ثمة قضايا لايمكن فصلها في التجربة الحركية والتي انعكست على واقعها ومن خلال منعطفات مرت فيها التجربة واوجه اتفاق واختلاف في الرؤيا الحركية لمستقبل العمل الوطني والحركة الوطنية الفلسطينية في ظل متغير اقليمي ومتغير ذاتي اضفى بظلاله على البعد الذاتي من حيث التكوين والمتجهات وما هو مهم وما هو مهم جدا ومن اي نبدأ.
قضايا محورية واساسية لمراحل التحول والتي بدأت مع الخروج من الساحة الاردنية والدخول في هيكلة التجييش والغاء جناح العاصفة الذراع الطولى للحركة ومنهجيتها ومبادئها واخلاقها التحررية الانسانية التي تعالج المشكل في الصراع والذي بني على اساس فرض القوة والبطش والترانسفير للشعب الفلسطيني ، تلك العقلية للمشروع الصهيوني والتي يجب ان نضع لها محددات المواجهة وماذا نريد ..؟؟ وماهو ممكن وما هو غير ممكن ...؟؟؟!! ومن هنا كان الخلاف والاختلاف في داخل الحركة ، وبفعل المؤثر الاقليمي اولا وقبل الدولي وما افرزته محارك اكتوبر والتي اعطت متجهات سياسية كان من المفروض ان تتعامل معها فتح ومنظمة التحرير ومن خلال قيادة استخدمت كل وسائلها للضغط في اتجاه الحل المرحلي وما يسمى النقاط العشر ، والتي استخدمت فيما بعد كجسر وعبور لكثير من التنازلات والتي بدأت بالاتصالات المباشرة والغير مباشرة مع الحزب الشيوعي الاسرائيلي وحركة السلام الان الاسرائيلية ، ومن ثم التعاطي مع قرار 242 و 338 التي اعترفت ووافقت عليه الدول العربية والجامعة العربية .
دخلت فتح عن طريق قيادتها في اكلسة قوات الثورة الفلسطينية واهمال التنظيم وتعزيز دور المليشيا في المخيمات اللبنانية على حساب التنظيم ومن ثم الدخول في التوازنات الداخلية للحركة عن طريق التوازن في وجود الاجهزة التي كانت كل منها تتبع لقائد تاريخي في حركة فتح .
اختوت حركة فتح في قياداتها على الحمائم والصقور وكان نصيب الصقور الاغتيالات ولصالح الحمائم وسيطرتهم على حركة فتح والقرار الحركي ، وفي حين ان الهيكل التنظيمي والحزبي لاسرائيل كان يتفق على تعاليم هرنزل وجولدامائير والنظرية الصهيونية يمينهم بيسارهم ، والمعالجات للصراع التي قدمها اليمين او الحمائم تم الحكم عليها من قيادات الصف الثاني ومبكرا بالفشل بل الدخول في مستنقع صعب الخروج منه ، توافق مع تلك المدرسة الحاكمة في فتح مظاهر البيروقراطية والفساد المالي والسلوكي والثقافي وتفكك التنظيم وظهور الصراعات من الهرم للقاعدة ، وبالتالي كان لدور المثقفين الثوريين والديموقراطيين صراع مع هذا التيار الجارف لكل شيء لفتح كثورة ولادبياتها ونظامها بل استخدام النظام في ظروف محددة ولمصلحة هذا التيار الذي رأى ضعف اطر فتح وتفككها والصراعات والمخاتير مظاهر لتثبيت الولاء ومن ثم الارتزاق .
