في اليوم نفسه الذي أعلن فيه الرئيس السيسي أن القناعة لدى الجانب الإسرائيلي بأهمية السلام تتزايد، وأن الإسرائيليين يبحثون عن مخرج، وأن ذلك يعتبر مؤشراً إيجابياً، في اليوم نفسه نشرت وسائل الإعلام العبرية استطلاعاً للرأي جرى تنفيذه من قبل "معهد الديمقراطية الاسرائيلي" و "المركز الفلسطيني للأبحاث السياسية" بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وتشير نتائجه إلى عكس ما قاله السيسي لرؤساء الصحف المصرية، حيث أظهرت نتائج الاستطلاع أن 77% من الاسرائيليين يؤكدون على عدم وجود فرصة لقيام دولة فلسطينية خلال السنوات الخمس القادمة، ليؤكد 73% من الفلسطينيين انعدام الفرصة لقيام دولة فلسطينية خلال الفترة نفسها.
لقد أيد الإسرائيليون في استطلاع الرأي المذكور فكرة حل الدولتين بنسبة 53%، وهذه النسبة تمثل أغلبية في الدول الديمقراطية، وتشجع الداعين لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، ولكن المفاجأة كانت حين سئل الإسرائيليون عن رأيهم بحل الدولتين الذي سيتضمن قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، بالإضافة إلى عودة 100 الف لاجئ فلسطيني إلى بلادهم داخل دولة إسرائيل، مع شرط الانسحاب الاسرائيلي من الضفة الغربية، وتقسيم مدينة القدس، ومنح السيادة للجانب الفلسطيني على المسجد الاقصى، مقابل التوقيع على اتفاقية تنهي الصراع مع الفلسطينيين، وتنهي المطالب المتبادلة بين الطرفين، فكانت النتيجة أن 39% فقط من اليهود، يؤيدون الحل السابق رغم تواضعه، وفي الوقت نفسه لم يؤد الحل السابق إلا 39% فقط من الفلسطينيين، وهذا يعني أن 61% من اليهود ومن الفلسطينيين ليسوا مع الحلول المطروحة.
والأهم من كل ما سبق؛ من هم أولئك المؤيدين لحل الدولتين وفق الطرح السباق، والذي بلغت نسبتهم 39% بين أوساط اليهود، ونسبة 39% بين أوساط الفلسطينيين؟
لقد أظهر استطلاع الرأي أن 56% من المؤيدين للحل السابق هم من اليهود العلمانيين، وأن نسبة 57% من المؤيدين للحل السابق هم من الفلسطينيين الذين ينتمون لحركة فتح. وتلك النتائج تعكس تراجعاً فاضحاً في نسبة المؤيدين للعلمانيين في أوساط اليهود، وتعكس في الوقت نفسه تراجعاً واضحاً في نسبة المؤيدين لتنظيم حركة فتح.
من المؤكد أن نتانياهو يتابع استطلاعات الرأي، ويحترم إرادة المجتمع الإسرائيلي الذي منحه الثقة برئاسة الوزراء لفترة زمنية محدودة، وعليه فإن أي لقاء سيعقد بين عباس ونتانياهو في موسكو أو في القاهرة أو حتى في باريس، لن ينجم عنه أي نتائج تغاير نتائج استطلاعات الرأي التي تعبر عن مزاج المجتمع الإسرائيلي، وأزعم أن هذه النتائج بحد ذاتها تمثل رسالة إلى الرئيس السيسي، وإلى السيد عباس بضرورة التخلي عن عقد لقاءات ثنائية أو ثلاثية مع رئيس وزراء إسرائيل الذي يفتش عن نفسه داخل التجمعات اليهودية، ويفتش عن صوت الناخب الذي لن يثق به إلا إذا كانت لقاءاته الثنائية مع عباس لغاية إعلامية، لا ينتج عنها أي التزام فعلي بالانسحاب من الأراضي المحتلة، أو التخلي عن القدس، أو اقتلاع مستوطن واحد.
د. فايز أبو شمالة