إذا كانت السياسة هي " فن الممكن " ، فالسؤال الذي يفرض نفسه في سياق ما تنتهجه السلطة الفلسطينية في تعاطيها مع الرؤى والمبادرات السياسية الدولية ، أين يكمن الممكن لديها ؟ .
الجواب على ذلك صعب ، ويزداد صعوبة خلال تقييم مواقف السلطة الفلسطينية ، بسبب ألا أحد يستطيع إدعاء معرفة أين هي السقوف السياسية العليا – إذا وجدت أصلاً !!! - ، وأين هي السقوف في حدودها الدنيا ، الواجب التوقف عندها بالنسبة لرئيس السلطة أو مفاوضيه . وفي عودة سريعة لأيام مضت ، نجد أن تعاطي السلطة وما طرحته من مواقف لا يستقيم القول أنها أي السلطة جادة فيما تطرح . فوزير خارجية السلطة رياض المالكي الذي ترأس الوفد نيابة عن رئيس السلطة السيد محمود عباس إلى قمة نواكشوط ، وخلال كلمته فجرّ قنبلة سياسية في قوله :- " أننا جادون بمقاضاة بريطانيا بسبب وعد بلفور في العام 1917 " .
وفي اللقاءين اللذين جمعا أبو مازن مع كل من وزيري الخارجية الأمريكي " جون كيري " ، والفرنسي " جان مارك أيرولت " في العاصمة الفرنسية . وفيما لم يصدر عن المجتمعين أي تصريح ، عقد كبير أمين سر منظمة التحرير صائب عريقات مؤتمراً صحفياً حول اللقاءين ، كاشفاً عن رسائل أربعة قد أوصلها رئيس السلطة لكل من " كيري وأيرولت " . الأولى التأكيد على الجهود السياسية المبذولة وتكامل المبادرتين الفرنسية والمصرية . وثانيها أن الإدارة الأمريكية ورغم الانشغال بالانتخابات الرئاسية لا تزال منخرطة في جهود السلام . وثالثها مطالبة أبو مازن بسقوف زمنية محددة ، إن لجهة استئناف المفاوضات أو جهة تنفيذ الاتفاقيات والجهة الدولية المشرفة على التنفيذ . أما الرسالة الرابعة رفض إدخال أية تعديلات على المبادرة العربية .
كلام المالكي والحديث عن رسائل أبو مازن الأربعة ، لم تجد طريقها إلى آذان الفلسطينيين ، والسبب أن شعبنا لم يعد يصدق تلك المواقف السياسية على كثرة التناقضات التي أوقعت السلطة نفسها والقضية الفلسطينية في دوامتها .
رامز مصطفى