إنقاذ قطاع غزة

بقلم: علي بدوان

تُشير المُعطيات المنشورة من جانب الهيئات الدولية المُختصة إلى أن أرقام البطالة في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في ازدياد مُستمر، وقد تجاوزت 55 في المئة من نسبة القوة العاملة في الضفة الغربية، و64 في المئة في قطاع غزة. وأن جزءاً كبيراً من العائلات الفلسطينية يعيش تحت سقف الفقر، والفقر المدقع والبطالة، ويعتمد في مصادر قوته اليومي على الدعم المقدم له من مختلف الجهات الفلسطينية والدولية، ومنها وكالة "أونروا".

الحالة الاقتصادية الصعبة، تبدو صارخة في قطاع غزة أكثر منها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وذلك لأسباب موضوعية. فالقطاع مُحاصر منذ العام 2007. ومعبر رفح مُغلق معظم الأحيان، وهو شريان حياة القطاع مع الخارج. وهناك نحو مليون وثمانمائة ألف مواطن تقريباً في دائرة الحصار على مساحة من الأرض لا تزيد عن 366 كيلومتراً مربعاً، في منطقة هي الأكثر كثافة سكانية على وجه المعمورة.

وعليه، لإنقاذ قطاع غزة من الكارثة والمعاناة الإنسانية الهائلة اللتين يعيشهما واللتين تصيبان جميع أركانه ومواطنيه، ومن أجل توفير مقومات صموده وكسر الحصار الظالم، ينبغي أن يتحمل الجميع مسؤولياته، عبر إنهاء التجاذبات السياسية حول الخدمات الأساسية، وإنهاء السياسات الخاطئة تجاه قطاع غزة. وحل أزمة الكهرباء التي تفاقمت في الشهور الأخيرة من خلال الخطة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها بحضور اللجنة الوطنية للفصائل وسلطة الطاقة برام الله وشركة الكهرباء بغزة ووضعها موضع التنفيذ، لتجاوز هذه المعضلة الكارثية التي ألقت بظلالها على كافة مناحي الحياة، وصولاً الى الحلول الطويلة الأمد لهذه المشكلة.

وفي هذا المجال، فإن تشغيل معبر رفح بات أمراً لا بد منه، باعتباره أحد عناوين الأزمة في قطاع غزة. كذلك وضع حد للتهميش والظُلم الواقعين على القطاع على كل المستويات، وفي المقدمة الاهتمام بحل الأزمات المستعصية وتردي الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية الناتجة أصلاً من سنوات الحصار المُطبق على القطاع، وعن حالة الانقسام القائمة.

إن اللقاءات الفلسطينية المتكررة بين قيادات من حركتي "حماس" و "فتح"، يُفترض أنها ناقشت مسألة تصحيح سياسة السلطة الوطنية الفلسطينية تجاه القطاع، بإنصاف ضحايا الانقسام وإعطاء الأولوية لاعتماد شهداء 2014 ممن تنطبق عليهم معايير مؤسسة أسر الشهداء والجرحى وعددهم 2994 شهيداً. واعتماد موظفي أعوام ما بين 2005 و2007 والمقطوعة رواتبهم. وتأكيد اعتماد رواتب موظفي مؤسسات السلطة في القطاع والذين تم تعيينهم بعد عام 2007 وأعدادهم تقارب الأربعين ألف عامل وموظف، وذلك من جانب حكومة التوافق الوطني المنشودة. ومساواة موظفي وعاملي قطاع غزة بموظفي وعاملي الضفة الغربية في الحقوق والواجبات.

إن المعالجة الشاملة للحالة الفلسطينية، وطي ملف الانقسام، كفيلان بإيجاد الحلول للجزئيات والخلافات الثانوية وتجلياتها من تفاصيل الواقع الداخلي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والانتقال إلى رحاب الواقع الوطني العام، الذي هو الضحية الأساسية للانقسام.

وعليه، إن مؤشرات التفاؤل التي بدت الآن مع إمكانية مشاركة الجميع في الانتخابات البلدية المحلية يجب أن تُترجم على أرض الواقع بنتائج ملموسة، تُعيد ثقة الشارع وعموم الناس في فلسطين والشتات بالفصائل والقوى الفلسطينية وبدورها.

* كاتب فلسطيني