منذ خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبيانه الهام والتاريخي والذي حمل عناوين دفع مسيرة التسوية السياسية ومفهوم حل الدولتين ....كما حمل في ذات الوقت أهمية انهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد الجهود بما يكفل تعزيز مقومات العمل الوطني والقومي .
جاءت الدعوة المصرية الخالصة والهادفة الي تعزيز الاستقرار والامن داخل المنطقة .....بردود أفعال ايجابية كانت بداياتها الاولي ما جاء ببيان الرئاسة الفلسطينية ....وحتي ما جاء في بيان ديوان حكومة الاحتلال الاسرائيلي ....كما جاء التأييد وبتفاوت واضح بالعبارات من كافة الفصائل السياسية الوطنية والاسلامية .
خطاب الرئيس السيسي شهد تحركا دبلوماسيا ...ولا زال يشهد المزيد من التحركات السياسية والدبلوماسية ...والتي تأتي في اطار انضاج الافكار والمبادئ ....وتهيئة المناخ السياسي بما يكفل تحقيق النجاح وازاحة ما تولد على طريق التسوية من اعاقات ومصاعب اسرائيلية كان عنوانها الاستيطان وتوسعه واستمراره .....كما جاء في مضمون الموقف الاسرائيلي ما يخالف الاتفاقيات الموقعة.....وقرارات الشرعية الدولية ....وحتي ما يخالف مبادرة السلام العربية المجمع عليها عربيا واسلاميا .
مصر بتحركها السياسي والدبلوماسي عبر وزير خارجيتها سامح شكري ....وعبر تواصل اتصالاتها مع كافة الاطراف الدولية والعربية ...الاسلامية والافريقية تؤكد حقيقة الموقف الداعم لعملية التسوية السياسية ..... ومساندة الحقوق الوطنية الفلسطينية ...كما العمل على تحقيق الامن والاستقرار داخل المنطقة .
تلاقت التوجهات والمبادرات ما بين مصر بثقلها ومكانتها ودورها المحوري داخل المنطقة ...وحرص حكومة نتنياهو أن لا تعيد تكرار مواقفها اتجاه مصر وتوجهاتها .....تلاقي فرنسي مصري بما طرح بمبادرة السلام الفرنسية ...وما تم تأكيده بالمؤتمر الدولي الذي عقد بباريس .....وحتي ما تأكد من توجهات سياسية ودبلوماسية لإمكانية تحقيق تقدم ملموس بالمؤتمر الدولي القادم مع نهاية العام الحالي .
تحركات سياسية ودبلوماسية معلنة وسرية ....وكلها تصب باتجاه دفع عملية التسوية ...وانهاء حالة انسداد الأفق المتلازمة للمشهد السياسي منذ سنوات ماضية ....والذي اعطي قوة دفع اضافية للتحرك المصري منذ خطاب الرئيس السيسي ...وحتي من خلال زيارة وزير الخارجية المصري ....تحركات أيقن الجميع أن هناك حالة من الحراك لإنهاء حالة الجمود ....واذابة الجليد ....وفتح المجال للمزيد من التحرك باتجاه اقرار تسوية سياسية قائمة على حل الدولتين ....تسوية سياسية تؤكد حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية بحدود الرابع من حزيران 67 ....دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة برا وجوا وبحرا ...وخالية من الاستيطان والمستوطنين .....دولة فلسطينية يقرر فيها الفلسطينيون نظامهم السياسي ...وديمقراطيتهم ....وعلاقاتهم العربية والدولية ....على مبدأ المساواة وعدم التدخل بشئون الاخرين ....وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين وعودتهم الي ارضهم التي شردوا منها .
دولة فلسطين المستقلة واذا ما تحققت ....وتجسدت على واقع الارض ....بمفهوم الدولة والسيادة ....والسلطة ....والقانون الدولي المنظم لعلاقات الدول ....ستشكل بداية حقيقية لأمن واستقرار المنطقة ....كما وستشكل مدخلا سياسيا اعلاميا أمنيا واقتصاديا ....لتعزيز مقومات التنمية الاقتصادية ....الاجتماعية ....داخل فلسطين وخارجها ....بما يكفل استقلالية الارادة والقرار والسيادة الكاملة التي تمكن فلسطين كما غيرها من دول الجوار لمواجهة كافة أشكال التطرف التكفيري ....والفكر المنحرف ....والمنطلقات العقائدية التي يشوبها الانحراف والتشوية والاجتهادات الشخصية المرتبطة بهلوسات ونظريات لا علاقة لها بديننا الحنيف .
