في قصيده للشاعر الأموي نصر بن سيار بن رافع بن حري بن ربيعه الكنائي ( 46 – 131 هجري / 666 -748 ميلادي ) وهي من البحر الوافر وقال في مطلع قصيدته
أرى تحت الرماد وميض جمر = ويوشك أن يكون له ضرام
فإنّ النار بالعود تذكى = وإن الشرّ مبدؤُهُ كلام
فإن لم يطفئوها تجن حربا = مشمّرة يشيب لها الغلام
وقلت من التعجب ليت شعري = أأيقاظٌ أميّة أم نيام
فإن يقظت فذاك بقاء ملك = وإن رقدت فأنى لا ألام
فإن يك أصبحوا وثووا نياما = فقل قوموا فقد حان القيام
فغرّى عن رحالك ثم قولي = على الإسلام والعرب السلام
ونحن نستعرض أبيات الشاعر نصر سيار الذي كان من الدهاة والشجعان وكان قائدا مقداما وفتح حصونا وغنم مغانم كثيره وكانت قصيدته هذه تحذير من خطر قادم ينذر بكوارث تجعلنا وبحق نستحضر التاريخ لنحذر من بوادر فتة تهدد مستقبلنا ووجودنا على أرضنا وتجعلنا نصرخ وبأعلى صوتنا محذرين من فتنة تلوح في الافق وتدعونا نقول حافظوا على وحدتكم ايها الفتحاويون حافظوا على وطنكم أيها الفلسطينيون وحذاري من الانقسام الذي يهدد الجميع ويضعنا جميعا في قارب واحد فالخطر لن يستثني أحدا ولن يترك أحدا وهو يستهدفنا جميعا لصالح الاحتلال ومشروعه الاستيطاني وضد مشروعنا الوطني ونحن احوج ما نكون اليوم لوحدة الموقف ووحدة الصف لمواجهة خطر تصفية القضية الفلسطينية من خلال الخلافات التي تعصف في صفوفنا وان الخطر الذي يدهمنا هو خطر الإعلام الغوغائي الذي يهدف لخلق الفتنه وضرب وحدتنا عبر حرب الاشاعه التي تعد من اخطر الحروب التي تتهدد الشعوب والدول
نعم أيها الفتحاويون الشرفاء أصحاب المشروع الوطني أبناء الشهداء الذين قدموا الغالي والنفيس وقدموا دمائهم لتروي الأرض الفلسطينية وتروي الأرض العربية دفاعا عن أقدس واطهر وأنبل قضيه عرفتها الانسانيه في تاريخها الحديث قضيه فلسطين ، هاهم أبنائكم في السجون يخوضون معركة الكرامة والشرف في مواجهة ممارسات الاحتلال هم يضربون عن الطعام ضد المحتل أربعمائة أسير انضموا للإضراب دفاعا عن الحق والكرامة والحرية هؤلاء يستنجدون بأبناء شعبهم ويدعون للوحدة ويحذرون من الانزلاق للفتنه ويطلبون ويدعون لإعلام هادف ومسئول ضد العبث الإعلامي الذي تنبعث منه رائحة التحريض والفوضى في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للوحدة ولإعلام هادف وبناء .
وحين نقول إعلام هادف وبناء حيث يتطلب ذلك الفكرة السليمة والأسلوب الأمثل والوسيلة الجيدة ، ومتى تحققت هذه العوامل الثلاث وكانت في المستوى المطلوب ، استطاع الإعلام أن يكون رأيا عاما واعيا ، ونشير إلى هذه العوامل بايجاز :-
أولاً: الفكرة السليمة: كلّ عمل سليم يقوم به الإنسان يجب أن يكون وراءه فكرةٌ سليمة، حتى يكون ناجحاً ومثمراً، فالإعلام إذا أُريد أن يكون في المستوى المطلوب، فيجب أن يعبّر عن فكرة سليمة ويكون هدفه نبيلاً.
