وكالة وفا وحراك في المياه الراكدة!

بقلم: زهير الشاعر

مؤخراً خرج علينا المحرر السياسي لوكالة وفا كالعادة كلما كان هناك حالة من التحدي لمنظومة الرئيس الفلسطيني محمود عباس تستدعي دفاعات هجومية وموجهة ضد الخصوم المحليين، وخاصة فيما يتعلق بالمواقف ذات التأثير القوي والقبول والإلتفاف كما تم مع د. سلام فياض رئيس الوزراء ووزير المالية السابق وعضو المجلس التشريعي الحالي الذي يحظى بإحترام واسع بين أبناء شعبه ومن المجتمع الدولي وأصبحت رؤياه الوطنية تشق طريقها وتحشد إلتفافاً وطنياً حولها بالرغم من حالة القمع السائدة ، حيث أنها باتت تجد إحتراماً وصدى واسع في الشارع الفلسطيني، لذلك خرجت وكالة وفا للردح على لسان محررها السياسي لمحاربة كل مبادراته والتشكيك فيها.
لذلك ليس غريباً ما حصل بالأمس في حق محـمد رشيد المستشار الإقتصادي السابق للرئيس الراحل ياسر عرفات بغض النظر عن التوافق أو الخلاف المسموع حول الرجل الذي لا أعرفه شخصياً لا من قريب ولا من بعيد ولكني على يقين بأنه أصبح كغيره من الخصوم يستخدم كشماعة لهذه المرحلة يتم الهجوم عليها بشراسة للخروج من كثرة المأزق واحد تلو الأخر التي باتت تضيق الخناق على هذه المنظومة، كلما إستدعت الحاجة لذلك!.
فعلى سبيل المثال ومنذ أن طرح د. سلام فياض رؤية سياسية وطنية قبل عدة أسابيع تدعو للم الشمل الوطني وما تلاها من مأزق دخلت فيه القيادة الفلسطينية نتيجة توافق جميع الأطراف الفلسطينية على ضرورة إنعقاد الإنتخابات المحلية وما تزامن معها من موقف مسؤول للقيادي الفتحاوي محمـد دحلان الذي عبر عن إلتزامه وطنياً بمتطلبات نجاح هذه الإنتخابات وخاصة ما تراه حركة فتح لنجاحها، مما جعل القيادة الفلسطينية تعيش في حالة تخبط وقلق من المرحلة التي ستلي نتيجة هذه الإنتخابات إن عقدت بالفعل ولم توضع أمامها كثير من العثرات لمنع ذلك حيث أن مراهناتها على ردات فعل خصومها جميعها باءت بالفشل!.
منذ ذاك الحين وحتى يومنا هذا خرجت الأبواق الدخيلة على وكالة وفا من المرتزقة والمأجورين الذين يتبادلون الأدوار كل حسب ما هو مكلف به لإفشال أي جهد وطني يتعلق بلم الشمل وإنهاء ملف الإنقسام والسير قدماً في طريق المصالحة الوطنية كما في حالة من يحمل مسمى المحرر السياسي لوكالة وفا الذي هاجم تلك الرؤية الفياضية الوطنية وشكك فيها وإستخف بها لا بل كان عدوانياً بطريقة التعاطي مع ما جاء فيها، لأنها ببساطة رؤية وطنية جامعة تعمل على جمع شطري الوطن في سياق شراكة منطقية ، لا تفرض أجندة أي طرف ولا تقصي أحد وتؤسس لعمل وطني جامع يتجاوز حالة الخلاف وتلتف على مسببات الإنقسام وتطرح خطوات علاجية منطقية لتجاوز نتائجه المدمرة وتطالب بوضع خطة طموحة لإطلاق حالة من التوافق والإعمار لتحقق النمو والإزدهار.
حيث أنه وصف ما طرحه د. فياض بأنه محاولة فاشلة ويائسة ومشبوهة وتهدف للقضاء على الهوية الوطنية التي جسدها كفاح الشعب الفلسطيني لعشرات السنين، وكأن هذا المحرر السياسي الذي يمثل الرجل الخفي وهو العجوز العاجز يعمل ضمن منظومة لا تنام من أجل الحفاظ على الهوية الفلسطينية متجاهلاً حالة الإنفلات الأمني في الضفة بسبب قمع وفساد المنظومة الحاكمة التي ينتمي إليها نتيجة إدراكها بالرفض الشعبي لإستمراريتها في الحكم الذي تتسلبط على مقدراته وتتاجر بألامه وأوجاعه!.
