربعة وأربعون عاماً مرت على استشهاد الأديب والمناضل الفلسطيني غسان كنفاني هو الذي جمع بين النضال السياسي والنضال بالقلم، فقد حمل السلاح مجازا على الحقيقة، بالرغم من استشهاده لازال أثره الإبداعي قويا وممتدا، فلا يذكر الأدب الفلسطيني إلا ويذكر اسمه باعتباره الرائد والمؤسس وصاحب تيار بارز "كتابة المقاومة" التي توسمت به كل الأنواع الأدبية لتجسيد وتمثيل جماليات الاقتلاع من الأرض، ومقاومة الاحتلال، واستدعاء جوهر الهوية الفلسطينية في مواجهة المنافي والاغتراب والتهميش.
نشأته وظروف الهجرة من فلسطين :
غسان كنفاني من مواليد مدينة عكا في فلسطين عام 1936 و هو الوحيد بين أشقائه ، التحق بمدرسة الفرير في يافا حيث لم تستمر دراسته الابتدائية هذه سوى بضع سنوات ، فقد كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو الحي الملاصق لتل الربيع وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التي بدأت هناك إبان قرار تقسيم فلسطين لذلك فقد حمل والده ما تحتاج زوجته وأبناءه وأتي بهم إلى عكا وعاد والده إلى يافا، حيث أقامت العائلة هناك من شهر تشرين عام 1947 إلى أن كانت إحدى ليالي أواخر نيسان 1948 حين جرى الهجوم الأول على مدينة عكا ليخرج المناضلون يدافعون عن مدينتهم ، وهنا حانت لحظة الهجرة من الوطن السليب فلسطين حيث كانت أسرته ممن تيسر لهم المغادرة مع عديد من الأسر في سيارة شحن إلى لبنان فوصلوا إلى مدينة صيدا وبعد يومين من الانتظار استأجروا بيتاً قديما في بلدة الغازية اقصى البلدة على سفح الجبل، وأستمرت العائلة في ذلك المنزل أربعين يوما في ظروف قاسية إذ أن والده لم يحمل معه الا النذر اليسير من النقود فقد أنفقها في بناء منزل في عكا وآخر في حي العجمي بيافا وهذا البناء لم يكن قد انتهى من العمل فيه حين أضطروا للرحيل ، وبعدها انتقلوا بالقطار مع آخرين إلى حلب ثم إلى الزبداني ثم إلى دمشق حيث استقر بهم المقام في منزل قديم من منازل دمشق وبدأت هناك مرحلة أخرى قاسية من مراحل حياة أسرته.
وبعدها تحسنت أحوال العائلة فقد افتتح والده الذي درس المحاماة في فلسطين مكتباً لممارسة المحاماة فأخذ غسان كنفاني إلى جانب دراسته في العمل بتصحيح البروفات في بعض الصحف وأحياناً التحرير واشترك في برنامج فلسطين في الإذاعة السورية وبرنامج الطلبة وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات والمقطوعات الوجدانية ، وكانت تشجعه على ذلك وتأخذ بيده شقيقته التي كان لها في هذه الفترة تأثير كبير علي خطى ومسيرة حياته النضالية ، وأثناء دراسته الثانوية برز تفوقه في مادتي الأدب العربي والرسم وعندما أنهى الثانوية عمل في التدريس في مدارس اللاجئين وبالذات في مدرسة الاليانس بدمشق والتحق بجامعة دمشق لدراسة الأدب العربي وأسند إليه آنذاك تنظيم جناح فلسطين في معرض دمشق الدولي وكان معظم ما عرض فيه من جهده الشخصي وذلك بالإضافة إلى معارض الرسم الاخرى التي أشرف عليها.
انتقل إلى بيروت عام 1960 حيث عمل محرراً أدبياً لجريدة "الحرية"الأسبوعية, ثم أصبح عام 1963 رئيساً لتحرير جريدة "المحرر", كما عمل في "الأنوار" و "الحوادث" حتى عام 1969 حين أسس صحيفة "الهدف" الأسبوعية وبقي رئيساً لتحريرها حتى نال شرف الشهادة.
الوظائف التي شغلها :
• باشر بعد حصوله على الشهادة الإعدادية العمل في مدارس الوكالة كمعلم لمادّة الرسم في معهد فلسطين.
• عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
• عمل أحياناً كمعلم أيضاً في مدرسة دوحة الوطن الخاصّة
• عمل لفترة قصيرة كرسّام في مكتب مجلّة "الإنشاء لصاحبها نجيب الحفّار"..
• عمل في جريدة الرأي الناطقة باسم اعضاء حركة القوميين العرب.
• عمل في جريدة الأيام منذ بداية حزيران 1955 حتى أواسط آب 1955
• وفي الكويت عام 1956 حيث عمل مدرساً للتربية الرياضية والرسم،
غادر الكويت سنة 1960 إلى بيروت ليعمل محرراً في جريدة الحرية، كما عمل في جريدة الأنوار، ومجلة الحوادث، ورئيساً لتحرير المحرر.
• ترأس جريدة "الهدف"، الناطقة بلسان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
الأوسمة التي نالها:
• جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان عن روايته "ما تبقى لكم. " عام 1966
• اسمه جائزة منظمة الصحفيين العالمية عام 1974
• جائزة اللوتس عام 1975.
• منح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.
مؤلفاته :
في الرويات :
• رجال في الشمس
• ما تبقى لكم.
• أم سعد
• عائد إلى حيفا
• - الشيء الآخر
• العاشق.. الأعمى والأطرش.. برقوق نيسان
في المجموعات القصصية :
• موت سرير رقم 12
• أرض البرتقال الحزين
• عن الرجال والبنادق
• عالم ليس لنا
• القميص المسروق .
في الدراسات :
• المقاومة في فلسطين المحتلة 1948- 1966
• الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال
• في الأدب الصهيوني
• ثورة 36-39 في فلسطين، خلفيات وتفاصيل وتحليل
في المسرح :
• الباب
• القبّعة والنبيّ
لحظة الإغتيال :
هذا الرجل كان له العديد من العطاءات الأدبية والتاريخية والثقافية والفنية ، مما جعله اسم مسجلاً عبر التاريخ وفي ذاكرة الأجيال فقد أثر في واقع المجتمع الفلسطيني في فكره وعقله ، ونال إعجاب شعبه المقاوم ، لذلك كانت النهاية باستشهاده لأنه شكل خطراً على المحتل الاسرائيلي عبر كتاباته وأفكاره . ففي صباح يوم السبت 8/7/1972 هنا امتدت له يد الاجرام الاسرائيلية بعد وضع عبوة ناسفة في سيارته تحت منزله ليرتقي شهيداً هو وابن شقيقته لميس حسين نجم (17 سنة) ليجسد مقولته الشهيرة:
(لن أرتد حتى أزرع في الأرض جنتي أو أقتلع من السماء جنة أو أموت أو نموت معاً.)
بقلم الأستاذ وسيم وني " اتحاد الصحافة العربية"