اود في مقالي هذا تسليط الضوء على مشكله عدم توفر الأدوية في مستشفيات ومستوصفات قطاع غزه مما يضطر المريض لشرائها بثمن جدا غالي من الصيدليات مع اننا نسمع بشكل متواصل عن وصول مساعدات من الضفة فيما يخص الا دويه لكن لا نراها عمليا ونسمع انه يتم بيعها للصيدليات التي تتولى ببيعها للمريض بأثمان غاليه.
حتى اوضح مدى ابتزازنا في قطاع غزه في موضوع الأدوية تحديدا سأعقد مقارنه مع الدول الاخرى:
• اقمت في جنوب افريقيا لسنوات، واستطيع ان اجزم انها اكثر الدول التي يتم بها ابتزاز المرضى في صحته حيث تمثل مهنه الطب فيها مهنه تجاريه بامتياز. في قضيه الأدوية تحديدا تجد ان الصيدليات من المحال ان تبيع دواء بما في ذلك اخف المضادات الحيوية الا بوصفه من طبيب بهدف اجبار المريض مراجعه الطبيب للحصول على الدواء. تبلغ كشفيه الطبيب هناك مبالغ خياليه تصل الى 1000 شيكل للاستشارة الطبية ويطالب المريض ان يدفعها نقدا ويضطر المريض الاشتراك بالتامين الصحي الخاص لمساعدته في تغطيه نفقات العلاج الا انه هناك حد جدا ضعيف للخدمات الطبية الخارجية كالاستشارات الطبية او الأدوية وتغطيه فقط لدى دخول المستشفى. ومن ثم يجد المريض انه يجب مراجعه الطبيب ودفع كشفيته الباهظة نقدا ليحصل فقط على وصفه لشراء الدواء. ثم يذهب للصيدلية لشراء الدواء بثمن باهض بتغطية من التامين الصحي او نقدا اذا انتهى الحد. اما الفقراء المواطنون من دون الاجانب فيعتمدون على المستشفيات الحكومية وبالغالب يحصلون على الأدوية بشكل مجاني بها مهما علت تكلفتها ، وتتوفر بالمستشفيات الحكومية معظم انواع الأدوية وفقط يطالب المريض بشراء الدواء من الخارج اذا لم انتهى في المخازن .
• اقمت في دوله خليجيه، وكنت اجد معظم الأدوية في المستوصفات او المستشفيات مجانيه مهما علا ثمنها بالخارج ولم اضطر ابدا لشراء أي دواء من الخارج. الا ان الدول الخليجية تمنح مجانيه العلاج فقط للمواطنين او الموظفين الاجانب في المؤسسات الحكوميه.
• اقمت في دوله أوربية والدول الأوربية معروف انها لا تمنح أي فيزا او اقامه الا بتامين صحي. و تجد التامين يغطيك بشكل مفتوح في جميع المستوصفات او المستشفيات او الصيدليات وتستطيع ان تشتري أي نوع من الدواء من خلاله. هناك ادويه لا تصرف الا بوصفه طبيه.
• اما مصر فاستطيع ان اقول انها من ارخص الدول في قطاع الأدوية ويستطيع المريض ان يحصل على أي دواء في الصيدليات بدون وصفه طبيه. ويحصل ايضا علي معظم الأدوية بسعر شبه مجاني في المستشفيات والمستوصفات الحكومية. ومن الملاحظ ان مصر لا تفرق بين مصري او فلسطيني في اعطاءه فرص علاج في المستشفيات الحكومية.
اما عندنا في قطاع غزه فالوضع جدا غريب مما يوحي ان هناك مافيا تتحكم بقطاع الأدوية في قطاع غزه. المستوصفات او المستشفيات لا يوجد بها الا الأدوية الرخيصة والبسيطه جدا. واضرب مثال ان المضاد الحيوي المتوفر فقط ال amoxilin بينما محال ان تجد بها المضادات القويه مثل zenaxim, Augmentin, azithromycin, clarithmycin فيضطر المريض ان يشتريها بسعر جدا غالي من الصيدليات مع انني كنت اجدها مجانيه في مستشفيات جميع الدول التي ذكرتها. الوكالة التي تتميز بانه يتوفر بها بعض الأدوية الاخرى لا تقدم خدماتها طبيه الا للاجئين بشكل عنصري. في احدى المرات بحثت عن مضاد حيوي اسمه rifampicin وكان سعره في مصر جدا رخيص ولم اجده في أي صيدليه وقالوا لي انه مقطوع وقد يتوفر في المستشفيات. سالت عنه بعض المستشفيات ولم اجده ايضا. وحتى لو وجدته من الصعب اقناع أي طبيب بوصفه تحديدا لان اطباءنا مهوسون بنفوذهم ولا يسمحون للمريض ان يملي عليهم ما يريد. وفي النهاية وجدته في مستودع ادويه بسعر اكثر من عشر اضعاف سعره بمصر والسبب الرئيسي لرفع سعره انه مقطوع. وقال لي الصيدلي ان هناك تعليمات من وزاره الصحه بعدم بيعه في الصيدليات وهم يأتون به بطرقهم الخاصة مع انه مجرد مضاد حيوي.
صدقا كمواطنه لم ازر أي مستوصف او مستشفى عام او خاص من سنتين. ليس لاني لا امرض، لكن اعرف سيناريو الاحداث جيدا. في المستوصفات لا يوجد اطباء متخصصين وسيتم وصف دواء بسيط امعروف للجميع استطيع ان اصفه لنفسي واشتريه من الصيدليه. اما في المستشفيات فستجد دكتور لا يهتم بالحاله ويصف مجموعه من الادويه الغاليه ويقول لك اشتريها من الخارج لانها غير متواجده بالمستشفى. اما في المستشفيات الخاصه تدفع كشفيه فقط من اجل ان يعاملك الطبيب معامله افضل ويعطيك وقت اكثر وسيرسلك لاجراء فحوصلت غاليه الثمن من مراكز خاصه وايضا يصف اليك مجموعه ادويه غاليه ويقول لك اشتريها من الخارج.
اسمع دائما مسئولي الصحة في رام الله يتساءلون اين تذهب الأدوية التي يرسلونها ؟؟ سؤالي لجميع المسئولين في غزه والضفه، اين تذهب الأدوية التي تأتي كتبرعات. لماذا لا نجدها في المستشفيات والمستوصفات . ؟؟ هل يتم بيعها للصيدليات واجبار المريض لشرائها بأضعاف ثمنها الحقيقي ؟؟ ارجو ان يكون هناك رقابه جاده وتنظيم على قطاع الأدوية في قطاع غزه.
سهيله عمر
[email protected]