الارهاب الاسود الذي ترعرع داخل المنطقة ....وهو يرفع بشعاراته بمحاولة خداع الناس وتسويق مبررات وجود .....مثل هذه الجماعات التكفيرية ...التي انكشف زيفها ....كما انكشف وجهها الحقيقي ...وارتباطها ببعض القوي الاقليمية والدولية الاستخباراتية ....والتي توكد عن توجهاتها الحقيقية الهادفة الي التخريب والدمار وقتل الأبرياء وانهاء مقومات الدولة الوطنية والقومية .
ان الحراك السياسي واختراق المواقف .....واحداث نقلة نوعية بالمسار السياسي ... الاقتصادي ...التنموي .... الثقافي ... والاعلامي .....يعتبر أحد المداخل الهامة لمواجهة الارهاب الأسود ....الذي بدأ بالانتشار والتوسع والاستقطاب في ظل انعدام الآمال....وانسداد الافاق ....واستحالة التسوية ....هذا الحراك السياسي والذي تجمعت حوله معظم القوي الاقليمية والدولية .....باعتباره مصلحة عليا للأمن القومي العربي ....كما للأمن الدولي ....وليس للطرف الفلسطيني وحده ....باعتبار أن فلسطين وشعبها لا زالوا تحت الاحتلال وفي ظل الاستيطان والحصار ....ولا زالت فلسطين تتعرض للممارسات العدوانية .....وقتل الابرياء من الأطفال والنساء وحتي حرق الامنيين داخل منازلهم .....من خلال عصابات استيطانية لا زالت تقتل وتخرب ....كما لا زالت تدنس المقدسات ...وتحاول انتهاك الحقوق الوطنية والانسانية والدينية لشعب بأكمله .....لا زال على اصراره ...وتمسكه بحقوقه ....وحقه بحرية أرضه واقامة دولته .
نصدم من مواقف الرباعية الدولية وبعض الاطراف الدولية التي تتناقض مع الشرعية الدولية وقرارتها .....وحتي انها تتناقض مع صلب مواقفها وأنظمتها وقوانينها .....والمعلن عنها في تناقض واضح وصريح . يؤكد أن قانون المصالح يتغلب على قانون الحق والعدل ....مما يعيد الكرة والقضية الي ملعب العرب وقواهم الحية ....والي مبادرتهم التي لا زالت معلنة ....مع دعمنا الكامل لكافة الجهود الدولية اذا ما كانت جهود خالصة وقائمة على الحق والشرعية والدولية....وهذا ما نأمله بالمؤتمر الدولي القادم بباريس بنهاية العام الحالي .
من هنا فان مصر ومواقفها .....ومساندتها الدائمة والمستمرة لقضية فلسطين وشعبها ....تعيد حالة التوازن السياسي ....في ظل مصر القوية والقادرة على فرض شروط الحق والعدل والسلام .
لقد تعلمنا من تجارب التاريخ ....والصراع مع هذا الكيان الاسرائيلي ...ان لا نبني المواقف والتوجهات على ما يتحدثون عنه ....وما يصرحون به ....وما يحاولون به تضليل وخداع جمهورهم.... وناخبيهم ....وحتي يمينهم المتطرف ....ومستوطنيهم ....والتاريخ حافل بما تحدثوا عنه .... مثال مستوطنة ياميت بسيناء والتي اعتبروها في تل أبيب ....وما تحدثوا عن مستوطنة كفار داروم في غزة باعتبارها جزء من اسرائيل ....واستذكر حادثة تاريخية ...عندما قال بن غوريون بالعام 56 بعد العدوان الثلاثي واحتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ....وفي ذات الليلة الشتوية وسقوط الامطار..... صرح بن غوريون أنه لن ينسحب من سيناء وغزة وان هذا أمر مستحيل ....واذ في صباح اليوم التالي انسحب الجيش الاسرائيلي .....ولم يجد اهالي غزة جيش الاحتلال ودباباته ....ليتم هذا الانسحاب الكامل الي حدود الهدنة من قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهذا ما يدلل على أن اسرائيل وساستها لا يؤخذ بتصريحاتهم المخادعة ....ولكن يؤخذ بما نمتلك من مقومات القوة والضغط السياسي الدولي ....لفرض شروط التسوية والحل وانهاء هذا الاحتلال ....وللأبد .
الكاتب :وفيق زنداح