معركة الاستيطان الصهيوني وسياسة تهويد القدس

بقلم: غادة طقاطقة

تندرج السياسة الاسرائيلية في ما يتعلق بالاستيطان، ، في إطارين، الأول بالسيطرة على الارض ، والثاني بموضوع السكان وهو الإطار الذي حسم قضية "توحيد" شطري المدينة، حيث أصبحت هناك أغلبية يهودية، فهاجس "الأغلبية" و"الأقلية" هو المحور الأساسي الذي يعمل عليه الإسرائيليون للسيطرة على المدينة، وهذه الاستراتيجية وضعت في عام 1860، عندما أقيمت أولى المستعمرات اليهودية في القدس الغربية، وهو العام الذي أطلق فيه برنامج للاستيطان البشري في فلسطين لم يكن على الاطلاق عشوائيًا، وأخص القدس الغربية، حيث بدأ اليهود بعملية "تثبيت أنفسهم" و"العمل العبري" من خلال إنشاء المؤسسات.

وهذا يؤكد ان الدولة الصهيونية لم تاتي فجأة ، بل كانت من خلال سياسية منظمة ومخططة منذ قرون .

كالمؤسسات الاستيطانية والصندوق القومي ومؤسسات تعليمية وغيرها من المؤسسات التي احكمت سيطرها على الارضي الفلسطيينة قبل قيام الكيان الصهيوني ، وهو تكتيك استراتيجي اسرائيلي بامتياز قائمة على الاقلاع والاحلال في المدينة.

اضافة الى سياسة مصادرة الاراضي الفلسطينية وتهجيرهم دون استثناء من شمالها الى جنوبها لتوسيع المخطط الاستيطاني ، وسحب الهويات وهدم المنازل ،حيث ان اسرائيل استغلت المصلحة العامة والذي سنّ ابان الانتداب البريطاني عام 1943 ، وقانون التنظيم والبناء لتقنين منح تراخيص البناء للفلسطينيين في القدس ، ما دفعهم الى اللجوء للبناء خارج حدود القدس وذلك لتسهيل سحب الهويات منهم و مصادرة الاراضي بهدف تحقيق المطامع الاستيطانية .

 

لم تاتي كل هذه التكتيكات والمخططات الصهيونية الا.. لتحقيق مشروع استيطاني ضخم (القدس الكبرى) عبر احاطة القدس بكتل استيطانية . ليس هذا فحسب بل تركز على البعد السياسي في قضية الاستيطان في مدينة القدس وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة وذلك بالتأكيد امام المجتمع الدولي ان القدس عاصمة اسرائيل حسب مزاعمها.

من جهة اخرى، تمثل الموجات الإستيطانية رسالة إلى الطرف الفلسطيني بأن المزيد من العمليات يعني المزيد من الإستيطان، وبالتالي توسيع نطاق تهويد الأرض.

وبمعادلة الربح والخسارة، يريد العدو الإيحاء بأن نتائج النهج المقاوم سترتب المزيد من التكلفة على الشعب الفلسطيني، بدلاً من أن يكون مصدر تهديد تعمل الدولة إلى تحويله إلى منبع لفرص إستيطانية.

وكانت الموجة الإستيطانية الأخيرة، وما سبقها، أحد أوجه تثمير المراوحة السياسية التي فرضتها الشروط التعجيزية الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية، التي حالت دون التوصل إلى إتفاق نهائي على القضايا العالقة بين الطرفين. فالمراوحة هدف لجهة تكريس الوضع القائم ومنع الإنتقال الى تسوية نهائية قبل إستكمال مخطط فرض الوقائع، وهي مدخل لتنفيذ هذا المخطط وصولاً إلى الواقع المؤمل إسرائيلياً منه، عبر الموجات الإستيطانية المتواصلة .

بحسب الأماكن التي شملتها الوحدات الإستيطانية، فهي تسعى إلى مواصلة سياسة تهويد القدس، وتحديداً القدس الشرقية، التي تأتي على رأس قائمة الأولويات الإسرائيلية. ومن جهة أخرى، شطباً لأي رهان أو إفتراض فلسطيني أنه يمكن في المستقبل تحقيق قدر من الشعار الذي ترفعه السلطة حول إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

وعن مصير القدس في ظل هذه المعطيات والمؤشرات ، نحتاج الى استراتيجية جدية ووقفة حقيقة لمواجهة الاستيطان في القدس وفي كل مكان من الاراضي الفلسطينية ، لأننا في حال بقينا، كما نحن الآن، سنصبح بقايا شعب في المستقبل القريب، وسنخسر المدينة. لقد فقدنا الأرض، لكننا ما زلنا موجودين دون راع.

بقلم ..غادة طقاطقة