"ما أصعب أن يتحول منزلك الجميل إلى سجن كبير، وأن تكون والدتك وعائلتك سجانين عليك، وأن تفقد تواصلك مع أصدقائك بالمدرسة ، ومع جيرانك وأقاربك، وشعورك بأن حياتك لا معنى لها"
سياسة الحبس المنزلي للأطفال المقدسيين :
الحبس المنزلي : هو عقوبة أكبر من السجن الفعلي التي نعرفها جميعاً فهي ليست خلف القضبان لأنها سياسة تقيد الطفل وأهله ، وتحرم الطفل من حقه في التعليم حتى أنه لا يسمح للمحامي بالتقدم للمحكمة بطلب إذن للسماح للطفل بالذهاب للمدرسة إلا بعد شهر ونصف من الحبس، وقد يرفض الطلب أيضا نحن نتكلم عزيزي القارىء عن الدولة الأولى في انتهاكات حقوق الإنسان وإلى الآن لا يوجد إحصاء دقيق لحالات الحبس المنزلي لأطفال القدس، لاسيما مع حدوثه بصفة شبه يومية ، والتهم الجاهزة هي مقاومة الاحتلال فقد اتخذ الاحتلال من هذا الإجراء قاعدة أساسية للتعامل مع الأطفال، وتحول من إجراء بديل إلى عقاب يمارس ضد الأطفال وأهاليهم لفترات طويلة قد تصل لعام كامل، لأنها سياسة لفرض واقع على المقدسيين ضمن محاولات "تهجيرهم" أو "تدجينهم" للتعامل مع الاحتلال على أنه واقع مقبول وكسر صمودهم.
أنواع الحبس المنزلي :
أولاُ : الحبس المنزلي في بيت الطفل: حيث أنه يفرض عليه الحبس المنزلي في بيته، حيث لا يستطيع الخروج منه بشكل مطلق حتى لو كان للمدرسة أو لتلقى العلاج إلا في حالات معينة تتطلب بالضرورة الحصول على إذن مسبق للخروج من سلطات الاحتلال، وفي حال خالف هذا الإجراء يتعرض لإجراءات عقابية وغرامات مالية تطال عائلته.
ثانياً : الحبس في منازل أقارب الطفل: بحيث يكون بعيداً عن منزله ومنطقة سكنه أي سلخ الطفل عن محيطه ، وهذا النوع أصعب من الأول حيث يشتت العائلة ويفرض على الطفل الحياة مع أشخاص لم يألف العيش بينهم بشكل مباشر، وهذا يسبب له الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية، خاصة إذا طالت المدة الزمنية لهذا الحبس .
أسباب لجوء سلطات الاحتلال لهذا النوع من الاجراء :
- استهداف الأطفال دون سن 14 عاماً، حيث لا يجيز القانون "الإسرائيلي" حبسهم، وخوفا من الانتقادات الدولية والمؤسسات الحقوقية.
- يعد من ضمن إجراءات إطالة مدة المحاكمة، فالقانون يجبر الأطراف ذات الصلة بإنهاء محكمة الطفل المعتقل حتى نهاية الإجراءات القضائية ضده خلال 6 شهور، إلا أن الاحتلال يقوم بفرض قرار بالحبس المنزلي لحين المحاكمة؛ وهو ما يعني إبقاء قضية الطفل في أروقة المحاكم لأطول فترة ترغب أجهزة مخابرات الاحتلال إبقاءها واستغلالها .
- كثافة حالات الاعتقال، واكتظاظ مراكز الاعتقال والتحقيق، يدفع الاحتلال إلى إصدار أوامر بالحبس المنزلي وهو ما يجعل الاحتلال يفرض عقوبات على أكبر عدد من الأطفال المقدسيين.
- في محاولة لخلق حالة من الخوف والردع في نفوس العائلات المقدسية لمنع أطفالها من مواجهة ممارسات الاحتلال، وكذلك محاولة التضييق أكثر على المقدسيين لدفعهم لقبول الواقع الاحتلالي.
الأعراض النفسية التي قد يصاب بها الطفل :
- الخوف العام : على سبيل المثال عندما يرى الطفل سيارة شرطة قريبة منه أو منزله والخوف الدائم من الاعتقال .
- صدمة في نفسية الطفل : تتعلق بتكرار الحدث في مخيلته وتصبح كشريط يتكرر لعديد من المرات
- شعور الطفل ببيته الذي يجب أن يشعر به بالأمان يصبح البيت بالنسبة إلى الطفل كسجن والسجان هو الاب والام .
- وقت طويل وأوقات فراغ مهدورة : قد تستغل في جوانب لا تصب في مصلحة الطفل كالإدمان على الانترنت وغيره .
- إنحدار في التحصيل العلمي للطفل وتسرب مدرسي : وذلك بمنع الطفل من قضاء وقت طويل في المدرسة ورفض سلطات الاحتلال تمديد وقت المكوث في المدرسة وقد يؤدي ذلك في نهاية الأمر إلى تسرب بعض الأطفال من التعليم.
- ضغوط اجتماعية واقتصادية تلقى على كاهل الأهل وخصوصاً إن كان الحكم بالإبعاد عن مكان سكنه فيجب على الأهل البحث عن بيت لأحد الأقارب أو الأصدقاء لاستضافة ابنهم فيه والمشكلة الأكبر إن طالت هذه الفترة
وأختم مقالتي هذه بأن الحديث عن التداعيات النفسية والنتائج السلبية سواء منها الأكاديمية أو الاجتماعية والتربوية والمسلكية أو حتى العقلية للأطفال الذين حكم عليهم بالحبس المنزلي تأخذ أبعاداً كثيرة ومتشعبة، ومع ذلك لا يمكن التقليل من شأن ما يصيب هؤلاء الأطفال داخل منازلهم وما يلحق بهم من أمراض نفسية مزمنة تلاحقهم في مسيرة حياتهم .
بقلم الأستاذ وسيم وني " اتحاد الصحافة العربية"