تعتبر أفغانستان إحدى أهم نقاط الاتصال والتواصل لأرض لطريق الحرير والهجرات البشرية القديمة, وهي تملك الموقع الأخضر في آسيا كونها تربط بين جهات آسيا الأربع جنوب وشرق وغرب وشمال آسيا وتفصل بين مفاصل إستراتيجية في آسيا فهي تحد الصين من الشرق وإيران من الغرب وكل من طاجكستان وأوزبكستان وتركمانستان من الشمال وباكستان من الجنوب وجميع الدول المذكورة ليست دولا هامشية وإنما دول محورية ومركزية في السياسة العالمية فعلى حدودها ظل لسنوات طويلة الاتحاد السوفيتي الذي عاش نزاعات طويلة مع الصين لأسباب عقائدية وكذلك مع إيران بسبب أهمية بحر قزوين والنفط والعلاقات التي تربط إيران ببعض بلدانه آنذاك وقد يكون ذلك هو السبب الذي قاد الاتحاد السوفيتي في حينه إلى حماية الثورة اليسارية الأفغانية مما دفع بالولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة لمحاربته بكل ما أوتوا من قوة وأسباب الحرب على أفغانستان وعلى الوجود السوفياتي هناك يمكن تلخيصها بما يلي:
1- الخشية من التواجد السوفياتي في هذا الموقع المفصلي وقدرته على التأثير على الأحداث في البلدان المحيطة.
2- رغبة أوروبا وأمريكا وحلفائهما في تحجيم تأثير الاتحاد السوفياتي في المنطقة
3- وجود الكثير من الثروات الدفينة في أفغانستان كالنحاس الذي تستثمره الصين والفضة والأحجار الكريمة والكوبالت
4- وجود اليورانيوم بكميات وفيرة أيضا في أفغانستان وهو ما يجعل الولايات المتحدة حريصة على سيطرتها هناك كل الحرص.
5- وجود بئر غاز يحوي 16الف مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
6- وجود كميات كبيرة من فلز الليثيوم هناك مما يقودنا للاعتقاد أن ذلك سيعطي أهمية كبيرة لأفغانستان بهذا الشأن
7- انشغال أفغانستان بزراعة وتجارة المخدرات لدرجة اتهام طالبان بذلك وتعتبر أفغانستان اخطر واكبر منتج للمخدرات في العالم وهو ما يقود إلى الاعتقاد أيضا أن شبكات تجارة المخدرات لها دور فاعل في انعدام الهدوء في ذاك البلد.
تعتبر ظروف أفغانستان وتركيبتها السكانية تربة خصبة لألعاب الامبريالية هناك فهي تتكون من أعراق مختلفة مقسمة على النحو التالي:
البشتون 62%
الطاجيك 25%
والباقي من الهزارة والاوزبك والبلوش والتركمان ومجموعات أخرى صغيرة والى جانب اللغة الدارية وهي اللغة الرسمية فان هناك لغات أخرى مستخدمة منها العربية والبشتو وهي اللغة الثانية إلى جانب البلوشية والاوزبكية ومع أن الغالبية شبه المطلقة هناك للإسلام بأغلبية سنية وأقلية شيعية إلا أن الأديان الأخرى متواجدة وان كانت قلت بشكل كبير بسبب الحروب التي أخذت طابعا دينيا هناك وخصوصا فترة سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان.
إذن كل الدلائل تشير إلى تحالف بشع يقوم بين عصابات المخدرات وعصابات السلاح وعصابات الصناعات الرئيسية إلى جانب جيش من العبيد والخونة يسخرونهم لخدمة أغراضهم ومشاريع النهب والسيطرة في العالم والتي تشير كل الدلائل أنها في المحصلة النهائية عصابة امبريالية واحدة فكل منهم يخدم الآخر هنا أو هناك, فقد استخدمت الولايات المتحدة سابقا المخدرات كمصدر استرزاق لزلمها تماما كما فعلت ذلك مع النفط في ليبيا والعراق وسوريا تحت عنوان اسرق بلدك بيدك لتدمرها لصالحي وأنا سأقتلك دفاعا عنها فهي إذن عقدة الفعل الامبريالي العجيبة التي جعلت من الاستغوال أعمى بل وأعمت معها بإمبراطورية المال والإعلام وجيش المستفيدين جماهير البشر على دفتي النهر فمن يعارض أمريكا ومشروعها بات يقف إلى جانب مشروع التدمير ومن يؤيدها يقف أيضا إلى جانب نفس المشروع فالمدمر في الحالتين هي بلاد الغير الامبريالي لصالح النخب الاقتصادية المسيطرة هناك.
الانجاز الامبريالي الحديث جاء في قدرتهم على اختزال العالم بينهم وبين صنيعتهم من الدمى فأنت لم يعد بإمكانك أن تختار إلا بين صورتين كلاهما يخدمان مشروع الاستغوال الأمريكي فعلى الأرض الأفغانية مثلا إما أن تكون مع طالبان وهذا يعني استمرار تدمير أفغانستان وإغراقها بالمخدرات وضياع ثرواتها وناسها أو أن تقف إلى جانب المشروع الأمريكي واستمرار حالة الحرب والموت المتواصلة هناك ستقود في النتيجة إلى إفراغ أفغانستان من ثرواتها التي يتم نهبها تحت جنح الظلام بما في ذلك ثروات خطيرة مثل اليورانيوم أو أن تسرب إلى شركات وهيئات وجهات ترغب بها الدول الامبريالية وفي المقدمة قطعا الولايات المتحدة الأمريكية وهذه الصورة تنسحب بالتأكيد على عديد دول العالم التي تخوض فيها الولايات المتحدة حربا تدميرية لنشر الديمقراطية والسلام هناك حتى أن بعض الدول قد لا تجد بها من يعيش الديمقراطية التي تحتاج بعد أن أصبح معظم سكانها لاجئين وخدم في أوروبا وأمريكا نفسها.
لم تعد أمريكا تكترث أبدا لصورتها المتناقضة هنا أو هناك فالإسلام الإرهابي عند داعش والقاعدة هو دعوة للحرية والديمقراطية عند فصائل أخرى تحارب في الجبهة الأمريكية العلنية وأمريكا اليوم تقدم داعش على أنها القوة العظمى في العالم وهي تعد لها تحالفات دولية وتظهرها على أنها قوة يصعب كسرها رغم أنها مجرد تنظيم لا حول له ولا قوة من الناحية العملية ولا احد يدري كيف نما بهذه السرعة والقوة والتنظيم تماما كما هو الحال مع القاعدة من قبل.
بقلم
عدنان الصباح