ثانياً: الأُسلوب الأمثل: قال تعالى:
(وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ... )
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(إنّا معاشر الأنبياء أمُرنا أن نكلِّم الناس على قدر عقولهم)
فهذه الآية الشريفة، وقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، حدّدت لنا الأُسس الصحيحة والسليمه في كيفية التعامل مع الناس، فكما أنّ للفكرة أهمية في نجاح مهمة الإعلام، فكذلك الأُسلوب الجيد، فيجب على مَن يتولى مهمة الإعلام أن تكون له دراية كافية في كيفية مخاطبة الناس وإقناعهم.
وإنّ هناك الكثير ممّن يحمل أفكاراً جيدة وسليمة، ولكن أُسلوبهم في التعامل مع الآخرين لا ينسجم مع الناس، فغالباً يكون مصيرهم الفشل، وهذا من أهم الأخطار التي تتهددنا جميعا ، فبعض القائمين على مؤسسات الإعلام والمواقع الاعلاميه يحملون أفكاراً جيدة، ولكن لا يملكون الأُسلوب المناسب في التعامل، مما يقودهم إلى الفشل في مهمتهم. والبعض يستغل هذه المواقع لتمرير أجندات تهدف لإفساد المجتمع ونشر ثقافة الحقد والبغضاء ونشر الفتن عبر حرب الإشاعة والبغضاء التي جسدتها تحذيرات أقوال الشاعر الأموي نصر بن سيار
لقد مرت الوسائل التي تستخدم كآلة لنشر الإعلام بمراحل مختلفة من عصر إلى آخر، ففي العصور الماضية، وإلى وقت قريب، كان يقع على الإنسان منفرداً مهمة الإعلام، أمّا في عصرنا هذا، عصر التطور الصناعي ونتيجة للطفرة العلمية التي حققها العالم، فإنّ الأجهزة الإلكترونية الحديثة والأقمار الصناعية، وكذلك النشرات الإعلامية والصحف، ساهم كلّ ذلك ساهم في رفع مستوى الإعلام وتطوره، وقد جاء في بعض الإحصائيات عن الصحف والصحافة بالأرقام: أنّ عدد الصحف في العالم سنة (1966م) بلغ (30) ألف صحيفة، وفي سنة (1968م) بلغت (50) ألف صحيفة، منها 8 آلاف يومية، تطبع (250) مليون نسخة.
هذا في الستينات أمّا اليوم فالتطور الإعلامي تضاعف أضعافاً كثيرة، وخصوصاً في العالم المتطور، والذي يهمّنا هنا من هذا الكلام وهذه الإحصائيات، هو جواب هذا التساؤل: أين يقع إعلامنا اليوم من هذا التطور الإعلامي الكبير؟. ولا شك أنّ إعلامنا العربي والفلسطيني تطوّر عما كان عليه سابقاً، وهذا شيء طبيعي نتيجة للتطور العلمي، ولكن لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب، رغم أننا نحمل فكراً وطنيا تحرريا ونحمل قضيه وطنيه وهي اعدل قضيه عرفها التاريخ الحديث قضية فلسطين والحقوق الوطنية وحق تقرير المصير ، لم نصل إلى المستوى المطلوب في إرسال رسالتنا ، لان استغلال البعض للاعلام لم يكن استغلالا سليما وان هذا البعض يستغل الإعلام لأهداف ومآرب ابتعدت عن صلب القضية الفلسطينية وهو إعلام مضلل يهدف للفتنه والنيل من عزيمة وصمود شعبنا الفلسطيني ، وهذا نتيجة أن بعض القائمين على الإعلام، وتخبطهم وتأثرهم باملاءات بعيده عن الرسالة الاعلاميه الهادفة والجامعة التي يجب أن تهتم بوحدة شعبنا الفلسطيني وفضح الاحتلال وممارساته وتعبئة شعبنا تعبئه وطنيه بعيده عن التعصب والانقسام وبعيده عن إثارة النعرات والتفرقة ونشر الحرب المضللة وغيرها التي هدفها تدمير مكونات شعبنا الفلسطيني ، وبالتالي يقودنا إلى تاثر شعبنا الفلسطيني بالأفكار التضليلية، التي تبثّها وسائل الإعلام التي أصبحت معاديه لشعبنا الفلسطيني مما أصبح يتطلب الحذر من الوقوع في فخ الفتنه والإعلام المضلل وحرب الإشاعة المغرضة المعادية.
بقلم/ علي ابوحبله