قد تكون المعادلات الفلسفية والفكرية والسياسية ، قد ذابت مع ذوبان الجليد وحرارة الاحداث ووهجها وشدتها في الشرق الاوسط، فالمنهجيات الفكرية المختلفة قد لا تجد لها مكانا في هذه المناخات، وربما تلك المنهجيات قد تدرس لتعبر عن زمنها ولا تعبر عن الحاضر، فالشرق الاوسط تقوده رمال متحركة ربما من الصعب ان نفهم او نستقر على رأي او حكم اين ستستقر تلك الرمال، واين سترسوا تلك الحمم والبراكين.
المشارب الفكرية للراديكاليين واللبراليين والشيوعين والقوميين والاشتراكيين الديموقراطيين والاخوان والحركة الصهيونية تلك المناهج الفكرية والمذهبية قد وجدت نفسها الان امام تفريغ لمضمونها امام استحداث غريب وسريع لحركات جهادية مختلفة تنسف كل ما تقدم من تلك المناهج السابقة.
الاعداء بالامس فكريا ومنهجيا قد يتفقون، وعندها تسقط كثير من التناقضات فيما بينها، وقد يسود الوئام بالحد الادنى والقواسم المشتركة بينهم جميعا لحلف واحد امام متغير اتى بالتنظيمات الجهادية وعلى راسهم داعش من ناحية والتمدد الشيعي من ناحية اخرى.
فما عادت مذكرات انجلز وتعاليم ماركس ولينيين وترتوسكي والماوية والفكر التحرري لماو تسي تونج ولا جيفارا وكاستروا وحسن البنا وعبد الناصر والفكر الراسمالي بتنوعاته واصوله والديموقراطية والانتخابات والاحزاب قد تحدد سمت العلاقات والتداخلات في منطقة الشرق الاوسط بل يمكن ان يمتد تأثير المتغير لعمق اوروبا واسيا وافريقيا والامريكتين.
داعش التي بدأ بها الزرقاوي في الرض الرافدين امتدت الى سوريا وليبيا واليمن وسيناء وشمال لبنان وربما الصومال وبوكوحرام في نيجيرا وربما تخطو خطواتها للتاثير في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ولو بشكل محدود للان في مناطق فلسطينية محتلة تعبر عنها السلفية الجهادية وربما تمتد للشيشان والقوقاز.
ولكن هل هي داعش واحدة وان كانت البيعة هي العنوان بينهما..... اعتقد ان داعش ليست واحدة وان اتبعت نفس التكتيك والاليات الميدانية في مواجهة بعض الانظمة او اليات التغيير الميداني. فلكل تجمع منها له مناخاته الخاصة وظروفه واطروحاته، فداعش في العراق لها مناخاتها الخاصة وكما ورد ان كثير من قياداتها وعناصرها من الجيش العراقي السابق ومن حزب البعث وكما هو الحال في سوريا، ولطبيعة التغيير الذي اتى بطائفة الشيعة لحكم العراق، واستئصال للسنة من الحكم والخدمات المدنية ومؤسسات الدولة.....حيث جمد هؤلاء انتماءاتهم الحزبية والعودة لمرجعياتهم المذهبية، اما في سوريا فما زال حزب البحث وقيادته تعبر عن النظام ووحدة الدولة والشعب امام تمرد سني في مناطق مختلفة في سوريا ضد الدولة متجهين لعمل وحدوي مشارك سنة العراق لرسم جغرافيا سياسية للسنة مقابل جغرافيا سياسيية شيعية،في اليمن انتهى النظام القومي والوحدوي كما في ليبيا ولكن في اليمن فرز طبقي ومذهبي ايضا الحوثيين الذين ينتمون للمذهب الشيعي مع الجيش اليمني امام حركة الاخوان في اليمن والذي يعبر عنهم مذهبيا بالسنة، في ليبيا الامر يختلف ويكاد يشابه في الياته ما حدث في العراق لحركات التحرر الوطني ومقتل كل من الرئيس صدام والقذافي ولكن في ليبيا ايضا وبشكل مفاجيء اعلن عن داعش بمساندة القذاذفة وقبائل عربية تعود للموالاه لمعمر القذافي ولتنطلق داعش من مسقط رأس معمر القذافي وتستولي على ابار النفط كما حدث من داعش العراق واصبحت تهدد مدينة مصراته بؤرة التغيير والمواجهة مع معمر القذافي ويتزعمها الاخوان المسلمين.
قد تختلف التحالفات وقد تتحد ولكن قد يجمع الجميع بالاتفاق على مواجهة خطرين لقوتين متنافستين في منطقة الشرق الاوسط:
1- الدولة الاسلامية في ايران وتمددها في عمق الخريطة العربية وسيطرتها على مضائق الخليج
2- تمدد داعش في العراق والجزيرة العربية وتهديدها لدول الخليج وسيطرتها على منابع الطاقة سواء في المشرق العربي او شمال افريقيا ومحاولة سيطرتها على سيناء ومضايق الخليج
اذا ماكان متعارف عليه من صراعات وسجال واختلاف فكري بين اللبراليين والراديكاليين وتصنيفاتهم الفكرية والقوميين والشيوعيين والبعثيين والاخوان والحركة الصهيونية ووجود اسرائيل قد يتلاشى امام متغير داعش ، فقد تشكل جبهة واحدة لمحاربة ومقاومة الظاهرتين المذهبيتين فاسرائيل لم تعود عدوا لبعض المذاهب الفكرية ولو مرحليا... فهناك عدوا يهدد الجميع والارهاب هو عنوان المواجهة بين كل المشارب الفكرية.....فالمتطوعين لداعش من اوروبا واماكن مختلفة من العالم تنازلوا وحذفوا ما تعلموه من المدرسة اللبرالية والراديكالية كما هم تركوا احزابهم ومذاهبهم الفكرية من قوميين وبعثيين واخوان وشيوعيين واشتراكيين...
اذا المعادلات تغيرت والمنطقة تنسج معادلات جديدة تلغي حقبة من دوائر الصراع والتنافس وحقبة الدعوة للديموقراطية والانتخابات..... انها معادلات صعبة حقا
بقلم/ سميح خلف