عادل المشوخي رئيساً !!

بقلم: أحمد الشقاقي

أثارني احد الزملاء بتغريدة تناول فيها ظاهرة عادل المشوخي وأشار إلي دور الإعلام الجديد في انتشار هذه الظاهرة بعد ان سجلت آخر أغانيه أرقاماً كبيرة في المتابعة من قبل الجمهور علي وسائل التواصل الاجتماعي.

هذه الظاهرة تستدعي الوقف عندها بشيء من العرض والتناول بعد ان دقت مؤشرات خطر على المستوي الثقافي بين الشباب، وعلى تراجع كبير في معايير الفن لنصل إلي ما دون المستوى المقبول، وذلك على حساب الكوميديا التي يسعى إلي تحقيقها علي حساب المضمون.

عادل السيد المشوخي وحسب ما أعلن لوسائل إعلام من مواليد 1984، يسكن مخيم الشابورة في مدينة رفح، صاحب تجربة بسلبياتها وبعض ايجابياتها تستحق الوقوف عندها بعد ان أصبحت ظاهرة يتناولها الرأي العام بنوع من السخرية والتهكم وان كانت بمستويات عالية من المتابعة.

أما ان كان النقاش سيذهب نحو المضمون في أغانيه الأخيرة فسنحصل علي صفر كبير، لكن الغرابة تكمن في ان المشوخي قدم مثلا مسرحية الطريق إلي جلعاد شاليط ،وفيلم المدمن، ومسلسلاً إذاعياً عبر صوت الاقصي «قوافل الشهداء»، وغيرها حسب تصريحاته، لكنه لم يحقق هذا الانتشار الذي يعيشه الآن مع الخبيزة والبنطلون !

هذه المفارقة تدفعنا للبحث في ما وراء ظاهرة المشوخي والتي سرعان ما تنتهي، ومن أهم ما يميز هذه الشخصية أنها ذات طموح وتسعى للشهرة والبحث عن سعادة الناس حسب ما يقول، ليصل طموحه إلى رغبة في الترشح إلى كرسي الرئاسة الفلسطينية لينافس سيادة الرئيس أبو مازن مثلا، أو مرشح حماس وفتح للانتخابات الرئاسية التي غابت عن المشهد منذ زمن.

هذا ما يدفعنا لتناول مجموعة من النقاط أهمها التساؤل عن دور فصائلنا الفلسطينية في تشجيع قدرات شبابنا وعن إسهامات سلطتنا الوطنية في الحفاظ على طاقات جيل يبحث عن راعٍ له. وعن موقع أندية ومراكز الدراسات والثقافة في عرض هويتنا الثقافية المميزة ونشرها بين شباب تعرض للتغييب ومورست بحقه أبشع أنواع الجريمة بفعل الانقسام والحصار.

يتخرج الشاب من الجامعة في غزة في الوضع الطبيعي بعد 22 عاماً، والمشوخي في هذا العمر، كانت فلسطين تعيش معه أولى سنوات انقسامها فلم يجد أمامه إلا بيئة منقسمة أضاعت الكثير من الجهد وألحقت أذى بليغاً بساحتنا الداخلية منها ما نحن بصدده: واقع ثقافة جيل شاب يتعرض للخطر من قبل العدو الذي يتحين الفرصة لتدمير النسيج المجتمعي الفلسطيني الذي نفتخر به.

وأجد تساؤلات تلاحقني ولأكتب عن مصير جيل من الشباب يعيش هذه الحالة من الفراغ لماذا يحقق الهابط من الفن هذه الأرقام من المتابعة؟ ولم نسمع مثلا عن قراءة لرواية عسل المرايا للكاتب نافذ أبو حسنة وهو يحدثنا عن عبد الرحمن ذلك اللاجئ الفلسطيني الذي يفتقد مشروعية الانتماء ويعاني اللجوء بكافة أشكاله في مركز ثقافي هنا أو هناك في محافظات الوطن أو عبر ساحات وسائل الإعلام الجديد !!

هنا المفارقة ... لا يمكن توجيه الاتهام إلى المشوخي بقدر ما يجب البحث في استجابة الجمهور ودوافع المتابعة السريعة، وثقته من ان كل الجمهور سيردد أغانيه. هو ذات الجمهور الذي يلبي نداء الشهادة في سبيل الوطن، وهي ذات البيئة التي خرجت آلاف الحفاظ لكتاب الله خلال السنوات الأخيرة. هذه المحددات وغيرها تعطينا أملا ان ظاهرة مثل هذه التي تفرض نفسها في وسائل الإعلام الجديد سرعان ما تنتهي، لكنها مساحة مناسبة لدق ناقوس الخطر لدى الجميع حتى لا ننزلق بالمشهد إلى ادنى مما وصل إليه.

مؤسساتنا الأكاديمية تحقق نجاحات لا يمكن تجاوزها، منها ان أصبحت جامعاتنا تقدم برامج للماجستير والدكتوراه ،عدا كونها تغطي اغلب التخصصات التي تقدمها الجامعات العربية. غير ان ملاحظة الغرض المادي أصبحت واضحة فيما عرف شعبيا بتجارة الجامعات وهو ما يستدعي تحركا مسئولا من الجميع لتحديد خطة إستراتيجية لأداء الجامعات بما يتناسب مع احتياجات السوق، فمن غير الطبيعي ان نرى مثلا ما يقارب 20 ألف خريج من الجامعات بقطاع غزة العام الماضي فقط دون توفير سوق للعمل لكل هذه الطاقة الشبابية التي سرعان ما ستجد في نصائح أولياء الأمور مجرد أوهام تنتهي مع اكتمال نضج الشباب.

المؤسسات الثقافية مطالبة بتعزيز نشاطها وان نري فئة الشباب في عين الاستهداف من قبلها، وان يتم استثمار هذه الطاقة بما يمكنها من تحقيق طموحها بعيدا عن حالة اليأس والعجز التي بدأت تتسرب إليهم.

فصائلنا الوطنية والإسلامية من قدمت للوطن خيرة شبابها، ورفعت شعار الوطن والمصلحة الوطنية، انتم مطالبون بتحقيق المصالحة الوطنية أولا. وتقديم برامج ورؤى وحلول لكيفية الخروج من أزمة الشباب التي نشهدها حاليا فهم وقود لتحقيق تطلعات شعبنا، لا تظلموهم ولا تتركوا لحالة اليأس ان تتمكن منهم ، فبكم سنتجاوز المحنة تحت مظلة الوطن الواحد والموحد.

وأخيرا إلى أولياء الأمور: انتم اللبنة الأولى وانتم أصحاب الأساس المهم الذي يبني المجتمع، حافظوا على أولادكم وعززوا قدر الإمكان من ثقة أبنائكم بتقاليد وثقافة مجتمعنا الإسلامية والعربية، وليتردد النشيد الوطني علي أفواه أبنائكم وليس الخبيزة والبنطلون كما يرجو آخرون.

وهمسة في آذان رواد الإعلام الجديد: انتم تملكون مساحة للتعبير، وأتاحت شبكة التواصل الاجتماعي فرصة لكم، فلنستغلها في تعزيز نجاح شبابي لنماذج مشرفة تشكل حافزا لغيرهم في طريق التحرير والبناء.

 

د. احمد الشقاقي