على هامش الأحداث المؤسفة التي تعصف بمدينة نابلس والتي تشير إلى بوادر صراع حول النفوذ من أجل السلطة والمال ، أشارت وكالات الأنباء إلى خبر يشرح الصدر في ظاهره ولكنه لربما غير ذلك في جوهره! ، حيث تسابقت الأطراف الرسمية المتعددة بطريقة طريفة لنسب هذا التقدم، إلى مجهوداتها الحثيثة المزعومة، والتي تناست أن تنسبها لواجباتها الوظيفية! ، حيث أن الساحة الفلسطينية باتت في حالة شغف لأن تسمع أي أخبار تتعلق بأي نوع من التسهيلات على حياة الناس التي باتت غائبة لفترة ليست قصيرة! ، فكان الإعلان عن بدء العمل بمنظومة جديدة تخص أهل قطاع غزة من الراغبين بزيارة المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ، وخاصة فيم يتعلق بتأشيرة الدخول إليها والتي تسمى بعدم ممانعة!، هو خبر مهم في ظل الفوضى الأمنية التي تجتاح مدينة نابلس وشدة الخوف والقلق من إنعكاسات هذه الفوضى على إستقرار باقي مدن الضفة الفلسطينية! .
الطريف أن عزام الشوا محافظ سلطة النقد، دخل في حالة سباق مع الأخرين على خط التصريحات السياسية للإعلان عن هذا التقدم في هذا الموضوع إن جاز التعبير حسب ظنهم، وذلك بطريقة شاذة عن المألوف ، حيث أن الأمر ليس له علاقة بصلاحياته أو إختصاصه! ، كما خرجت رئاسة الوزراء ببيان يقدر موقف الأردن الشقيق ويثمن موقف رئيس الوزراء الفلسطيني د. رامي الحمدالله من جهة والرئيس الفلسطيني محمود عباس من جهة أخرى على مجهوداتهما في تحريك هذا الموضوع ، في الوقت الذي تثور فيه مدينة نابلس مطالبة الرئيس بإقالة رئيس وزرائه في تناقض صارخ بين الواقع والحديث عن مثل هذا التقدم الذي عدم هماشياً وثانويناً مقارنة ومن المفترض أن لا يوجد في أي مشكلة من الأساس!.
بدون الدخول بتفاصيل ذلك ، بعد البحث والتدقيق في الأمر وجدنا أن معظم الأطراف الفلسطينية حتى ممن يحملون الصفة الإعتبارية والغير رسمية ممن يزورون الأردن يستغلون فرصة تواجدهم هناك للحديث مع القيادة الأردنية الهاشمية عن معاناة أهل قطاع غزة، ويحثونها على ضرورة إيجاد ألية تخفف من أعبائهم، وذلك من خلال السماح لهم بدخول المملكة الأردنية!، وهذا يتم بدون تسليط الإعلام على هذا الدور الإنساني والوطني المهم، حيث أن هذا السلوك ليس من واجباتهم المهنية بل هو يندرج تحت بند الواجب الوطني والإنساني!، فلماذا يتراقص الرسمييين على تقدم أو إنجاز إن جاز التعبير هنا أو هناك ، وهو من صلب مهام وظيفتهم بالرغم من أنه مزعوم! .
علماً بأنه تبين بأن هذه الألية الجديدة التي تسابقت هذه الأطراف للإعلان عنها بمن فيهم الغير معنية مهنياً بهذا الأمر أو ممن هو خارج إختصاصهم ، بأنها ألية تعتمد على تقديم طلب سواء في رام الله عبر الممثلية الاردنية أو في القاهرة من خلال السفارة الأردنية وبعد ذلك يتم البحث أمنياً حسب الأصول المعمول بها بالنسبة لهذا الملف، وذلك يتم في الأردن لمدة زمنية غير محددة وغير ملزمة ومن ثم تأتي الإجابة للمواطن الراغب بالسفر حسب الرد من الجهات الأمنية الأردنية المختصة وهذا ما كان يحصل سابقاً!، فلا أدري عن أي إنجاز كان يتحدث الرسميين الفلسطينيين؟!.
نستخلص من ذلك أن تراقص الفرحين بهذا التقدم لا يعدو سوى رقصة منشودة هم بحاجة مُلِحَة إليها ولكنا لا زالت تأتي على حساب أوجاع لا زالت مفتوحة وبالتالي هي رقصات خداع وسادية ليس فيها فرحة إنسانية!.
هذا يعيدنا إلى حكاية نابلس ، حيث أنه قبل عدة أيام صرح محافظ مدينة نابلس أكرم الرجوب تصريحات مثيرة حول إمكاينة إنعقاد الإنتخابات المحلية في قطاع غزة وشكك بإمكانية حصول ذلك أو حتى شفافيته!، شاغلا نفسه بغير إختصاصه، واليوم مدينته تبكي دماً نتيجة عنترياته ونتيجة تدخلاته ونتيجة خروجه عن الإلتزام بصلاحياته!، فبكت نابلس ولا زالت تبكي، وللتغطية على دموعها، بدأت المسارعة بالإعلان عن أخبار شقيقتها البائسة، غزة ، التي تتزامن جراحها مع جراح نابلس ظناً من مسوقي هذه الأخبار بأنها ستكون اللهاية السحرية في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة ، لأنها لربما تخص حكاية ظنوا أنها تخص عاهرة يحلو لهم ركوبها كلما إشتهاها الزناة، متجاهلين بذلك بأنها هي غزة عروس البحر وبأنها لازالت عفيفة ولم تخدش بكارتها بالرغم من تكالب القوادين من حولها وعليها!.
من هنا ، هذه هي رسالة نابلس الجريحة وغزة اليتيمة!، التي تقول بأنه قد حان الوقت لمراجعة النفس والتوقف عن سياسة الخداع والتظليل وأن يلتزم كل بإختصاصه، بدلاً من الإستخفاف بكرامة ومقدرات وطاقات هذا الشعب ، و أن يتم إختيار الرجل المناسب للمكان المناسب، وأن تعم العدالة ، ليعاقب من يخطئ ويتغول على حرمة دم وكرامة أبناء شعبه أو يحرض على حياتهم ، ظناً منه بأنه فوق القانون من خلال وظيفة يحسبها غنيمة مكتسبة أو ورثة ورثها، وليس مسؤولية يحملها ويخضع تحت طائلة مسؤولية مواد قانونها !، لأنه من دون ذلك ستكون العواقب وخيمة وسياسته فاشلة، لا تبني أوطان ولا تجلب أمن ولا أمان ولا تؤسس لسلام ولا تساهم في بناء أجيال!،
م . زهير الشاعر
[email protected]