الأقصى لن يبقى عربيا إسلاميا.. إذا صمتنا عن الانتهاكات الصهيونية بحقه!!

بقلم: سليم شراب

منذ أن أقدم الإرهابي الصهيوني اليهودي مايكل دينس روهان أسترالي الجنسية قبل 47 عاما على حرق محتويات المسجد الأقصى، وأتت النار على منبره الخشبي القديم المتميز الذي صنع في مدينة حلب وأهداه القائد البطل صلاح الدين الأيوبي إلى القدس.
وزعمت دولة الاحتلال الصهيوني حينها أن ذلك الشخص مايكل روهان " معتوه "
وبعد حرق المسجد الأقصى قالت غولدامائير وكانت آنذاك رئيسة الوزراء لهذا الكيان الاحتلالي:
" لقد حزنت.. وفرحت.. حزنت لأنني توقعت أن إسرائيل ستزول من الوجود وتحرق أي أن العرب والمسلمين سينتقمون ويحرقون إسرائيل وفرحت لأن ذلك لم يحدث بل الذي جرى هو الشجب والإدانة والاستنكار من العرب والمسلمين ومن العالم أيضاً.. وأولئك عهدي بهم وهذا لا يخيفنا.. فعرفت أن إسرائيل باقية وهذا سر فرحتي".
وما بين ذلك الوقت واليوم، يكون قد انقضى على احراق الاقصى سبعة وأربعون عاما كاملة، تحول فيه المشهد المقدسي بالكامل، من مشهد فلسطيني عربي، الى مشهد صهيوني مدجج بمعطيات وحقائق الامر الواقع التي تتحدث بنصوص توراتية، ونكاد نقول أن القدس تحت القبضة الصهيونية الاحتلالية بكاملها، وتحت وطأة الاجتياحات اليومية من قبل الجماعات اليهودية الارهابية المحمية بشرطة الاحتلال، بل وصلت الامور الى قلب الاقصى، والى المطالبة الصهيونية رسميا- وبدعم من جهات أمريكية في الكونغرس- بتقسيم الاقصى زمانيا على نمط ما هو مطبق في الحرم الابراهيمي الشريف، ما يعني أن الاقصى لن يكون عربيا اسلاميا، وان هويته لن تبقى عربية إسلامية.
ولم يكن الارهابي روهان ليقدم على فعلته الاجرامية لو لم تتكشف قبل ذلك، تلك العقلية اليهودية التدميرية مبكرا جدا على نحو خاص بعد العدوان والاحتلال عام 1967، حينما طلب الجنرال الحاخام شلومو غورن كبير حاخامات الجيش الصهيوني من الجنرال عوزي نركيس قائد المنطقة الوسطى في يوم احتلال القدس واقتحام الحرم القدسي الشريف عام 1967 - العمل على نسف الصخرة والمسجد الأقصى للتخلص منهما مرة واحدة وإلى الأبد.
والحقيقة الساطعة الملموسة أيضاً أن الحاخام اليهودي غورن لم ينفرد بهذه العقلية التدميرية ضد الأماكن المقدسة، حيث أن عدد رجال الدين الحاخامات اليهود الذين شاركوه أفكاره ومعتقداته ونواياه أو ساروا عليها لاحقاً، ضخم وقد تزايد وفرخ أعداداً أخرى وأخرى على مدى سنوات الاحتلال. فالنائب الإسرائيلي دافيد روتم أعلن " أنه على استعداد لوضع المتفجرات تحت المسجد الاقصى لتفجيره ومحوه عن بكرة ابيه ". وأضاف في " معاريف " العبرية " ان النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني ليس سياسيا ولا على الارض، انما هو صراع بين الديانة الاسلامية، التي لا تريدنا هنا، والديانة اليهودية التي تريد اسرائيل نقية من المسلمين». ويتكشف اليوم ان من أبرز المفارقات العجيبة الغريبة التي تهيمن على المشهد الفلسطيني بعد 47 عاما على احراق الاقصى المبارك وبعد 49 عاما على هزيمة حزيران واحتلال الضفة وغزة وسيناء والجولان، وبعد 68 وستين عاما على النكبة، ما يتعلق منها بوضع المدينة المقدسة التي تحظى دون غيرها نظريا واعلاميا وسياسيا ودينيا وروحيا- بالإجماع العربي الاسلامي على نحو خاص بانها جوهرة وسرة الامتين وعاصمتهما الدينية، فهذه المدينة تواجه تحديات استراتيجية تهدد بضياعها بالكامل. فتبين لنا معطيات المشهد المقدسي أن الذي يستثمر الزمن ويعمل على تغيير المعطيات ويبني حقائق الامرالواقع هو الاحتلال الصهيوني الذي لا يكل ولا يمل عن مواصلة العمل من اجل ما ان يطلق عليه: " اختلاق إسرائيل " واختلاق قدس يهودية " والواضح أن اسرائيل تستثمر " سكرة العرب وانشغالاتهم في حروبهم الداخلية وتفككهم وعجزهم المطلق عن العمل الحقيقي، كما تستثمر رضوخهم لـخيار ومؤتمرات السلام والتطبيع " من اجل احكام قبضتها على المشهد المقدسي برمته الى الابد.
للأسف مازالت مواقف الأنظمة العربية والإسلامية ضعيفة وهزيلة جدا ولا تتناسب مع خطورة ما يتعرض له الأقصى.. والأمر يتطلب تحركا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا واسعا وتسخير كل الطاقات والإمكانات للدفاع عن الأقصى وطرح القضية بكل جدية وقوة على كل المحافل الدولية وممارسة ضغوط على العدو من خلال حلفائه في أوروبا وأمريكا.. وتركيز الإعلام على الأقصى وما يتهدده.. ألا يستحق الأقصى أن تعقد له قمة عربية. وقمة إسلامية للتباحث في سبل الرد على العدوان الصهيوني.. وهو الذي كان العنوان الذي لأجله أسست منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي) بعد جريمة إحراقه في العام ١٩٦٨.. في ذلك العام كان إحراق الأقصى يتطلب قمة إسلامية وتأسيس منظمة دولية..
ان صمتنا لن يبقى الأقصى عربيا إسلاميا " اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد ".

بقلم / سليم على شراب