امام تلك المناخات كانت المعارضة في فتح تتعرض للاقصاء والارهاب واكثر من ذلك ممن امتلكوا القرار ورأس المال ، ولم يبقى لفتح الا اسمها وكجسر لتلبية اغراض نهج بافاقه السياسية والامنية والاقتصادية ، عمل التيار الاصلاحي الديموقراطي في مساحات ضيقة امام تعسف من القيادة ومطالبا بالمحاسبة والرجوع للثورة وادبياتها ومناسكها ، وبالتالي حدثت الانشقاقات التي عارضناها بقوة والتي اتت من النهج الحاكم لتحديد ممرات للاصلاحيين للانشقاق وافساح الطريق لنهج الخروج عن الاصالة لفتح ، لقد استفاد النهج الحاكم من الانشقاقات مستخدما العجلة الاعلامية لتشويه مطالب الانشقاقيين وتشويههم على المستوى الشعبي واستفاد ايضا من تكميم الافواه لمن تبقى من الاصلاحيين في داخل فتح والجيش ، فمن كان يتحدث عن الاصلاح والمحاسبة كانت التهمة جاهزة انه """ منشق" ولذلك عارضنا من اجبروا على الانشقاق.
كان ابو جهاد وبعمق المدى والبصيرة ان يحافظ على الوجه الثوري لحركة فتح من خلال القطاع الغربي ومن خلال العمليات النوعية التي نفذها القطاع الغربي اما ابو اياد وبحنكته وبخبرته الفكرية والسياسية قد اقر الحل المرحلي ولكن من خلال حيثيات تستطيع فيها فتح والحركة الوطنية اقامة الدولة على اي جزء محرر ولكن لا يمكن ان يكتب على ابو اياد وابو جهاد ان يسيروا في اتجاه اوسلو ونهجها وقياداتها .
بلاشك ان اوسلو وثقافتها شوهت الثقافة الحركية وشوهت برنامجها ، فكانت اوسلو بمتجهاتها تعني ان يلتقمنا فم الحوت وهذا ماحدث فاسرائيل التهمت كل شيء ولم يعد الا نفس الاصلاحيين الثوريين لمجابهة تلك الرياح العاتية ، وما يوكل لهم من مهام حركية ووطنية وامتدادا للتيار الاصلاحي الديموقراطي في فتح والتاريخي وللحفاظ على فتح والحركة الوطنية الفلسطينية واعادة وجودها وفعاليتها في الصراع على اسس البرنامج الوطني المرحلي .
1-بطبيعة الحال والاخلاق الوطنية ان التيار الديموقراطي الاصلاحي يسعى لوحدة فتح وطاقاتها وبرنامجها على اسس وطنية ويستفيد من تجربة الفشل من خلال المفاوضات مع الاحتلال وحالة السقوط الامني لاحياء برنامج حركي خطوطه واضحة ومستعينا بالقاعدة الشعبية الوطنية لاحداث تغيير في برنامج الحركة وعلى اسس معادلة الربح والخسارة من كل الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال، ووحدة فتح تاتي بادراك هؤلاء المستنفعين من انقسام فتح ان يدركوا فشلهم وما هي تاثيراته على الايقونة الوطنية والرجوع للنظام في عقد المؤتمرات الحركية بدون محورة او استقطاب تحت طائلة التهديد بالارزاق ومن ثم عقد المؤتمر الحركي العام على اسس جغرافية وحركية سليمة وان يكون سيد نفسه وخارج الارض المحتلة .
وحرصا من التيار الديموقراطي الاصلاحي على وحدة فتح وخطورة الانقسام تجاوب التيار مع الوساطات للمصالحة واخرها المبادرة المصرية ولكن يبدو ان الاخرين سائرون في طريق الفشل للامام وغير ابهين بخطورة المرحلة ، او محاولة تحديد الخيارات والمتجهات للتيار الاصلاحي سعيا لاعلان الانشقاق والاستفادة من تلك الظاهرة على غرار الانشقاقات السابقة ، ولذلك يجب ان يفهم الجميع ان التيار الاصلاحي الديموقراطي في فتح تيار تاريخي يستمد وجوده عبر الاجيال والتراكمات وان تعثرت المصالحة قعليه ان يقيم مؤسساته التنظيمية والاعلامية والفكرية على قاعدة النظام وبرنامج منظمة التحرير فهو التيار الاصيل اما الاخرين فهم من تجنحوا عن فتح ببرنامجهم السياسي والامني والتنظيمي ولان هذا التيار يعبر عن كينونة فتح الصادقة وبالتالي مخاطبة القوى الفلسطينية والعربية ببرنامج سياسي واضح وبرنامج اعلامي واضح اساسه ادبيات فتح ونظرتها للصراع والمفاوضات والتنسيق الامني ومعادلة الربح والخسارة على ضوء فشل النهج الاقصائي لفتح .
