إنتخابات المجالس المحليه على الأبواب وأصبحت الشُفل الشاغل للشارع الفلسطيني بكل شرائحه وأطيافه وأحزابه، حراك داخلي ومراقبه خارجيه إقليميه ودوليه هدفها معرفة النتائج وتوازن القوى الداخلي بعد عشر سنوات على آخر إنتخابات موحده...لكن السؤال المهم والذي يتداوله غالبية الشعب الفلسطيني، ويُطرح بقوة: إذا كان بالإمكان عقد إنتخابات محليه، لماذا لا تُعقد أيضا الإنتخابات التشريعيه والرئاسيه؟!!!
واضح أن الشعب الفلسطيني يرى أن صندوق الإقتراع هو الحكم والفيصل لأي خلاف حدث أو ممكن أن يحدث، وأن كل الحوارات وما نتج عنها من عشرات الأوراق والتي وِقّعت وسميت إتفاقات ووثائق ( الأسرى، مكه، القاهره، الدوحه، ثم القاهره، وبعدها غزة) ليست سوى حوارات تخص الفصائل وبالذات حركة "فتح" وحركة "حماس"، في حين الشعب يريد أن يحسم مواقفه ورؤيته من خلال صندوق الإقتراع وأنه هو الحكم النهائي صاحب السياده والقرار في تحديد مصيره وتحديد قيادته لفتره محدده قد يمددها وقد يُغيرها...المعنى أن عشر سنوات من الإنقسام المستمر صودرت خلالها إرادة هذا الشعب ولم يُسمح له بتحديد الخيارات الواجبه ووفقا للظروف المحيطه سببها المحاولات المستمره لتغييبه مُتعمدا وتحت عنوان الإنفسام.
حركة حماس أصرّت على تنفيذ الإتفاقات قبل إجراء أي إنتخابات، وها هيَ اليوم توافق على إجراء الإنتخابات المحليه دون أي إتفاق سوى على إجرائها، وهي من سيقوم عمليا بمتابعتها من خلال الشرطه التابعه لها في غزة ومن خلال المحاكم التي سَتنظر في الطعون وهي التي عينت قُضاها، والمشرفين على صناديق الإقتراع سيكونون من المعلمين الذين عينتهم حماس أيضا، وهي ستسمح بالرقابه المحليه والدوليه على الإنتخابات في كُلّ خطواتها من تسجيل وترشيح وطعن وإقتراع وفرز ومن ثم طعن على النتائج، وهذا جاء بموافقة لجنة الإنتخابات المركزيه والحكومه الفلسطينيه صاحبة الولاية الفعليه على الضفه الغربيه والإسميه على قطاع غزه.
إذا كان الحد الأدنى من الممكن قد تحقق وأدى لمشاركة جماهير "قطاع غزة" الحبيب الصامد في التحضير المستمر لإجراء الإنتخابات المحليه، لماذا لا يعلن عن تحديد موعد للإنتخابات التشريعيه والرئاسيه؟!!! خاصة أن طبيعة الإجراءات في أي إنتخابات بحجم المحليه تنطبق على غيرها، قد يقول البعض أن المحليه هي خدماتيه، وليست سياسيه وسياديه، وهذا في الواقع الفلسطيني ليس دقيقا، فمن يُشكل قوائم الإنتخابات المحليه هي الفصائل المختلفه ومن سيحشد لها جماهيره وأعضاءه هي الفصائل، كما أن الإنتخابات المحليه مهمة جدا لكل تجمع لأنها تمس بشكل مباشر مختلف التجمعات الكبيره والصغيره وفي كافة جوانبه الأساسيه، وهذا يعني تجديد القياده التي تُمثل كا موقع وتجمع، والتشريعيه والرئاسيه تُعبر عن موقف الشعب ككل من القياده السياسيه والتشريعيه والرقابيه التي يُريد، وإذا تحققت الإجراءات الخاصة بالإنتخابات المحليه، فغيرها يُصبح ليس وارداً بل مؤكد التحقيق.
إن الواقع الفلسطيني المنقسم فصائليا وليس شعبيا يَستدعي من أصحاب القرار تحديد موعد لتجديد الشرعيات، وإجراء إنتخابات تشريعيه ورئاسيه بعد أن سقطت كل المُبررات لعدم عقدها في ظِل هذا التوافق غير المكتوب على إجراء الإنتخابات المحليه، والشعب هو صاحب الولايه في إختيار من يُمثله لإنهاء الإنقسام الذي أساء إليه وإلى سمعته، لذلك على حركة "حماس" وقيادتها أن تعلن أنها توافق على إجراء إنتخابات تشريعيه ورئاسيه مثلما وافقت على المحليه، ولتكن الإجراءات الخاصة بالمحليه هي نفسها التي ستطبق على التشريعيه والرئاسيه، وعلى القياده الفلسطينيه أن تحدد موعد لإجراءها وإصدار مرسوم رئاسي بهذا الخصوص، فأهمية تجديد القياده السياسيه تفوق مثيلتها المحليه وتكون عنوان إنهاء هذا الإنقسام الذي أرهق المكون الفلسطيني أينما وجد.
الشعب يريد إجراء إنتخابات شامله تشريعيه ورئاسيه ومحليه، فهل سقطت الذرائع، أم لا يزال البعض لا يرى أكثر من حدود أنفه!!! وكما يُقال "الوقت ثروة" والإنتخابات بأشكالها المختلفه "حفظٌ للثروة"، ومن يريد رأي الشعب فلا يكون ذلك تدريجيا، فالحقيقه موجوده حيث صندوق الإقتراع، والإجراءات في الإنتخابات واحده مهما كانت التسميات، يقول الكاتب الرائع باولو كويلو " إن مملكه منقسمه على نفسها، لا تصمد في وجه غزوات العدو" لذلك " أحاول تفسير ما هو غير قابل للتفسير" لأنه مُفَسّر من ذاته، وعنوانه هناك "صندوق الإقتراع".
بقلم/ فراس ياغي