لصالح من انتخابات البلديات ؟ وما هي الأهداف الحقيقية؟ ولماذا خصصت أمريكا مائة مليون دولار؟!
لست من أنصار نظرية المؤامرة، ولكن ليعذرني دعاة الديمقراطية الزائفة في العالم العربي ونحن في فلسطين منها في المقدمة، الذين استلوا الأقلام والأفكار مقررين أن قرار الرئيس محمود عباس (أبو مازن) سيفعَل الديمقراطية بعد طول غياب واحتجاب، وأن قبول حماس بعد طول ممانعة سيقلع بالمركب الفلسطيني ديمقراطيا وهو غارق في وحل الانقسام وغياب البعد السياسي والوطني والوحدوي عن الساحة الفلسطينية، والغريب أن فصائل اليسار امتشقت الطبلة ودقي يا ربابة وفي تقديري لم يحسن دراسة الموقف إلا الجهاد الإسلامي الذي ابتعد عن الزفة، لأنه لا شيء حقيقي فلسطينيا فيما يجري وأعتقد أن هناك فرصة لشعب تحت الاحتلال أن يعيد تقييم التنظيمات من اليسار إلى اليمين ومن الإسلامي حتى العلماني.
وهنا نطرح السؤال من هو صاحب الأمر وما هو أهدافه الحقيقية؟ وهاكم اجتهادنا، تريد أمريكا وإسرائيل هذه الانتخابات لترى كيف سير الأمور على أرض الواقع وموازين القوى وكيفية تهيئة المسرح بعد الرئيس أبو مازن لاتخاذ قرار حول خلافته، ومن جهة أخرى إذا كان ميزان حماس ثقيلا في النجاح فهذا يقرب من فكرة إقامة إمارة أو دولة أو كيان في قطاع غزة وما يتبع ذلك من انعكاس على الكل الفلسطيني وخاصة في الضفة الغربية التي أجهز عليها الاستيطان تحت نظر السلطة والعالم أجمع .
ومن عنده فهَامة يفهمني الحنان الأمريكي المفاجئ لمنح مائة مليون دولار لقطاع غزة في ظل الاتفاق التركي الإسرائيلي ونشاط قطر، وكله يتم تحت إشراف الخواجا نتنياهو أليس كل هذا مؤشر على ما نقول والأيام بيننا كما يقول الصديق عبد الباري عطوان، ونعود إلى حديث الساعة أي الانتخابات فالشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع له أمنية لا يفصح عنها جهاراً ولكنها رغبة في أعماقه بالقصاص من حماس في غزة ومن السلطة في رام الله، وكل له أسبابه ففي غزة عشر سنوات من مصائب الحياة فلا كهرباء ولا مياه ولا عمل ولا سفر، فباختصار لا أمل وفي الضفة يرى أن السلطة يجب عقابها في صندوق انتخابات حتى لو كانت بلديات وأقل الأسباب التنسيق الأمني والفلتان الأمني والموت السياسي، ودعكم من مبادرات فرنسا أو غيرها فهناك كل الأمور بيد الرئيس برضا أمريكا وإسرائيل ونرى الحالة الاسمية المؤسفة لمنظمة التحرير والمجلس الوطني وتغييب نصف الشعب الفلسطيني وتجاهله في الشتات والمنافي ونظرة إلى من يتابع نشاط عواجيز اللجنة التنفيذية والمركزية مع الاحترام لهم، هل يستطيعوا أو يخرجوا من طور السلطة ويعيدوا الاعتبار للنضال الفلسطيني، أشك في ذلك.
وسؤال برسم الحالة لماذا لم تكن الانتخابات سياسية للرئاسة والمجلس التشريعي؟! والجواب عند عرب السنة وحلفائهم المذكورين أعلاه.
ونختم تبقى قضية فلسطين عصية على التصفية وتبقى غزة عصية على إدخالها بيت الطاعة للتخلي عن دورها التاريخي ونعيد ما قاله شاعر فلسطين ابن غزة معين بسيسو:
لا للذين باعوا واشتروا
خلخال غزة
لا للذين حطموا مرآة غزة
باعوا الشظايا واشتروا إوزة
أيتها الإوزة كفي عن الصياح لحظة
لتسمعي الف لا الف مرة
والمعنى موجه للجميع.
فريح أبو مدين
كاتب ووزير عدل فلسطيني سابق