2- قد نترجم ماهو مطلوب لتعزيز البنية الداخلية للتيار وصقلها اعتقد كلما اقتربنا من النظام نكون اكثر صدقا مع انفسنا ومع الاخرين في تحديد اطارات تنظيمية واضحة للتيار لكي نتلافى الصراعات وحالات المنفعية والمناطقية بل يسهل تنفيذ المهمات وضبط مياكنزمات الحركة والتوجهات وحصر مكامن الخلل ومن خلال انهاء مظاهر سلبية سابقة ادت للجمع بدون الكيف وانحدار الثقافة التنظيمية والحركية والوطنية ولذلك تحديد الاطر كفيل بانهاء تلك الظواهر لكي يتم البت في برنامج تعبوي تثقيفي وقكري ووطني ليفهم العضو اين مكانه وما هي واجباته وانضباطياته والتزامه ومن خلال مبدأ المركزية الديموقراطية واسس النقد البناء.
4-التيار الديموقراطي الاصلاحي هو من ايقونات المجتمع والحركة الوطنية وبالتالي معني بنسج علاقات وطنية مع كل القوى الاسلامية والوطنية ، فالمرحلة وتدارك مخاطرها تفرض على الجميع ان لا يكون حبيس الماضي فالمطلوب وطنيا اكبر بكثير من متعلقات الماضي ونحن جميعا على مفترق طرق ولذلك المطلوب التوافق مع حماس والجهاد والفصائل الاخرى على برنامج وطني ويجب ان لايتوقف الفعل على شكل العلاقة بين السلطة وحماس بل اريد ان اذهب الى ابعد يجب بلورة برنامج وطني بتعاون الجميع ولما يتوافر لغزة من خصائص بعيدا عن الاحتلال المباشر مما يعطي مفهوما ناجحا لاي مبادرة لبناء الحركة الوطنية بكل اركانها الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية لتكون غزة مستقبلا طليعة البرنامج التحرري ، وهنا لم نخرج عن مفهوم الحل المرحلي المقر من قبل منظمة التحرير الفلسطينية .
5-بخصوص المؤتمر الحركي السابع وفي ظل الانقسام الداخلي وعدم نجاح المصالحة وحالات الاستقطاب والتحكم في الارزاق لن يكون المؤتمر وعضويته معبر عن كل فتح وان حدثت المصالحة فاعتقد ان تمثيل التنظيم فضلا عن عملية الاختيار من اللجنة التحضيرية لن يكون ذو جدوى باحداث الحسم فالتنظيم لا يمثل 20% من اعضاء المؤتمر فهناك المكاتب الحركية والعسكريين والكفاءات الذين يتم اختيارهم على الفرازة ولذلك اذا لم تتم المصالحة الفتحاوية المبنية على اسس واضحة ولجنة تحضيرية تضم كافة الاتجاهات الفتحاوية، وان انعقد المؤتمر بدون ذلك فاعتقد انه مؤتمر فاشل سيعبر عن نهج مفضوح في الساحة ولن يعطي الجديد لحركة فتح وحضوره خسارة اكثر من الربح.
5- ان صرخة القدس وما تتعرض له من تعتيم اعلامي وحصار امني وعدم توفر حاضنة شعبية لانطلاقة هؤلاء الشباب يعتم على التيار بمنطلقاته الوطنية ان يوفر كل الامكانيات والعمل بين الجماهير لتوفير الارضية الشعبية الداعمة لصرخة القدس والعمل على بلورة برنامج سياسي اصلاحي طليعته هؤلاء الشباب فانتفاضة او صرخة بدون برنامج سياسي وبدون برنامج واضح ستذهب طاقات هؤلاء الشباب بدون مردود وطني ملموس يؤثر عاطفيا بدون منتوج سياسي او وطني بل قد يستغل الاحتلال هذه الثغرة لمصلحته على المستوى السياسي والامني والاعلامي .
بقلم/ سميح خلف