أيضاً تطرق المحرر السياسي في حينه بوقاحة زائدة إلى أمر مدهش، عندما قال بأن العودة للحديث عن الهدنة ودولة ذات حدود مؤقتة يعني ببساطة التنازل عن القدس!، الأمر الذي سيؤدي إلى تهويدها!، متجاهلاً بذلك بأن الرئيس محمود عباس هو من دمر على مدى ما يزيد عن عشر سنوات عجاف من حكمه كل شئ حتى هذا الخيار لم يعد مجدياً أمام الحقائق التي أصبحت واقعاً، خاصة أن كل الدلائل تقول بأنه هو من يدفع بإتجاه ترسيخ إنفصال دائم بين شطري الوطن وهذه حقيقة تؤكدها الأفعال على الأرض !، كما تكشف حقيقة الأوهام التي باعها للشعب الفلسطيني والتي لا زال يحرص على أن يبيعها وكانت أخرها مسرحية محاكمة بريطانيا عن مسؤوليتها على وعد بلفور بدون رؤية ولا إستراتيجية أو دراسة قانونية مسبقة لهذا الطرح المثير للسخرية توضح إمكانية ذلك قانونياً من عدمه!.
هذا يأخذنا إلى مساق أخر في نفس السياق وهو، إن تم فحص سياساته المدمرة لحركة فتح بالتحديد وللقضية الفلسطينية بشكل عام سيتم الوصول لنتيجة حتمية أصبحت مفضوحة وواضحة كوضوح الشمس، وهي العمل المبرمج على تقزيم هذه الحركة من جهة وإستمرار بيع الوهم للشعب الفلسطيني من جهة أخرى ، ودلائل ذلك واضحة من تراكم الخسائر الدبلوماسية المتلاحقة وحجم فضائح الفساد المدوية التي تنهش كل يوم وكل ساعة من بقائه على رأس هذه المنظومة القمعية الفاسدة في جسد ومقومات المؤسسة الوطنية التي تعتبر الممثلة الوحيدة لقضية هذا الشعب، والتواطؤ والعجز أمام تغيير معالم مدينة القدس خلال فترة حكمه المنتهية والفاقدة للشرعية والتي باتت تمارس الحكم بأمر الواقع والعربدة على مواد القانون من خلال الإحتفاظ بزعران وسحيجة مرفوضين وطنياً وشعبياً ومشبوهين يوفرون الحماية لإستمراريتها!.
وهنا لابد من الإشارة إلى أنه قد أصبح واضحاً للعيان بأن تقسيم الضفة إلى كانتونات وخلق حالات إغتناء غير مسبوقة هو مصلحة وضيعة لإستمرار هذه المنظومة وهذا بات مفضوحاً لأنه يمثل تواطؤاً لهدف وغاية مبرمجة من منظومته الفاسدة التي تمارس فساداً هائل لم يوجد له مثيل من قبل في تاريخ القضية الفلسطينية، وهو الذي لا زال يتغنى كل يوم بالتنسيق الأمني المقدس ويتحدى مشاعر أبناء شعبه بذلك ، ومع ذلك يشكك في هذا وذاك ليبقي هذا الخداع وهذا الصراع طوقاً لنجاة منظومته التي تعيش أي مرحلتها الأخيرة!، ظناً منه أنه بذلك يستطيع أن يوفر لها شبكة الأمان لضمان البقاء في حكمه أطول فترة زمنية بعد أن تبين للقاصي والداني بأن شعبيته تدهورت للحد الأدنى ولم يعد له ولا لمنظومته مكانة وطنية!.
في النهاية أستطيع القول يقيناً بأنه كما لم يلجأ د . فياض للرد على ذاك الردح الوضيع والإنحدار في النص الصحافي الذي وجهه إليه ذاك المحرر السياسي لوكالة وفا، وإستمر بصمته كما عودنا بتعامله مع هذه المحاولات الخائبة التي تحاول النيل منه ومن مساعيه ومصداقيته بهدف الإيقاع به وجره للدخول في مستنقعهم القذر ، فإنه من الواجب على باقي الخصوم لملمة الجهود لكي لا يتركوا فرصة لهؤلاء الأقزام لجرهم لمشاكسات جانبية للفت الأنظار عن حقيقة دورهم المشبوه!.
لذلك في تقديري أنه قد حان الوقت لدق ساعة العمل الموحد بين كل مكونات قيادة الشعب الفلسطيني حتى يتم تجاوز وتغييب منظومة القمع هذه وفضحها محلياً وإقليمياً ودولياً لتحل مكانها منظومة منتخبة ديموقراطياً تعمل على إعادة الأمل وترميم ما تم تدميره إجتماعياً وسياسياً ووطنياً والبدء في حالة البناء والشروع في إرساء حالة من الأمن والأمان والتوجه لمفاوضات السلام العادل لخدمة شعوب المنطقة برمتها وليترك هذا المحرر البائس ووكالته التي باتت مأجورة عبيداً للمأمور منتهي الولاية وفاقد الشرعية ليتسلوا سوياً مع خزعبلاته في أيامه الأخيرة كلما إستدعت الحاجة لدفاعاته المتهالكة!.
تنويه : يبدو أن الحاج أسامة القواسمي الناطق بإسم حركة فتح يعيش حالة من الكوابيس نتيجة أفلام الرعب التي تعيشها المنظومة منتهية الولاية وفاقدة الشرعية التي ينتمي إليها في الأونة الأخيرة، جعلته يفتقر إلى القدرة على التمييز في توزيع التهم بين هذا وذاك ووصفهم بخفافيش الظلام ظناً منه أنه لا زال من عصافير الكناري!.

م . زهير الشاعر