نحرص كما غيرنا في كل عام أن نكتب عن ذكري ثورة يوليو المجيدة .....وربما لا نضيف الجديد لكننا نؤكد المؤكد والثابت عبر الاجيال أن مصر العربية وعبر كافة محطاتها التاريخية لا زالت تمثل السند الحقيقي ...والداعم الرئيسي للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية.
كما لا زالت مصر تمثل بالنسبة لأمتنا القوة الحقيقية التي يمكن الارتكاز عليها لمواجهة كافة المخاطر المحدقة بنا .
ثورة يوليو المجيدة لا زالت تتفاعل بكافة نواحي الحياة المصرية ....كما وأحدثت التفاعلات الاقليمية الافريقية ....لأن هذه الذكري نجدد فيها الكثير مما يجب علينا عمله ...ونحدد على طريقها الكثير .....لأن ثورة المصريين في يوليو وقيادتها من قبل الضباط الاحرار والتعبير عن أهدافها وتطلعاتها من خلال ارادة المصريين والذين نادوا بالعدالة الاجتماعية ...ومحاربة الفساد والاستبداد والاستعمار ...كما ومحاربة الوجود البريطاني في منطقة القناة .....أنها ثورة حقيقية طالت كافة مناحي الحياة المصرية في مجال التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية ....كما طالت العديد من القوانين .....لدعم البنية الصناعية من خلال مشاريع استراتيجية أهمها الحديد والصلب .
تجمعت ارادة شعب مصر من خلال الضباط الأحرار ....ومن خلال شخصية قيادية ذات كاريزما يجمع عليها الكثيرين أن عبد الناصر الزعيم .....قد تعدي حدود مصر ليشكل بالنسبة للمنطقة ولحركات التحرر وللشعوب المناهضة للاستبداد والاستعمار أملا ومثال يحتذي به .
ثورة يوليو تجمعت فيها ارادة المصريين من خلال مجموعة من الاهداف ذات العلاقة بالعدالة الاجتماعية واستصلاح الاراضي ...وتوزيعها على الفلاحيين ....ومجانية التعليم والصحة ....واعتماد الدعم الحكومي للسلع الاساسية حتي يتناسب ومدخولات المواطن المصري .
مصر يوليو ...مصر ناصر ....غيرت مجري التاريخ ...ووجه المنطقة وأحدثت انقلابا في مخططات الاستعمار القديم ...كما أحدثت تغيرا ملحوظا وملموسا في سياسة التدخل بالشئون الداخلية للدول .....ثورة يوليو لم تتوقف على مواجهة القضايا الداخلية وعلى رأسها تأمين قناة السويس ....وبناء السد العالي ....واقامة المشاريع الاستراتيجية ....بل تعدت تلك الثورة الحدود السياسية لتتفاعل وتؤسس لمنظمة دول عدم الانحياز في مؤتمر باندونج بوجود الرؤساء ناصر وتيتو ونهرو ....ليحدث التحول في مواقف الدول وعلاقاتها .
مهما كتبنا وتحدثنا عن ثورة يوليو المجيدة فإننا لن ننصفها ونعطيها حقها ....لأنها ثورة قد جاءت في ظل ظروف اقليمية وعالمية ....في ظل حرب باردة ....وفي ظل تحالفات ومحاور استطاع فيها عبد الناصر أن يجتازها بكل قدرة واقتدار وبدعم شعب مصر وكافة الاحرار المؤمنين أن عبد الناصر وثورة مصر يوليو كانت تحول استراتيجي لمجريات المنطقة ...وأنها لم تقف عند حدود مصر بل تعدتها لدول وشعوب أخري امنوا بالفكرة ...وأدركوا مشاكلهم ..وطرق الحل لها .
ثورة يوليو والحديث عنها ....هو الحديث عن أجيال تلقوا تعليمهم الجامعي ...ومارسوا حياتهم داخل الحدود المصرية ...وتم التعامل معهم وكأنهم مصريون ..... اجيال عاشوا ثقافة قومية وطنية لا زالوا عليها ....ولا زالوا يدركون مساحة التآمر والمخططات التي تستهدفهم .
مميزات عديدة تحققت لنا ...نحن ابناء فلسطين عامة ....وأبناء قطاع غزة بصورة خاصة .....من خلال هذه الثورة المجيدة ....والتي تأكدت عبر كافة المحطات ومن خلال مواقف ثابتة لا تتغير ....لأن مصر وفلسطين يمثلان عمقا لبعضهما البعض ...كما أنهما يمثلان تاريخ مشترك ....لا يمكن تجاوزه أو العبث به أو التطاول عليه .
مصر وفلسطين تاريخ طويل من العلاقات الاخوية ....علاقات الاخوة والقرابة والنسب.... علاقة الدم والشهداء الذين سقطوا من أجل فلسطين من جنود مصر الابرار ....علاقة لا يوجد لها مثيل ...وأخص هنا سكان القطاع الذين تعلموا بالجامعات المصرية ....كما كانت مصر متنفسا لهم ....وبوابة الدخول والخروج للعالم الخارجي .
ثورة يوليو 52 ستبقي محفورة بالتاريخ المعاصر .....باعتبارها ثورة شعب أراد ان يقهر الظلم والاستبداد ....وأن يتطلع الي وطنه المعافي من كافة الشوائب ...حتي يتمكن هذا الوطن المصري من تجاوز المحن والمصاعب .
ثورة يوليو 52 سيبقي يكتب عنها الكثير ....ولن تأخذ حقها في ظل منعطفات تاريخية انعكست بالسلب على تلك الثورة وانجازاتها..... حتي جاءت ثورة الثلاثين من يونيو لتعدل المسار ...وتصحح المسيرة ...ولتؤكد أن مصر العربية ستبقي على عهدها ومحبتها لكل من وقف معها .....في لحظات المحن والمصاعب .
كل التحية لمصر ...ولشعبها ...وقيادتها بذكري ثورة يوليو متمنين لهذا البلد العربي المزيد من التقدم والامن والامان .
الكاتب : وفيق زنداح